واشنطن تتخلّى عن سلامة؟

الحصار يشتدّ على رياض سلامة. بعد سويسرا والتحقيق المستمر بشأن تورّطه بغسيل أموال واختلاس محتمل، تتجه الولايات المتحدة الأميركية لإطلاق رصاصة الرحمة على حاكم المصرف المركزي اللبناني. وكالة «بلومبرغ» أفادت أمس بأن واشنطن تدرس فرض عقوبات على سلامة. و«نقلاً عن أربعة أشخاص مطّلعين على الأمر»، أشارت الوكالة إلى أن مسؤولين داخل إدارة الرئيس جو بايدن ناقشوا إمكانية اتخاذ إجراءات منسّقة مع نظرائهم الأوروبيين تستهدف رأس السلطة النقدية في لبنان. ونقلت الوكالة عن مصادرها أن «المناقشة ركّزت حتى الآن على إمكانية تجميد أصول سلامة في الخارج واتخاذ إجراءات من شأنها أن تحدّ من قدرته على القيام بأعمال تجارية في الخارج». وأوضحت أن المداولات جارية وقد لا يكون القرار نهائياً بشأن اتخاذ إجراء وشيك.

وفيما أكدت مصادر حكومية مسؤولة أن المعنيين في لبنان لم يتبلّغوا أي شيء من هذا القبيل، ضجّت الساحة السياسية أمس بالخبر وتداعياته المحتملة. أما مبررات القرار الأميركي، فمرتبطة بسلوك الإدارة الأميركية الجديدة، المعتمد على سياسة ثنائية الأبعاد: الحفاظ على مصالح أميركا في العالم من جهة، و«عدم إعطاء شركائنا الذين يتبعون سياسات تتعارض مع المصالح والقيم الأميركية» فرصة الاستمرار بأدائهم السابق، من جهة أخرى. وهي بهدف تسويق صورتها الجديدة، مستعدّة لإطاحة الشركاء والعملاء، متى شعرت بأنهم يضرّون بهذه الصورة، ومتى توقفوا عن خدمة المصالح الأميركية. وفي لبنان، القطاع المصرفي الذي كان أحد الأعمدة التي ترتكز عليها السياسة الأميركية، بات بحكم المنهار والمفلس.

مصادر مطّلعة قالت إن دوائر لبنانية رسمية صرحت بأنها كانت قد تبلّغت، قبل أيام، أن الحكومتين الأميركية والبريطانية تتابعان من خلال إدارات خاصة الملف المالي والنقدي في لبنان، ودور مصرف لبنان ودور الحاكم رياض سلامة على وجه التحديد.

وأشارت المصادر الى أن الأميركيين يهتمّون خصوصاً بالتعميم الرقم 154 الذي أصدره مصرف لبنان، وخاصة لجهة إعادة جزء من الأموال المحوّلة إلى الخارج منذ عام 2017، وسبق أن سألوا رياض سلامة عن الآليات التي تتيح تنفيذه، وخصوصاً لجهة إقناع أصحاب مصارف ومساهمين كبار ومديرين تنفيذيين بإعادة 30 في المئة من أموالهم التي حُوِّلت الى الخارج. وقال زوار واشنطن إن الأميركيين استغربوا عدم تحرك هيئة التحقيق الخاصة منذ أيلول الماضي، أي بعد وقت قصير من صدور التعميم. وكشفت أن الأميركيين سبق أن طلبوا من سلامة تحريك هيئة التحقيق الخاصة، ولم يفعل ذلك إلا متأخراً. وحسب الزوار، فإن الأميركيين اهتموا أيضاً بملف استعادة الـ 15 في المئة من قبل جميع الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج في السنوات الماضية، وحتى بكيفية عمل المصارف لزيادة رساميلها بنسبة عشرين في المئة.

وقالت المصادر إن الجديد في ملف سلامة هو أن الأميركيين صاروا يسألون منذ فترة عنه وعن معاملاته وحتى عن مساعدين له، بمن فيهم ماريان الحويك، وأنهم سألوا مصرفيين لبنانيين كباراً عن موقفهم من سياسات الحاكم، وقد تلقّوا تقارير من مصارف صغيرة احتجّت على سلامة وعلى تمييزه بين البنوك في ملف الهندسات أو الدعم.
وحسب الزوار، فإن معلومات طرحت في المداولات الأميركية مع زوار واشنطن اللبنانيين، أشارت الى معرفة أميركية تفصيلية بكل التحويلات التي جرت قبل 17 تشرين الأول 2019 وبعده، وأنهم كانوا ينتظرون من سلامة العمل على وقفها أو السعي الى استرداد قسم منها.

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقةدياب استقبل وفدا من ايدال
المقالة القادمة«داتا» اللبنانيين على «سيرفيرات» مشبوهة