قبل انتهاء ولايته، قرّر حاكم مصرف لبنان المشتبه فيه رياض سلامة أن يوافق على ما يروقه من أوامر الدفع الصادرة من مؤسسة كهرباء لبنان بتسديد مبالغ بالدولار من حساباتها لديه بالليرة لعدد من مورّدي الخدمات. وبحسب مصادر مطّلعة، استنسب سلامة أن يدفع المبلغ المستحق بكامله لمتعهّد واحد من عائلة خياط، فيما دفع أجزاء بسيطة من مستحقات عدد من المورّدين.
استنسابية سلامة كادت، الأسبوع الماضي، أن تدفع بشركة «برايم ساوث» التي تشغّل وحدتين لإنتاج الكهرباء في معملَي دير عمار والزهراني، أن توقفهما نهائياً، إذ إن للشركة مستحقّات في ذمّة المؤسسة بقيمة 10 ملايين دولار لم تحصل سوى على 25% منها، فيما قرّر سلامة تسديد كامل قيمة المبلغ المتوجّب لشركة MEP والبالغ 2.5 مليون دولار. أما بقية المستحقات المترتّبة على المؤسّسة فقد سُدّد ما بين 25% و37% من قيمتها.
استنسابية التسديد ليست المشكلة الوحيدة، إذ تبيّن أن مصرف لبنان لم يحوّل كامل المبلغ الذي اتّفق مع المؤسسة على تحويله من الليرة إلى الدولار. فحتى الآن لم يحوّل المصرف سوى 21 مليون دولار من أصل مبلغ مودع بالليرة في حساب المؤسسة في «المركزي» يعادل 53.7 مليون دولار. وهذا المبلغ هو باقي مستحقات لمورّدي الأشغال للمؤسسة من مقدّمي خدمات، وصيانة وتشغيل. وبعد التواصل بين وزير الطاقة وليد فياض والحاكم الوكيل لمصرف لبنان وسيم منصوري، اتُّفق على متابعة تنفيذ الاتفاق الذي تأخّر سلامة في تنفيذه وطبّق جزءاً منه بشكل انتقائي. لكن، حتى الآن، لم ينفذ مصرف لبنان أيّ عملية تحويل، فيما تتراكم المستحقات بالعملة الأجنبية على مؤسسة كهرباء لبنان. فقد تبيّن أنه جرى تلزيم استيراد باخرتَي وقود لتشغيل معامل الكهرباء بقيمة 58 مليون دولار، وبالتالي يترتّب على مصرف لبنان أن يفتح الاعتمادات اللازمة لإتمام الصفقة، أي أن عليه أن يجري عملية تحويل من الاعتمادات العائدة للمؤسسة بموجب قانون، إلى دولارات محجوزة باسم المستورد.
تراكم المستحقّات بالعملة الأجنبية التي تطلبها مؤسّسة كهرباء لبنان من مصرف لبنان يعني أن الأعباء بالعملة الأجنبية تتزايد على المصرف، وسيكون عليه أن يقوم بعمليات التحويل التي التزم بها. وبما أن منصوري يقول إن خيار الإنفاق من الاحتياط الإلزامي ليس متاحاً من دون قانون في مجلس النواب، فإن الخيارات الأخرى المتاحة تنحصر في أمرين: سداد فواتير كهرباء لبنان مما تبقّى من حقوق السحب الخاصة، أو من خلال شراء الدولارات من السوق واستعمال الليرات التي تضعها المؤسسة في حسابها لديه. وهذه الليرات هي حاصل جمع فواتير الكهرباء التي يدفعها المستهلكون، وبالتالي ليس واضحاً كيف سينعكس الأمر على سعر الصرف. أما إذا كانت المؤسسة ستموّل شحنات الفيول من اعتمادات مفتوحة باسمها لدى وزارة المال، فعلى الوزارة أن يكون لديها في حساب الـ36 ما يكفي لتمويل هذه الشحنات وسائر الدفعات التي تطلبها. المشكلة هنا، أن ما هو متوافر في حساب الدولة لدى مصرف لبنان، أي حساب الـ36، لا يغطّي كل المدفوعات التي تطلبها.