طبعاً وجّهت حرب غزّة صفعة قوّية جداً للاسرائيليين رُغم الدمار الذي ألحقوه بالقطاع وقتل المدنيين الابرياء الذي يجري خصوصاً الاطفال منهم واستعمال شتى أنواع الاسلحة المدمّرة… اسرائيل تقتل المدنيين في غزّة ولكن لا يُمكن الا أن نتحدّث عما فعلته حماس باسرائيل، نعم “أوجعت” الاسرائيليين وهذا مما لا شكّ فيه.
في مقابل هذا أثّرت هذه الحرب الدائرة والتي لا يُمكن تكهّن نهايتها على الاقتصاد في الداخل الاسرائيلي وفي العديد من الدول خصوصاً الولايات المتحدة التي كانت “غارقة” في الحرب الأوكرانية الروسية فأتتها قصّة غزّة لتنهكها حتماً.
لا شكّ أن العامل الأساسي الذي سيلعب الدور الأكبر في التأثّر بقطاع غزة هو حرب “البترول” أو النفط العالمي، وفي هذا الاطار تشرح مصادر مطلعة أن “الحرب في غزّة يُمكن أن تؤدي الى ارتفاع الأسعار في محطات الوقود في الولايات المتحدة وتسبب التضخم وتدفع الاقتصاد إلى الركود، أي أن ارتفاع أسعار النفط سيؤدي بدوره إلى تصاعد اسعار العديد من المنتجات الاستهلاكية حيث ستتأثر بتكلفة النقل”. وهنا يشير الخبير الاقتصادي ميشال فياض عبر “النشرة الى أنه “إذا ارتفعت أسعار النفط إلى 150 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يكلف الاقتصاد الأميركي 500 مليار دولار”، لافتاً الى أن “صندوق النقد الدولي يقدّر أن زيادة أسعار النفط بنسبة 10% يمكن أن تقلّل النمو العالمي بنسبة 0.15%”.
أما في اسرائيل، فيشير فياض الى أنه “قيمة الشيكل انخفضت 5% منذ بداية تشرين الأول، واتخذ بنك المركزي إجراءات لتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية، لا سيما من خلال الإعلان عن برنامج مبيعات يصل إلى 30 مليار دولار أميركي من احتياطيات النقد الأجنبي”. يتطرق فياض الى وضع لبنان، معتبراً أنه “لا يزال غارقاً في أزمة مالية خطيرة للغاية، مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50% منذ عام 2018”.
وللدول العربيّة حصّة كبيرة من ذيول الحرب التي طالتها، فالاردن يعاني من ديون مرتفعة طالته إذ تجاوز صافي ديونه الخارجية 110% من الناتج المحلي الإجمالي. وهنا رأى فياض أنه “من الممكن أن يكون للحرب عواقب وخيمة على الاستقرار الداخلي والسياحة، التي تشكل مصدراً مهماً للنقد الأجنبي. ويعاني الأردن من تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع الاستثمار الأجنبي، بحسب صندوق النقد الدولي”.
ويتطرق فياض الى موضوع مصر التي تعتمد على التدفقات السياحية لتحقيق إيراداتها من النقد الأجنبي، وتواجه آفاقًا صعبة للاقتصاد الكلي، مع مشاكل بسعر الصرف”، لافتا الى أنه “وفي نيسان، خلص صندوق النقد الدولي إلى أن احتياجات مصر التمويلية لهذا العام تعادل 35% من ناتجها المحلي الإجمالي. وفي 5 تشرين الأول، خفّضت وكالة موديز تصنيف الديون المصريّة إلى حالة “غير مرغوب فيها”، معتبرا أن “هذا التخفيض يأتي في الوقت الذي فشلت فيه الجهود السابقة في مساعدة الاقتصاد المصري، الذي كان مثقلا بديون بلغت حوالي 160 مليار دولار في نهاية العام الماضي”.
دون أدنى شكّ الوضع الاقتصادي في غزّة، كان صعبا للغاية في البداية، فأصبح الآن مأساويا، مع وجود احتياجات كبيرة للمساعدات الطارئة على المدى القصير واحتياجات إعادة الإعمار والانتعاش الاقتصادي على المدى الطويل.
ووفقاً لبلومبيرغ، إذا ارتفعت أسعار النفط إلى 150 دولاراً للبرميل، فسوف ينخفض النمو العالمي بنسبة 1.7%، وسيكلف الركود العالم 1000 مليار دولار(1 تريليون دولار). وهنا يشدد فياض على أن “الذهب يعتبر ملجأً لأن هناك الكثير من عدم اليقين بشأن العملات بما في ذلك الدولار الأميركي والذي ننتظر قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأنه”.
في المحصّلة الاقتصاد العالمي يتأرجح على وقع الحرب الدائرة في غزّة… والسؤال هل تؤدي هذه الحرب الى “كسر هيبة” الدولار الذي يعتبر الاساس بالنسبة للاقتصاد؟!.