تم تسريب مسودة الورقة الاصلاحية لرئيس الحكومة سعد الحريري وذلك لدسّ ردّة فعل المتظاهرين عليها.تحتوي هذه الورقة التي تم الاتفاق على مسودتها مع جميع الكتل السياسة على 24 بنداً اصلاحياً شملت خفض جميع رواتب الوزراء والنواب بنسبة 50 في المئة وكذلك الأمر إلغاء جميع الصناديق ووضع سقف لرواتب ومخصصات اللجان فضلاً عن خفض جميع رواتب المدراء ووضع سقف لرواتب القضاة.
ونصت هذه المسودة أيضاً على فرض ضريبة على المصارف وشركات التأمين بنسبة 25 في المئة، ووضع حد أقصى لمخصصات السفر إلى الخارج بمعدل 3 آلاف دولار مع موافقة مسبقة من مجلس الوزراء.اضافةً الى طلب موافقة ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي على كل مناقصة تفوق الـ 25 ألف دولار اميركي على أن لا تتعدّى الـ 200 ألف دولار وإلا طلب موافقة مجلس الوزراء.
الورقة تضمنت ايضاً إلغاء جميع ما تمّ تخفيضه من معاشات التقاعد للجيش والقوى الأمنية، ووضع سقف لرواتب العسكريين لا يتجاوز رواتب الوزراء، اضافةً الى تفعيل هيئة الرقابة الإقتصادية، ودعم الصناعات المحلّية ورفع الرسوم على إستيراد السلع التي لها مثيل في لبنان.اما الملفت في مسودة هذه الورقة هو طلب مساهمة المصارف لانشاء معامل كهرباء ومعامل لفرز النفايات والمحارق الصحية، وتقديم القطاع المصرفي 3 مليار دولار أميركي، اضافةً الى تحويل معامل الكهرباء الى غاز خلال شهر.
كما تم الاتفاق على إلغاء بعض المجالس والوزارات كوزارة الإعلام، وإقرار قانون إستعادة الأموال المنهوبة، اضافةً الى إلغاء كل انواع زيادات في الضرائب على القيمة المضافة والهاتف والخدمات العامة وإلغاء كل الإقتراحات الخاصة بإقتطاع جزء من تمويل سلسلة الرتب والرواتب، فضلاً عن إعادة العمل بالقروض السكنية وتقديم موازنة 2020 من دون عجزاضافةً الى زيادة الضريبة على أرباح المصارف والعمل على خصخصة قطاع الخليوي والأهم هو رفع السرّية المصرفية عن الوزراء والنواب والمسؤولين في الدوّلة وغيرها من البنود.
لا شك بأن هذه المسودة في حال استطاعت الطبقة الحاكمة تطبيقها ستوفر على خزينة الدولة ملايين الدولارات، ولكن يبقى السؤال هل لدى الشعب اللبناني ثقة بقدرة الحكومة الحالية على تطبيق كل هذه البنود – الخيالية – او سيكون مصير هذه الورقة كمصير ورقة بعبدا الاصلاحية؟
وزني: العبرة في تنفيذها
ينفي الخبير الاقتصادي غازي وزني ان تكون بنود هذه الورقة خيالية، ويقول لـ “الاقتصاد”: “هذه بنود اصلاحية حقيقية وجذرية وهي مختلفة عن كلّ الأوراق التي قُدمت في السابق، انما العبرة في تنفيذها، ولا أرى اليوم اي عذر في عدم تنفيذها. فاذا عدنا الى الأوراق الاصلاحية التي كانت تُقدم في السابق، سواء ورقة بعبدا او سيدر او غيرهم، كنا نرى ان الطبقة السياسية تختلف على أصغر تفصيل وبالتالي لا تُترجم الاصلاحات على أرض الواقع، أما اليوم فالمشهد يختلف فهيكل المسؤولين بدأ يهتز جراء ضغط الشارع وبالتالي فُرضت هذه الورقة عليهم لذلك أُرغموا بالقبول بها”.
يضيف: ” الجميع يعلم ان هذه الورقة لا تُحل الأزمة الاقتصادية الموجودة حالياً، انما بالحد الأدنى تضعها على المسار الصحيح خصوصاً فيما خصّ موضوع الكهرباء التي تُعتبر أم الأزمات، واذا لاحظنا منذ فترة طويلة و المجتمع الدولي يطالب لبنان باصلاح هذا القطاع الذي يكلف الدولة اموالاً باهظة، اليوم لاحظنا ان الورقة ركزت على اصلاح هذا القطاع وهذه نقطة ايجابية”.
يتابع: ” كذلك الأمر بالنسبة للاملاك البحرية التي كانت مصدر خلاف كبير داخل الطبقة السياسية على مدى سنوات والتي مفترض ان تُدخل الى خزينة الدولة نحو 1200 مليار ليرة ولكن مع الأسف هي لا تُدخل اليوم سوى 50 مليار ليرة اليوم بدأ الحديث جدياً في هذا الموضوع، فضلاً عن الضريبة التصاعدية على المداخيل وغيرها من البنود التي يمكن ان تساعد في نهوض القتصاد اللبناني من جديد”.
“البنود الموجودة في هذه الورقة يمكن تطبيقها فوراً برأي وزني، التي لطالما كنا نطالب بتطبيقها منذ فترة طويلة الا ان القرارالسياسي لم يكن موجوداً انذاك، اليوم وباعتقادي ان الطبقة الحاكمة ستكون جديّة في تطبيقها لانها تحت ضغط الشارع الذي انفجر في كل ارجاء الوطن ووضع الاصلاحات الاقتصادية على المسار الصحيح،انما هناك مشكلتان قد تواجه الطبقة السياسية اليوم:
– اولاً: تنفيذ كل هذه الالتزمات من قبل السلطة.
– ثانياً: اقناع المتظاهرين بأن هذه الطبقة جدّية في تطبيق هذه الاصلاحات خصوصاً وان الثقة باتت مفقودة بين الناس والطيقة السياسية.
في المقابل نحن اليوم أمام خيارين:
– اولاً: اعطاء هذه الحكومة فرصة 3 أشهر ابتداءً من اليوم من أجل تطبيق هذه الاصلاحات وخصوصاً في موضوع الكهرباء وإستعادة الأموال المنهوبة وغيرها، على الرغم من غياب الثقة بين المواطنين والطبقة الحاكمة، وفي حال لم تُطبق هذه الاصلاحات خلال هذه الفترة عندها تتم المحاسبة ويتم اسقاط العهد والحكومة.
– ثانياً: البقاء في الشارع حتى اسقاط الحكومة، وبالتالي هذا الخيار سيؤدي بنا الى أزمة حكم حقيقية والى طريق مجهول قد تزيد الأمور سوء وبالتالي هذه الخطوة قد تساهم في تعجيل الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي.
يختم وزني حديثه بالقول: ” الجميع يُدرك وجع الناس ومطالبهم المحقة وغياب الثقة بينهم وبين الطبقة الحاكمة، ولكن باعتقادي ان الخيار الأول أفضل لأسباب عديدة خصوصاً لجهة تطبيق الاصلاحات الجديّة التي قد تساعد على الأقلّ في الحصول على أموال سيدر وبالتالي استثمارها من أجل النهوض بالاقتصاد مجدداً”.