يعمل حاكم مصرف لبنان بالانابة الدكتور وسيم منصوري على خط مستقيم لعدم ادراج لبنان ضمن اللائحة الرمادية لمجموعة العمل الدوليةِ حيث يتفرع منه خطين متوازيين الاول تكثيف اتصالاته الدولية مع المعنيين باتخاذ قرار الادراج والثاني الذين يتأثرون به كالمصارف المراسلة التي تتعامل حاليا مع القطاع المالي والمصرفي اللبناني ويمكن ان يعود منصوري من زيارته للندن حيث التقى ممثلي المصارف المراسلة بوعد او شبه اتفاق بعدم قطع التعامل مع المصارف اللبنانية وابقاء الوضع على حاله خصوصا ان المصارف المراسلة كانت قد تشددت باجراءاتها مع المصارف اللبنانية بالنسبة لمكافحة تبييض الاموال والارهاب.
واذا كانت السلطة السياسية لم تسعفه في اقرار الاصلاحات المالية والضرائبية والجمركية وضبط الازدياد الحاد في الاقتصاد النقدي والتي تطالب بها مجموعة العمل الدولية الا انه تمكن من تحييد مصرف لبنان والمصارف اللبنانية عن اية قطع علاقات قد تتخذها المصارف المراسلة اولا لان منصوري نجح من خلال اتصالاته في اقناع هذه المصارف بضرورة الاستمرار في التعامل مع المصارف اللبنانية وثانيا انه تمكن من تطبيق اصلاحات في مصرف لبنان مهدت له حسن ادارة القطاع المالي والمصرفي كما ان القطاع المصرفي تفاعل معه ايجابا في تطبيق ما تريده مجموعة العمل المالية.
وبناء عليه فإن منصوري طالب بوضع خطة عمل تشاركية مع كل الجهات المحلية المعنية، بدعم من السلطة التشريعية ومن صانعي السياسات لمعالجة الثغرات وتعزيز فعالية نظام مكافحة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب اللبناني. بالفعل هناك حاجة لمقاربة حكومية شاملة لتنفيذ الإجراءات التصحيحية المطلوبة من الجهات الداخلية المعنية .
وقال منصوري: “نعود ونكرر أهمية الدعائم الأربع التي يجب الارتكاز عليها لاخراج لبنان من الأزمات العميقة التي تعصف به: أولاً، المحاسبة عن طريق القضاء حصرا ً، ثانياً وضع آلية واضحة لاعادة أموال المودعين، ثالثاً، بناء الاقتصاد من خلال إعادة إطلاق عمل القطاع المصرفي، ورابعاً، إعادة هيكلة الدولة وإجراء الإصلاحات التي طال انتظارها”.
لكن يبدو ان منصوري لم يتلق تطمينات رسمية بتحقيق هذه الاصلاحات بالسرعة المطلوبة وقبل اوائل تشرين الاول المقبل حيث ستتخذ مجموعة العمل المالي قرارها بالنسبة للبنان عما اذا طبق الاصلاحات المطلوبة في ظل عدم انعقاد المجلس النيابي المختلف بين اعتباره مجلسا تشريعيا او مجلسا انتخابيا ،وحكومة ليس بيدها الحلول المطلوبة كونها حكومة تصريف اعمال .
وفي هذا الاطار لا يعرف عما اذا كان توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة يصب في اتجاه ايجابي لموضوع ادراج لبنان ضمن اللائحة الرمادية خصوصا ان مجموعة العمل المالية تشكو من عدم قيام القضاء بواجباته في مكافحة الفساد وتبييض الاموال وفي حال كرت سبحة القضاء في استدعاء المتورطين في الفساد وتبييض الاموال فإن البعض يعتقد ان المجموعة قد تعيد نظرتها الى لبنان ولا تدرجه على اللائحة الرمادية .
ويشار الى ان “خطر تعاظم الاقتصاد النقدي في لبنان”، ، وبحسب البنك الدولي، فقد زاد حجم الاقتصاد النقدي بعد الأزمة ليصل إلى 4.5 مليار دولار عام 2020، وھو ما شكل نسبة 14.2% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، ومن ثم الى نحو 6.1 مليار دولار عام 2021 (مشكلاً نسبة 26.2% من حجم الناتج المحلي الاجمالي، فإلى نحو 9.9 مليار دولار عام 2022 بنسبة 45.7% من حجم الناتج المحلي الاجمالي). وعلى الرغم من عدم توفر بيانات حديثة، فإن ھذا المنحى مستمر” . دون ان تتدخل السلطة للجم هذا التعاظم للاقتصاد النقدي .
ويبدو ان منصوري يركز على هذه الناحية لاقناع مجموعة العمل المالي بعدم ادراج لبنان على اللائحة الرمادية بحجة ان هذا الفعل سيؤدي الى تعاظم الاقتصاد النقدي وليس الى تخفيف حجمه في ظلّ هذا الواقع، تصبح جهود الحكومة اللبنانية والمؤسّسات المصرفية لتحقيق الامتثال الكامل لمعايير مجموعة العمل المالي مهمّة شبه مستحيلة، ولعل المؤشرات على ذلك بدأت من خلال مؤتمر اتحاد المصارف العربية الذي انعقد في اواخر اب الماضي حيث كانت الكلمات ومنها كلمة منصوري نفسه ان الاوان قد فات وبات لبنان في مهمة مستحيلة .