هل يتغيّر مشهد المصارف في الاسبوع المقبل؟

28 شباط، ليس مجرد موعد يتحدّد معه مصير القطاع المصرفي، بل محطة للتذكير بالمصير الذي يمضي نحوه البلد بخطى سريعة، وكأنّ من في يده القرار يستعجل الهبوط نحو أعمق قعرٍ ممكن، وفي زمن قياسي غير مسبوق.

الأمر الواقع هنا، لا يتعلق بعجز مصرف لبنان في الظروف الحالية عن تسلُّم مفاتيح مصارف عدة في وقت واحد لإدارتها وإعادتها لاحقاً الى السوق، بل أيضاً في أنّ لا مصلحة لأحد برفض التمديد، طالما أنّ النية في الالتزام موجودة، وقد تحتاج الى فترة اضافية للتنفيذ. وهذا الأمر قد يشمل مصارف كبيرة، أنجزت عمليات بيع كافية لتأمين الاموال الضرورية للالتزام بقرار اعادة الهيكلة، لكن اجراءات نقل الملكية وما يرافقها قبل ان تصبح الاموال مُحرّرة وجاهزة للاستخدام، قد يحتاج الى وقت اضافي يتجاوز 28 شباط الجاري، وبالتالي، من البديهي منح وقت اضافي لهذه المصارف للالتزام بالوضعية الجديدة المطلوبة.

من يتابع عمل المصارف في هذه الحقبة يدرك عمق الأزمة، ويدرك انّ الخطورة الحقيقية تكمن في تبذير الوقت من قِبَل الدولة. في العام 2019، وهو العام الذي شهد في نصفه الثاني ظهور مؤشرات واضحة للأزمة التي تدرّجت صعوداً، وصولاً الى اعلان ما يشبه الكابيتال كونترول الذاتي وغير المقونن، بسبب تعذّر إصدار قانون، كانت المصارف، أو بعضها، لا تزال قادرة على تحقيق ارباح. اليوم، وبعد مرور اكثر من عام على الأزمة، سوف تعلن المصارف بدءاً من الشهر المقبل نتائج العام 2020، وسيتبيّن انّها تعرّضت لخسائر جسيمة قد يقضي مجموعها على نسبة عالية من الزيادة في الرساميل التي قرّرها مصرف لبنان، (حوالى 4 مليارات دولار). واذا تواصل تبذير الوقت قبل إقلاع خطة الإنقاذ، ستكون أرقام 2021 مُفجعة، وسنكتشف انّ الثقب الاسود إلتهَمَ نسبة مرتفعة من رساميل المصارف التي يُفترض في الأساس ان تُستخدم في اطفاء قسم من الخسائر ضمن خطة الإنقاذ.

في الموازاة، لا تدخل الى المصارف ودائع جديدة برغم بعض التحفيزات. وهناك توجّه لدى قسم من اللبنانيين الى فتح حسابات مصرفية في قبرص، رغم انّ الجزيرة الصغيرة خرجت قبل فترة من أزمة مالية صعبة مرتبطة بالأزمة اليونانية. وفي السياق، لا بدّ من الإشارة الى انّ قبرص التي قُدّرت خسائرها في الأزمة اليونانية بحوالى 17 مليار دولار، طُلب منها لتسريع عملية الإنقاذ والخروج من الأزمة، تنفيذ هيركات تحت تسمية ضريبة لمرة واحدة، بنسبة 6,75% على الودائع التي تبلغ قيمتها 100 الف يورو وما دون، ونسبة 9,9% على الودائع التي تفوق قيمتها الـ100 الف يورو.

فهل يمكن تصوّر نسبة الضريبة (هيركات) التي سيُطلب من لبنان فرضها، اذا كانت تقديرات حكومة حسان دياب للخسائر في نيسان 2020 وصلت الى حوالى 80 مليار دولار، وزادت اليوم، وفق المفهوم المحاسبي نفسه، الى حوالى 100 مليار دولار؟

مصدرجريدة الجمهورية - أنطوان فرح
المادة السابقةمؤشّر التضخّم السنوي يرتفع إلى 284%
المقالة القادمةحب الله والسفير الروسي يزوران مصنع “أروان” للدواء في جدرا بحثاً عن إمكانية تصنيع اللقاحات