“نقف جنباً الى جنب مع مؤسسات الإنتاج الوطني لحماية الأمن الغذائي والصحّيّ”
هاني: نسعى الى تحويل الزراعة الى قطاع مُنتج ومستدام يُشكّل رافعة للاقتصاد الوطني
عمليّة الدعم تُبنى على ملفات مُوثقة ميدانياً بما يضمن العدالة في إيصال المساعدات الى مُستحقيها
يشكل القطاع الزراعي في لبنان حوالى 9% من الناتج المحلي الإجمالي، وما بين 3-5 % من الناتج القومي، و4.1% من إجمالي العمالة في لبنان، وهو مصدر رئيسي للتوظيف والدخل لجزء كبير من السكان في المناطق الريفية، حيث تشير التقديرات إلى أن الزراعة وقطاع الصناعات الغذائية الزراعية يساهمان بما يصل إلى 80 في المائة من الاقتصاد المحلي.
إلا أن القطاع الزراعي هو من أكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً وتضرراً بالأزمات المتتالية التي مرت وتمر على لبنان، بدءاً من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان منذ العام 2019، مروراً بالتغيرات المناخية و شح الأمطار، وصولاً إلى الحرب الإسرائيلية المدمرة، والتي ما زالت مستمرة حتى الآن، بالرغم من وقف إطلاق النار سيما في منطقة الجنوب.
“الديار” أجرت هذا الحوار مع وزير الزراعة الدكتور نزار هاني، حول واقع القطاع الزراعي، وابرز التحديات والمشاكل التي يعاني منها القطاع والمزارعون، وخطة الوزارة لدعم القطاع و المزارعين، إضافةً إلى التعويضات للمزارعين الذين تضرروا من الحرب، وخسائر القطاع الزراعي من جراء الحرب.
*كيف تصفون واقع القطاع الزراعي بعد حوالى ثمانية أشهر على توليكم وزارة الزراعة؟
– القطاع الزراعي في لبنان والعالم يواجه تحديات التغيرات المناخية وقلة الأمطار، بالإضافة إلى الاعتداءات الاسرائيلية وضيق الأسواق، بسبب عدم عودة العلاقات التجارية مع بعض الدول وبخاصة السعودية. والزراعة في لبنان تمتلك مقومات إنتاجية وبيئية واقتصادية كبيرة يمكن البناء عليها، بفضل تنوّع المناخ والمناطق الزراعية، وتعدّد الموارد من المحاصيل والثروة الحيوانية والبحرية.
منذ تسلّمي الوزارة اعتمدنا مقاربة مزدوجة تقوم على:
1ـ الاستجابة الطارئة لمواجهة تداعيات الأزمات، عبر حصر الأضرار بدقة، وتفعيل برامج الإغاثة والتعويض بالتعاون مع الشركاء، والعمل على إنشاء الصندوق الوطني لإدارة الكوارث الزراعية.
2ـ التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة، من خلال تنفيذ الاستراتيجية الزراعية PPP (People, Planet, Prosperity) 2026–2035، التي تركّز على تعزيز الإنتاج المحلي والسيادة الغذائية، الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، التحوّل نحو الاقتصاد الأخضر، ودعم الابتكار والتكنولوجيا الزراعية.
كما أطلقت الوزارة حوارا تنسيقيا مع الشركاء الوطنيين والدوليين لوضع خارطة طريق تنفيذية قابلة للقياس، تهدف إلى زيادة الاكتفاء الذاتي، رفع الصادرات، وتوسيع مساحة الزراعة المستدامة. باختصار، نسعى إلى تحويل الزراعة إلى قطاع منتج ومستدام يشكّل رافعة للاقتصاد الوطني ونبضا للأرض والحياة”.
التحديات والمشاكل
*ما هي أبرز التحديات والمشاكل التي يعاني منها القطاع الزراعي والمزارعون؟
– القطاع الزراعي يواجه اليوم مجموعة تحديات متشابكة، أبرزها الأضرار المباشرة وغير المباشرة الناتجة من الحرب والتصعيد الأمني، التي أصابت المحاصيل والبنى التحتية الزراعية والمحميات والغابات، وبلغت خسائرها وفق التقديرات الأولية مئات ملايين الدولارات، مع صعوبة في التقييم الميداني الشامل.
وإلى جانب ذلك يعاني المزارعون من ارتفاع كلفة مدخلات الإنتاج (بذور، أسمدة، أعلاف، وطاقة) وانقطاع سلاسل الإمداد، ما أدى إلى تراجع الإنتاجية وارتفاع الأسعار. كما أدت الأوضاع الاقتصادية والأمنية إلى نزوح وهجرة عدد كبير من المزارعين وهجران الأراضي، ما يهدد الاستقرار الريفي والأمن الغذائي المحلي، يُضاف إلى ذلك ضعف البنية التحتية للري وإدارة المياه وغياب سياسات استثمارية واضحة، ما يستدعي إصلاحاً مؤسسياً عاجلاً، ومن هنا، تعمل الوزارة ضمن الاستراتيجية الزراعية 2026–2035 ، على تحويل هذه التحديات إلى فرص من خلال تحسين كفاءة الإنتاج، وتطوير الزراعة الذكية والمستدامة، وتعزيز دعم المزارعين والمناطق الريفية”.
*ما الذي تقومون به لدعم القطاع والمزارعين؟ وما هي خطة الوزارة في هذا الخصوص؟
– خطة الوزارة تقوم على مقاربة متكاملة تجمع بين التدخل الطارئ والإصلاح البنيوي.
• من جهة، نعمل على تعويض المزارعين المتضررين، وتأمين دعم مباشر لهم عبر برامج إغاثة، قسائم أعلاف، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية، بالتعاون مع شركائنا الدوليين.
• أطلقنا الحملة الوطنية لإعادة تنشيط القطاع الزراعي – “الزراعة نبض الأرض والحياة” لدعم الإنتاج المحلي وتعزيز التسويق وتطوير مهارات المزارعين.
ذاكرة تُمحى بصفقات السياسة: دمشق تشطب 6 أيار وتشرين لإرضاء تركيا و«إسرائيل»
كنعان يُثبّت زعامته المتنيّة… ويضع الإنتخابات على سكّة التحالفات حشد يفوق 3000 متني في عشاء “الحبتور”… والمعادلة المتنيّة الى تبدّل كبير في 2026
• على المدى المتوسط نعمل على تنفيذ خارطة طريق إصلاحية، ترتكز على خطة تحول نظم الغذاء والاستراتيجية الوطنية الزراعية، لتحديث الإنتاج وإنشاء بنك وطني للبذور وتعزيز سلاسل القيمة المحلية.
•وختاماً، نفعّل التنسيق مع البنك الدولي والمانحين، لتأمين تمويل مستدام لبرامج الدعم وإعادة الإعمار.
التعويضات
*هل باشرتم تقديم التعويضات للمزارعين الذين تضرروا من الحرب؟ وكم تبلغ خسائر القطاع الزراعي؟
– بدأت وزارة الزراعة تقديم بعض المساعدات من خلال المشاريع القائمة، على أن تتضاعف هذه العملية في المرحلة المقبلة، للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المستفيدين. وكانت الوزارة قد نفّذت خطة عمل ميدانية شاملة لتحديد المتضررين وتصنيف الأضرار بدقة ـ سواء على مستوى المحاصيل أو البنى التحتية الزراعية أو الثروة الحيوانية ـ تمهيدا لفتح صناديق دعم وتوزيع تعويضات مبدئية، بالتعاون مع البلديات والهيئات المحلية والشركاء الدوليين.
وتُبنى عملية الدعم على ملفات موثقة ميدانيا، بما يضمن العدالة والشفافية في إيصال المساعدات إلى مستحقيها.
أما بالنسبة إلى حجم الخسائر الزراعية فالتقديرات تتفاوت وفق المصدر والفترة الزمنية، بعض التقديرات الحكومية والإعلامية تشير إلى خسائر، قد تتجاوز مليار دولار منذ بداية التصعيد، بينما تقدر تقييمات أولية أخرى الخسائر المباشرة بحوالى 800 مليون دولار، مع احتمال ارتفاعها تبعاً لاتساع رقعة الأضرار واستمرار العمليات. والوزارة تعمل حالياً على توحيد منهجية التقييم الميداني، لإصدار تقرير وطني رسمي وموثوق به كأساس، لتعبئة الدعم المالي المحلي والدولي، وإطلاق برامج إعادة الإعمار الزراعي.
سياسة الوزارة بالنسبة للمحميات
*ما هي سياسة وزارة الزراعة بالنسبة للمحميات؟ وما هي أهميتها؟
– المحميات الطبيعية تُعدّ أحد أهم ركائز الأمن البيئي والغذائي في لبنان، إذ تشكّل خط الدفاع الأول عن التنوّع البيولوجي وخدمات الأنظمة الإيكولوجية ـ من حماية موارد المياه والتربة، إلى تعزيز مقاومة الانجراف والتصحر، فضلاً عن كونها مخزوناً وراثياً قيّماً للمحاصيل والنباتات المحلية. ورغم أن الإشراف القانوني على المحميات يعود إلى وزارة البيئة، فإن وزارة الزراعة تتعامل معها كمنظومة تكاملية مع السياسات الزراعية والريفية، خصوصاً لدعم المناطق المحيطة بالمحميات، وتمكين المجتمعات المحلية من إدارتها واستثمارها بشكل مستدام.
تعتمد سياستنا على نهج تكاملي ثلاثي الأبعاد:
1ـ الحماية والتقوية: التعاون مع وزارة البيئة والبلديات والجمعيات البيئية، لتثبيت الحماية الإدارية والعلمية للمحميات.
2ـ الدمج في التنمية المحلية: دعم المبادرات والحوكمة المجتمعية، وتطوير مشاريع السياحة البيئية والمراعي المُدارة.
3ـ التوسع والاستدامة: إنشاء ممرات بيئية تربط بين المحميات، وإدماجها في خطط الزراعة المستدامة والتشجير الوطني.
هذه الرؤية متسقة مع الاستراتيجية الوطنية الزراعية 2025–2026 ، ومع برامج التعاون مع FAO والبنك الدولي والاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، حيث تعتبر المحميات مختبرات حيّة للابتكار البيئي والتنمية المستدامة في لبنان.
مستجدات قضية مياه تنورين
*ماذا تردون على الانتقادات التي تناولتكم في قضية مياه تنورين؟ وما هي آخر المستجدات؟
– في موضوع مياه تنورين، القرار الذي صدر كان إجراءً تقنياً احترازياً بحتاً، وقعته بصفتي وزير الصحة بالإنابة بعد إصرار وزير الصحة، استناداً إلى نتائج فحوص أولية أجرتها وزارة الصحة، وكان الهدف الوحيد منه حماية الصحة العامة. وآسف لان القرار خرج إلى الإعلام وتم تسييسه وتحريف مضمونه، رغم أنه كان إجراءً علمياً وإدارياً بحتاً، لضمان سلامة المواطنين.
اليوم، وبعد صدور نتائج الفحوص النهائية التي أكدت سلامة المياه، عادت الأمور إلى نصابها، ونحن نقف جنباً إلى جنب مع مؤسسات الإنتاج الوطني ـ بما فيها شركة تنورين ـ لحماية الأمن الغذائي والصحي ودعم الصناعات اللبنانية القائمة على الجودة والثقة.



