هل يتحمل الفيدرالي الأميركي تباطؤاً طويل المدى؟

فيما تنشغل الأوساط الاقتصادية الأميركية والعالمية بأزمة «سقف الدين»، تبدو أزمة أخرى في الأفق، إذ قالت لوريتا ميستر، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي لكليفلاند، وعضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) إن المجلس لا يستطيع عمل الكثير لمواجهة تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي على المدى الطويل؛ لكنه يستطيع القيام بدوره من خلال كبح جماح التضخم.

وأضافت ميستر في كلمة مكتوبة ألقتها أمام مؤتمر في العاصمة الآيرلندية دبلن مساء الثلاثاء «في حين لا تستطيع السياسة النقدية التأثير على معدل النمو على المدى الطويل، يمكنها القيام بدورها في إعادة استقرار الأسعار إلى الاقتصاد؛ وهو أمر ضروري لسلامة سوق العمل والنظام المالي والاقتصاد ككل على المدى الأطول».

وأشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إلى أن رئيسة بنك احتياطي كليفلاند الفيدرالي، المعروفة بمواقفها المتشددة بالنسبة للسياسة النقدية غالباً، لا تصوت على قرارات الفائدة الأميركية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال العام الحالي، وركزت حديثها على الاتجاهات طويلة المدى، ولم تناقش النظرة الحالية لأسعار الفائدة أو الاقتصاد الأميركي.

وأوضحت ميستر أن المحللين الاقتصاديين ولجنة السوق المفتوحة المعنية بإدارة السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي يخفضون تقديراتهم الأطول مدى للنمو الاقتصادي منذ بداية الكساد الكبير، وأنه بمرور الوقت يمكن أن تتحول التغيُّرات الطفيفة بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي إلى اختلافات كبيرة بالنسبة لمتوسط الدخل الشخصي.

وتباطأ الاقتصاد الأميركي بشكل كبير ليسجل نمواً نسبته 1.1 في المائة فقط خلال الربع الأول من العام، مقابل 2.76 في المائة خلال الربع الأخير من العام الماضي، بحسب وزارة التجارة الأميركية، فيما يتزايد احتمال حدوث ركود معتدل.

وقالت وزارة التجارة الأميركية في بيان: «مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي، يعكس التباطؤ في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الأول من العام الحالي بشكل أساسي تراجع استثمار المخزون الخاص وتباطؤ الاستثمار الثابت غير السكني»، وأضافت أن ذلك قابله جزئياً تسارع الإنفاق الاستهلاكي وزيادة الصادرات.

وفي مارس (آذار) الماضي، أظهرت البيانات النهائية الصادرة عن وزارة التجارة الأميركية نمو الاقتصاد الأميركي خلال الربع الأخير من العام الماضي بمعدل 2.6 في المائة، وهو ما يقل قليلا عن التقديرات السابقة وكانت 2.7 في المائة، في حين كان المحللون يتوقعون استمرار هذه التقديرات دون تغيير. وذكرت وزارة التجارة الأميركية أن انخفاض البيانات النهائية لإجمالي الناتج المحلي عن التقديرات السابقة يقود بشكل أساسي إلى تراجع معدل نمو الصادرات والإنفاق الاستهلاكي.

إلى ذلك، لا تزال محادثات رفع سقف الدين تسيطر على الأجواء. وقالت كارين جان – بيير المتحدثة باسم البيت الأبيض في مقابلة مع «إم إس إن بي سي» يوم الأربعاء إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيواصل إجراء محادثات هاتفية مع زعماء في الكونغرس بخصوص سقف الدين الحكومي في وقت لاحق هذا الأسبوع. وأضافت أن الرئيس سيجتمع معهم مجددا عندما يعود من سفره للمشاركة في قمة مجموعة السبع.

وذكرت المتحدثة أن بايدن سيتحدث مع مشرعين بارزين عبر الهاتف خلال وجوده في اليابان للمشاركة في قمة مجموعة السبع في ظل استمرار محادثات سقف الدين. وقالت: «يتطلع الرئيس لإجراء محادثات مع زعماء في الكونغرس عبر الهاتف والالتقاء بهم مجددا عندما يعود من الخارج».

وفي مؤشر إلى الوضع الملح وصعوبة المفاوضات، أعلن البيت الأبيض أن جو بايدن ألغى الجولة الدبلوماسية الرئيسية التي كان من المقرر أن يقوم بها خلال رحلته الحالية إلى اليابان، وتشمل بابوا غينيا الجديدة وأستراليا.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قال مساء الثلاثاء إنه والزعماء الديمقراطيين عقدوا اجتماعا جيدا ومثمرا مع القادة الجمهوريين في الكونغرس بشأن رفع سقف الديون الأميركية، لكن «لا يزال هناك عمل يتعين القيام به». وعبر عن ثقته في أن المفاوضين سيواصلون إحراز تقدم في تجنب التخلف عن السداد. وقال إن الجمهوريين يرفضون بحث زيادة الضرائب.

وفي المقابل بدا معسكر الجمهوريين أكثر تحفظا. وقال كيفن مكارثي رئيس مجلس النواب الجمهوري الذي يهيمن عليه المحافظون بأغلبية ضئيلة، إن هذا الاجتماع كان «مثمرا أكثر بقليل» من اللقاء السابق الذي عقد في التاسع من مايو (أيار).

وقال مكارثي للصحافيين في الكونغرس إن «مواقفنا ما زالت متباعدة لكن ما تغير خلال هذا الاجتماع هو أن الرئيس اختار شخصين من إدارته للتفاوض معنا مباشرة». وأضاف أن «هذا لا يعني أننا سنتوصل إلى اتفاق»، لكن «العملية تحسنت».

وتابع رئيس مجلس النواب «لست أكثر تفاؤلاً» قبل أسبوعين من انتهاء المهلة قبل أن يتخلف أكبر اقتصاد في العالم عن السداد، في ما سيشكل سيناريو غير مسبوق قد تكون له عواقب وخيمة. لكن مكارثي توقع التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف، مع أنه «لم يحل أي شيء بعد». وقال إن «أميركا هي الاقتصاد الأول في العالم، وعندما ننهي هذه المفاوضات سيكون اقتصاد أميركا أقوى».

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةالأسواق عالقة في مربع «سقف الدين»
المقالة القادمة«أوكسفام»: «مجموعة السبع» مدينة للدول الفقيرة بـ13 تريليون دولار