بدل أن توفّر حكومتنا والقيّمون عليها، البيئة الملائمة لتحفيز الصناعة المحلية وتوسيع أعمالها ما يوفّر فرص عمل لأبنائها الذين يتخبّطون في دائرة الجوع… ها هي أزمة الصادرات إلى الخليج العربي توصد كل الأبواب أمام المصانع اللبنانية أيضاً، وتحديداً التي لها علاقة بالزراعة Agrofood، لتصدير منتجاتها وإدخال الـ”الفريش دولار” الى البلاد. فعدّلت المصانع مخططاتها الإنتاجية وأقدم البعض منها على “هجرة” البلد ايضاً مثلها مثل الأدمغة اللبنانية، لتوفّر فرص عمل للدول التي تتواجد فيها.
ويقول نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش خلال حوار مع “نداء الوطن”، إنه “لطالما كان الصناعي اللبناني متجذّراً في أرضه، رغم كل الحروب التي عصفت بالبلاد بدءاً من العام 1975 وصولاً الى 2006، حيث بقيت كل القطاعات الإنتاجية في لبنان. أما اليوم ومنذ أزمة الكبتاغون، وصولاً الى ازمة التصدير الخليجية، باتت المصانع والشركات المحلية تبحث عن مخطّط ب (plan B ) للانتقال الى العمل خارج البلاد”. واعتبر أن “هناك مخططاً ممنهجاً لضرب كل القطاعات المحلية من سياحية ومصرفية وإستشفائية وتربوية وتجارية فزراعية، بعد اكتشاف الكبتاغون في شحنة خضار الى الخارج، واليوم القطاع الصناعي”.
وحول توسّع المصانع أو الإنتقال نحو الخارج، أوضح بكداش أن “بعضها انطلق نحو الخارج عند اكتشاف شحنة الكبتاغون، فتوقفت الصناعات التي لها علاقة بالزراعة Agrofood. عندها، المصانع التي تصدّر نسبة كبيرة من المنتوجات اللبنانية الى الخليج العربي والى المملكة العربية السعودية تحديداً، اضطرت الى نقل بعض الخطوط أو مصانعها بأكملها الى الخارج”. فمنها من توجه أصحابها الى مصر، ومنها الى عمان وآخرون الى قبرص للتواصل مع أوروبا كل حسب وضعه.
أما حين توقفت الصادرات بأكملها الى الخليج العربي، يوضح بكداش “توجهت الهيئات الإقتصادية الى مسقط ثم الى الإمارات فمصر. أصحاب المعامل الذين توجّهوا الى مسقط، لا تهمهم السوق المحلية، كونها سوقاً صغيرة وإنما كانوا يهدفون للوصول الى السعودية، أما من توجّهوا نحو مصر، فكانوا مهتمّين بتلك السوق وبالسوق الخارجية أيضاً”.
وذكّر بأن “الصادرات الى المملكة العربية السعودية في العام 2019 سجّلت نحو 240 مليون دولار رغم الإغلاق العام الذي كان سائداً في نهاية تلك السنة وفي 2020 وجزء من السنة الجارية”.
وحول الكلفة التي يتكبدها الصناعي لفتح معمل في الخارج، أوضح بكداش أنها “تختلف بين البلد الذي ينوي مباشرة عمله فيه وآخر. في الإمارات ومسقط كلفة تأسيس معمل وتشغيله مرتفعة لأن اليد العاملة مرتفعة هناك، أما في مصر فالكلفة متدنية”. وأضاف: “الى ذلك تتنوّع الكلفة بين ما اذا كان المصنّع ينقل خطاً أو يشتري خطاً جديداً أو يقفل معملاً وينتقل الى بلد آخر”.
والمصانع التي بدأت الإستثمار في الدول المجاورة أكان لناحية البناء أو الإنتاج، “لا تزال تعدّ على الأصابع”، أكّد بكداش. وشدّد على أن “انهيار الليرة اللبنانية والذي كان وقعه خفضاً للكلفة على الصناعي، أوجد مصانع جديدة في لبنان، وقتها حددنا هدفاً أن نصدر الى السعودية للعام 2023 نحو 500 أو 600 مليون ليرة”. لكن جاءت الأزمة الخليجية وتغيرت المعادلة.
وكشف ان “هناك مصانع ستقفل نهائياً أبوابها في لبنان وتتوجه الى الخارج، وأخرى ستبقي خطوطها في لبنان وتحصل على خط ثان في الخارج، فتتوسّع وتكبّر عملها في الخارج بدلاً من توسيعه في لبنان”.
يبقى الأمل ألّا تطول أزمة التصدير الى الخليج، رغم الخطابات الرنّانة لحلّ الأزمة، لأن المصانع التي بدأت الإستثمار خارج لبنان لا تزال محدودة، في حين أن المصدّرين الموجودين يبحثون عن Plan B، والذي يقوم في حال عدم حلّ المشكلة على الإنتقال الى الخارج أو تكبير عملهم في دول أخرى.