هل يطيح الإنفاق الإضافي باستقرار الليرة؟

لطالما كانت الليرة اللبنانية على مر تاريخ الأزمات في البلد مرآة لوضعه، وصحيح أن لكل قاعدة شواذها، لكن عدم تحليق الليرة مع التحليق المستمر للطيران الحربي الإسرائيلي وإغارته على أجزاء كثيرة من لبنان، له ما يبرره بمفهوم الخبراء الاقتصاديين ومنهم الكاتب والخبير الاقتصادي أنطوان فرح الذي قال في حديث إلى «الأنباء» إن «الوضع النقدي هو تحت السيطرة اليوم لأن الدولة اللبنانية عمدت سابقا إلى تصغير الكتلة النقدية بالليرة ودولرة الاقتصاد، وهذه سياسة استثنائية كانت وافقت عليها المؤسسات الدولية. وحين وقعت الحرب، كانت هذه السياسة مفيدة لمثل هذه الظروف إذ يمكن أن يكون الاقتصاد في حالة انهيار فيما العملة الوطنية مستقرة».

غير أن هذا الاستقرار النقدي مهدد بالاندثار في حالتين تحدث عنهما فرح، فقال: «ما أعرفه أن الحكومة تتعرض اليوم لضغط كبير من محور المقاومة والممانعة لزيادة الإنفاق ومساعدة النازحين، فيما ثمة نصائح بعدم توريط الحكومة نفسها بسلوك هذا المنحى، لأن هذا الأمر سيؤدي إلى توريط البلد بأزمة إضافية. وفي حال قررت الإنفاق الإضافي، ليس أمامها إمكان الذهاب إلى القروض الخارجية والداخلية كما كانت الحال في حرب 2006، بل إما تكبير الكتلة النقدية بطباعة الليرة وطرحها في السوق، وإما الاستعانة بدولارات المواطنين في مصرف لبنان والمقدرة بـ 10 مليارات دولار، وفي الحالتين، ستكون النتيجة تفلت الليرة وخروجها عن السيطرة وبالتالي المزيد من الانهيار الذي يدفع الناس ثمنه».

الخبير الاقتصادي د. محمود جباعي قال من جهته لـ«الأنباء»، إن «الوضع النقدي لا يزال سليما ومستقرا على رغم الانكماش الكبير في الاقتصاد بعد توسع الحرب لأن المصرف المركزي استطاع في الفترة الماضية زيادة موجوداته بنحو ملياري دولار، وأتت هذه الزيادة بمثابة خشبة إنقاذ للوضع لمساهمتها الكبيرة في ضبط الأمور النقدية والحؤول دون انفلاش الكتلة النقدية بالليرة ودون حصول تضخم»، لافتا إلى أن «مصرف لبنان لا يزال يجمد الكتلة بالليرة عند سقف لا يتعدى الـ 60 الف مليار». جباعي قال إن «قيام مصرف لبنان بإعطاء ثلاث دفعات أو دفعتين من التعاميم مع التوقع بدفعتين أيضا الشهر المقبل، يعني ضخ 115 إلى 120 مليون دولار زيادة على الكتلة النقدية التي كان يضخها، إضافة إلى كون رواتب القطاع العام بالدولار، وهذا ما أدى بمكان ما إلى انخفاض في نسبة موجودات المركزي، وهذا أمر طبيعي كون البلاد في حرب».

وأضاف: «مصرف لبنان يدفع هذه الدولارات إلى أصحابها المستحقين وهم المودعون، وهو أمر إيجابي، وأنا متأكد أنه بعد نهاية الحرب سيتمكن مصرف لبنان من جديد من زيادة احتياطاته بالتعاون مع وزارة المالية».

وبحسب جباعي، فإن «ثلاث نقاط رئيسة تحدد مسار الليرة في المستقبل وهي أسس كفيلة باستمرار ثبات الليرة في المرحلة المقبلة، أولها جمود الكتلة النقدية بالليرة، وهذا أمر يعمل به المركزي الذي يسمح للحكومة بالإنفاق وفق الموازنات وأي سلفة من الخزينة تحصل عليها من موجوداتها في مصرف لبنان الذي يقابل ذلك بضخ الدولارات للمودعين ما يرسي توازنا في الكتلة النقدية».

أما النقطة الثانية برأيه، فهي «حجم التحويلات الخارجية الذي ارتفع من 500 مليون دولار شهريا إلى 600 وربما 700 مليون دولار، الأمر الذي يؤدي إلى وفر من الدولارات، إضافة إلى تعاميم المركزي والرواتب بالدولار، فيما النقطة الثالثة هي النجاح في منع الحصار عن لبنان ولاسيما الحصار البحري، ما ساهم في منع الضغط على الليرة».

مصدرالأنباء - بولين فاضل
المادة السابقةمصرف لبنان لم يجدد تسديد الدفعتين للتعميمين ١٥٨ و١٦٦… اتجاه للتجديد هذا الاسبوع
المقالة القادمة“إعادة الإعمار”: تجمّع مالي لبناني– دولي.. بدل الصناديق الائتمانية!