نقابة الأطباء: المستشفيات «تحتجز» أتعابنا

500 طبيب أرغموا على ترك البلاد أخيراً. جاهد هؤلاء كثيراً للبقاء قبل اتخاذ خيار الرحيل الذي فرضته جملة أسباب كانت الأزمة المالية الاقتصادية خاتمتها. في نقابة الأطباء في بيروت وحدها (من دون طرابلس)، سُجلت نحو 500 إفادة «ترك عمل» بنية السفر إلى الخارج. وهذه أرقام «تقريبية»، على ما يقول نقيب الأطباء الدكتور شرف أبو شرف، لأن كثيرين من الأطباء يغادرون بلا تلك الإفادة، علماً بأن العدد المسجل إلى الآن لن يكون نهائياً، إذ يتوقع مع اشتداد الأزمة أن يسير آخرون في الخيار نفسه.

كانت الأزمة المالية القشة التي قصمت «ظهور الأطباء»، لكنها لم تكن السبب الرئيس. فشكوى الأطباء المستمرة منذ سنوات طويلة، ولعلها الأساس في خياراتهم، هي بدلات أتعابهم، سواء في المراكز الطبية أو المستشفيات، أو ما يتعلق بشيخوختهم، حيث تغيب الضمانات. وهذه، بالنسبة إليهم، عوامل كافية للبحث عن بدائل أخرى خارج البلاد. وقد تعززت هذه الهجرة في السنتين الأخيرتين، وتضاعفت مع انتشار فيروس كورونا وإقفال البلاد، ما باتت معه الاستشارات «أونلاين». ونتج من ذلك إقفال كثير من العيادات، بعدما فقد الأطباء مقومات البقاء. ولئن بقي لهم في تلك الفترة عملهم في المستشفيات، إلا أن حتى هذا الخيار لم يعد يفي بالغرض بسبب التأخير في دفع مستحقاتهم. وقد وضعت هذه النقطة الأخيرة على طاولة النقاش خلال اللقاء الذي جمع الأسبوع الماضي نقابة الأطباء والمستشفيات والجهات الضامنة، لناحية عدم التزام الجهات الضامنة بتطبيق قانون «فصل الأتعاب» الذي ينص على فصل أتعاب الأطباء عن المستشفيات. خلال اللقاء، رأى أبو شرف أن «وزارة الصحة هي الوحيدة التي التزمت بتطبيق القانون، حيث تحال أتعاب الأطباء منفردة إلى حساب الطبيب في المصرف، على عكس بقية الجهات الضامنة التي تحيل جدول أتعاب الأطباء ومستحقات المستشفيات إلى اللجان الطبية أو المستشفيات، على أن يصرفها هؤلاء للأطباء». ووجّه أبو شرف أصابع الاتهام مباشرة إلى المستشفيات، انطلاقاً من «الضغط على اللجان الطبية أو بالتواطؤ معها، حيث يتأخر دفع أتعابنا كثيراً»، معرباً عن اقتناعه بأن «المستشفيات مستفيدة من هذا التأخير من خلال حصولها على فوائد على الأموال». وقال أبو شرف لـ«الأخبار» إنه يطالب دائماً الأطباء بتقديم شكاوى، «إلا أنهم يخافون من خسارة عملهم».

في المقابل، تؤكد نقابة أصحاب المستشفيات أن ما يقال عن تواطؤ بين اللجان الطبية والمستشفيات «أمر غير منطقي». ويلفت النقيب سليمان هارون الى أن «اللجان التي نتّهم بالتواطؤ معها تُنتخب من قبل الأطباء وبإشراف نقابة الأطباء». لذلك، «لوموا أنفسكم أنكم أوصلتم هيك بضاعة على اللجان».

بين الاتهامات المتبادلة، يضيع قانون فصل الأتعاب. وكان ممثلو الجهات الضامنة ــــ من ضمان اجتماعي إلى تعاونية موظفي الدولة والقوى الأمنية والجيش ــــ قد اعترفوا خلال اللقاء بعدم قدرتهم على التطبيق «الحرفي» للنص القانوني لاعتبارات عدة، منها الحاجة إلى المكننة والعديد للقيام بهذه المهمة. ولتجنيب هؤلاء عناء البدء من «الصفر»، اقترح هارون «التعاون مع وزارة الصحة العامة من خلال تطبيق البرنامج نفسه (software) لفصل الأتعاب بدلاً من أن تنشغل كل جهة بتحضير برنامج خاص بها».

ويتبع هذا الاقتراح اقتراح آخر تطالب المستشفيات بضرورة تنفيذه لتنفض عنها التهم المتعلقة بحبس مستحقات الأطباء. وبحسب هارون، يقضي هذا الاقتراح «بإبرام عقود مباشرة بين الأطباء والجهات الضامنة بما يعفي النقابة من تبعات المخالفات التي قد يرتكبها الأطباء، وبحيث يمكن للجهات الضامنة ضبط هؤلاء».

مصدرجريدة الأخبار - راجانا حمية
المادة السابقةواشنطن تفرض رسوماً جمركية جديدة على منتجات فرنسية وألمانية
المقالة القادمةماذا ينتظر روسيا في 2021؟