هل أسهم رياض سلامة في انهيار لبنان المالي؟

خرجت في الآونة الاخيرة تحليلات كثيرة عن وضع لبنان المالي المتأزم، وطالت هذه التحليلات السياسة النقدية لمصرف لبنان حيث عملتها مسؤولية الاختلالات في المالية العامة وارتفاع نسبة الدين العام الى الناتج المحلي. في الواقع، حملت بعض التحليلات الغير مسؤولة تداعيات جمة على ثقة المودعين لا سيما ان هذه التحليلات تناولت ثبات سعر صرف الليرة.
لكن، هل يمكن  لحاكم مصرف لبنان الذي وصف بصمام امان للإقتصاد اللبناني، وساهم في تعزيز متانة القطاع المصرفي، ونال العديد من الجوائز العالمية التي اثنت على صوابية رؤيته وحنكته في تجنيب لبنان مخاطر مالية عدة، ان يكون قد اودى  عبر سياساته بمالية لبنان الى الانهيار؟
عجاقة

وفقاً للخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة “عند وصول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى حاكمية مصرف لبنان كان الوضع النقدي والمالي سيء جداً، وكان هناك ثنائية بين رئيس الحكومة آنذاك الشهيد رفيق الحريري وسلامة تقوم على اعتماد الاستدانة كمموّل للإستثمار (نفس الآلية المعتمدة اليوم عبر مؤتمر سيدر)، على ان تعطي هذه المقاربة نتائج ايجابية على المدى البعيد، الا ان الامور لم تجرِ آنذاك كما كان مخططاً لها  واستلم الرئيس سليم الحص رئاسة الحكومة واستمرت الخلافات حتى اغتيال الرئيس الحريري عام ٢٠٠٥، وبالتالي لم تنفّذ هذه المقاربة”.
ولفت عجاقة الى ان “الاشكالية الكبيرة تكمن في فقدان الحكومات المتعاقبة لأي خطط، فإستمرت بسياسة الاستدانة من دون اي تفكير في المستقبل، وذلك نتيجة وجود عجز. مالي”
وشدد عجاقة على ان “مصرف لبنان كان حاضراً كل الاوقات الى جانب الحكومة، واقرضها  الاموال في الاوقات الصعبة، ولكن ليس فقط مصرف لبنان من كان يعطي المال للدولة بل ايضاً القطاع المصرفي، في حين ان حاجة الدولة للاموال  في ظل الظروف الامنية والسياسية التي اثّرت الى تصنيف لبنان الائتماني ادت الى ارتفاع نسبة الفوائد”.
واكد ان “حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عندما شعر عام ٢٠١٣ بتراجع الوضع اقتصادي يتراجع، باشر برزم تحفيزية للإقتصاد، وبالتالي ساعد الدولة عبر تامين نسبة نمو اقتصادي (1%) كل هذه الفترة حتى عام 2018، حتى انه قام في 2019 في اعطاء رزمة تحفيزية بمليار دولار”.
وشدد عجاقة على ان “سلامة حقق ٣ اهداف نصّ عليها قانون النقد والتسليف والذي من خلاله انشئ مصرف لبنان: اولاً الحفاظ على الليرة اللبنانية، ثانياً دعم الاقتصاد اللبناني من خلال الرزم التحفيزية، وثالثاً دعم القطاع المصرفي”.
ورد عجاقة ارتفاع معدل الفوائد وخاصة في المرحلة الاخيرة الى ارتفاع اسعار النفط وارتفاع الاجور وازدياد حاجة الدولة للاستدانة. وقال: “في ظل وجود هذه العوامل الثلاثة، لم يكن لبنان يستطيع الوقوف لولا ارتفاع الفوائد، كما ان الهندسات المالية التي قام بها مصرف لبنان عام 2016 والتي تحدث عنها تقرير البنك الدولي انقذت مالية الدولة، وبالتالي السؤال عن دور سياسات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في تأزم واقع مالية الدولة، يحمل تجني على دوره بالنسبة للدولة اللبنانية”.

يشوعي

اما الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي فله رأي مغاير، اذ يرى ان سياسات حاكم مصرف لبنان اسهمت بشكل اساسي في ايصال لبنان الى المأزق المالي الكبير. واذ لفت الى معادلة ( الـ فاء –  فاء، الفوائد والفساد)، اعتبر ان كلاهما مسؤول عن الكوارث التي يشهدها لبنان في مجال الإنتاج والاستثمار والنمو والدين العام والهجرة والبطالة وتراجع حجم الاقتصاد. وشدد على ان “المسؤول عن ارتفاع الفوائد هو حاكم البنك المركزي تحديداً، وكل من يدعي وجود الفوائد قبل وصول رياض سلامة الى حاكمية مصرف لبنان كاذب”.

واوضح ان “المصرف المركزي ممثلاً برياض سلامة لم يلتفت الى الاسواق ليكتشف تعطّشها لرساميل بكلفة تناسبها “.

وقال: “لو اخذ فعلياً رياض سلامة حاجات القطاعات والاسواق لما تجرأ لحظة واحدة على رفع الفوائد بهذا الشكل الصادم، وانا أحمّل المصرف المركزي والحاكم مسؤولية المساهمة المباشرة في تكوين هذا الدين العام المتنامي والذي وصل الى 100 مليار دولار، اضافة الى خدمة دين تتراوح بين 6.5 و7 مليارات دولار، وهذا كله بسبب الفساد والفوائد”.

واضاف: “حاكم مصرف لبنان لعب دور الوسيط على مر 25 عاماً بين اصحاب المصارف والفريق السياسي، فقام رياض سلامة بتأمين الاموال للفريق السياسي الفاسد الذي يقوم بهدر المال العام على شكل ديون وسندات رسمية من ودائع الناس، وذلك بفوائد مجنونة”.

واعتبر ان لخروج لبنان من هذه الازمة يجب اعتماد مجموعة لاءات: “لا للمس بالرواتب، لا للمس بضريبة القيمة المضافة، لا للزيادة على صفيحة البنزين، ولا لكل شيء اسمه مكتسبات الموظفين الجديّين داخل القطاع العام”.

مصدرخاص الموقع
المادة السابقةزخور:انشاء اللجان يشكل استغلالا لمقدرات الدولة وللمواطنين ماليا وإنتخابيا
المقالة القادمةوزارة الزراعة أطلقت بالتنسيق مع الجيش حملة مكافحة حشرة السونا