يبدو انّ هيئة التشريع والاستشارات ردّت بالإيجاب على طلب الاستشارة التي أُرسلت من قِبل وزير الطاقة لإبداء الرأي حول ثلاث مسائل: الأولى، تتعلق بمدى جواز قيام مؤسسة كهرباء لبنان بشراء الدولار الأميركي في السوق الموازية من صرّافين مصنّفين فئة أولى. والثانية، مدى إمكانية إصدار الفواتير العائدة للمشتركين بعملة الدولار الاميركي فقط، واستطراداً امكانية ان تصدر هذه الفواتير بالدولار، وتخوّلهم في الوقت عينه الحق في الدفع بالليرة اللبنانية، أما المسألة الثالثة، فتتعلّق بمدى إمكانية إيداع اموال مؤسسة كهرباء لبنان المجباة في صناديقها لتسهيل عملية الدفع.
في معلومات «الجمهورية»، انّ هيئة التشريع والاستشارات أبدت رأيها بالنسبة للمسألة الأولى والثالثة، ووجدت انّهما مرتبطتان ببعضهما البعض بطريقة وثيقة، ما يحتّم معالجتهما سوياً، ثم معالجة المسألة الثانية.
اما بالنسبة للمسألة الأولى، في حال كان يجوز لمؤسسة كهرباء لبنان شراء الدولار الاميركي في السوق الموازية من صرّافين فئة أولى؟ وبالتالي هل يحق لها إيداع اموالها المجباة في صناديقها لتسهيل عملية دفع موجباتها؟
أوضحت الهيئة انّ الفقرة الأولى من المادة 16 من المرسوم رقم 16878 المتعلق بإنشاء مصلحة كهرباء لبنان تنصّ على ما يلي: «تودع اموال مصلحة كهرباء لبنان في حساب يُفتح لهذه الغاية لدى البنك المركزي».
وحيث يُستفاد من النص، انّ مصلحة كهرباء لبنان ملزمة بإيداع الاموال كافة المجباة مباشرة بعد جبايتها في حسابها الخاص لدى مصرف لبنان، ولا يسعها بالتالي وفقاً لهذا النص ان تحتفظ بها قبل إيداعها في المصرف المركزي أو أن تحوّلها إلى العملة الأجنبية. إذ انّ النص جاء صريحاً وحاسماً، وهذا ما اعتادت المصلحة على تطبيقه، أي إيداع اموال المشتركين مباشرة بعد جبايتها ضمن مهلة تتراوح بين 48 ساعة واسبوع لدى حسابها في المصرف المركزي.
يبقى السؤال، هل مصرف لبنان ملزم بتسليم الأموال المودعة لديه بالليرة اللبنانية نقداً؟ وهل هو ملزم بتحويل تلك الأموال من الليرة اللبنانية إلى الدولار الأميركي عندما تطلب منه ذلك مصلحة الكهرباء؟
وحيث تنص المادة 85 من قانون النقد والتسليف على ما يلي:
المصرف المركزي هو مصرف القطاع العام، وبهذه الصفة: …
ب – يدفع المبالغ التي يأمر بصرفها القطاع العام حتى قيمة موجودات هذا الاخير لديه.
ج- يجري تحويل الأموال التي يطلبها منه القطاع العام حتى قيمة موجودات هذا الأخير لديه…
وحيث أنّه وفقاً للفقرتين – ب – وَ ج – من المادة 85 المذكورة اعلاه، فإنّ مصرف لبنان ملزم بدفع المبالغ التي يأمر بصرفها القطاع العام، ويجري تحويل الاموال التي يطلبها منه، حتى قيمة موجودات هذا الاخير لديه، الّا انّه لا يوجد أي نص يُلزم مصرف لبنان بصرف تلك الاموال نقداً للقطاع العام، وبالتالي يجوز له صرف الاموال لمصلحة كهرباء لبنان عبر وسائل الإيفاء كافة التي تسمح بها القوانين، أما بالنسبة للتحويل من العملة الوطنية الى الدولار الاميركي، فإنّ اتخاذ هذا القرار يخضع إلى استنسابية مصرف لبنان التي يمارسها في ضوء القيدين المفروضين في المادتين 70 و 75 من قانون النقد والتسليف.
الجباية بالدولار
أما السؤال الثاني الذي يُشغل الرأي العام وهو:
هل يمكن لمصلحة كهرباء لبنان إصدار الفواتير العائدة للمشتركين بعملة الدولار الأميركي، واستطرادًا هل يمكنها أن تصدر هذه الفواتير بالدولار وتخوّلهم في الوقت عينه الحق في الدفع بالليرة اللبنانية؟
بحسب المعلومات التي حصلت عليها «الجمهورية»، فقد خلصت هيئة التشريع والاستشارات الى الرأي التالي:
تنص المادة 25 من قانون حماية المستهلك على أنّه «يتوجب على المحترف وعلى مقدّم الخدمة، تسليم المستهلك فاتورة يدرج فيها البيانات التالية: «اسم المؤسسة ورقم تسجيلها في السجل التجاري وعنوانها وتعريف السلعة أو الخدمة ووحدة البيع أو التأجير وثمنها والكمية المُتفق عليها ومقدار الضرائب والرسوم المستوفاة والقيمة الإجمالية للفاتورة بالعملة اللبنانية وتاريخ اصدارها». علماً انّ مصلحة كهرباء لبنان تقدّم سلعة للمشتركين.
وحيث انّ المادة 52 من القانون عينه، قد نصّت على أنّه «يجب تزويد المستهلك، في الحالات المنصوص عليها في المادة 51، بمعلومات واضحة وصريحة تتناول المواضيع التي تمكنه من اتخاذ قراره بالتعاقد،
وحيث انّه استناداً الى هذه المواد، يتبيّن انّ العملة الوطنية الواجب الإيفاء بموجبها هي الليرة اللبنانية،
ويجب على مقدّم الخدمة او عارض السلعة ان يطرح السعر بالليرة اللبنانية، إلا أنّه سمح بموجب المادة 52 المشار اليها اعلاه تحديد العملة المعتمدة في حالات معينة،
كما أنّ المادة 767 عقوبات تنص على أنّه:
«من أبى قبول النقود الوطنية بالقيمة المحدّدة لها يُعاقب بالغرامة من ألف ليرة إلى عشرة آلاف ليرة».
هذا بالنسبة للنصوص العامة التي صدرت في الظروف العادية، أما بالنسبة للظروف الاستثنائية، فقد نصّت المادة 87 من قانون موازنة عام 2022 التي ألغت المادة 35 من قانون موازنة 2020 على أنّه:
«تُستوفى بالليرة اللبنانية
– الحصص التي تعود للدولة للبنانية.
– الضرائب والرسوم.
– البدلات عن كل انواع الخدمات التي تقدّمها الدولة اللبنانية عبر مختلف أنواع المؤسسات المملوكة أو المدارة أو الممولة، كلياً أو جزئياً من قبلها. وإذا اقتضت الضرورة معادلة الليرة اللبنانية بأي عملة أجنبية بالنسبة لبدلات بعض الخدمات. فيكون ذلك إلزامياً وفقاً للتسعيرة التي يحدّدها مصرف لبنان».
يجوز الفوترة بالعملة الأجنبية.
وحيث أنّه استناداً للنصوص المعروضة، يجوز لمصلحة كهرباء لبنان الفوترة بالعملة الأجنبية،
الدولار الاميركي، استناداً الى نص المادة 87 المذكور، شرط أن يردّ على الفاتورة القيمة بالليرة اللبنانية، بالاضافة الى الثمن بالدولار الاميركي، مراعاة للمبادئ العامة المنصوص عنها في قانون الموجبات والعقود وقانون النقد والتسليف وقانون حماية المستهلك وقانون العقوبات، بالإضافة إلى أنّ المادة 192 من قانون النقد والتسليف تنص على أن تُطبّق على من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية بالشروط المحدّدة في المادتين 7 و 8 العقوبات المنصوص عليها بالمادة 319 من قانون العقوبات.
في الخلاصة، علمت «الجمهورية» انّ ردّ هيئة التشريع وصل الى وزارة الطاقة والمياه وإلى مؤسسة كهرباء لبنان، وبالتالي قرار الجباية بالعملة الاجنبية يصبح نافذاً بعد رأي هيئة التشريع والاستشارات، بقرار من الموسسة المعنية.