الأغلبية الساحقة من اللبنانيين لم تكترث أبداً لقرار استرداد قطاع الخلوي من الشركتين المشغلتين “أوراسكوم” و”زين” بعد انتهاء عقديهما، وتعمّدهما المماطلة قبل أن يترك مدراؤهما المكاتب لتسليم الإدارة إلى المجلسين الجديديْن، وسط سلوك مريب وملتبس لوزير الاتصالات طلال حواط الذي لم يُفهم موقفه: هل هو مع الدولة أم ضدّها!
لقد تمّ التعامل مع القطاع وكأنّه “بئر نفط” لا وظيفة له إلا ضخّ المال في الخزينة العامة مقابل إهمال الجانب الاقتصادي المحيط به، كونه قطاعاً حيوياً قادراً على تطوير عدد كبير من القطاعات الأخرى. وعلى هذا الأساس جرى نقل المصاريف التشغيلية في العام 2012 إلى عاتق الدولة بعد سحبها من يديّ الشركتين المشغلتين، ما أفقد القطاع فرصة التطوير وأوقعه في المقابل في فخ الهدر بمئات ملايين الدولارات.
وفق المعلومات فإنّ بعض أعضاء مجلس إدارة “ميك 2” طرح على الوزير امكانية سحب السيارات الموضوعة بتصرف كبار المدراء في الشركة، والذين تتجاوز رواتبهم الـ 15 ألف دولار وتصل أحياناً إلى 22 ألفاً، على اعتبار أنّ هؤلاء يتمتعون بتقديمات كثيرة منها بدل تنقل (500 دولار) وبدل سكن (500 دولار) وكأنّهم أجانب! وقد رأى بعض أعضاء مجلس الإدارة أنّ وضع سيارات في تصرفهم مقابل حصولهم على بدل نقل هو هدر قد يعرّضهم للمساءلة، خصوصاً وأنّ الشركة تعاني من نقص أصلاً في السيارات التي يحتاجها موظفون آخرون في أعمالهم.
المفاجأة أو بالأحرى، الصاعقة، كانت في رفض الوزير هذا الاقتراح واصراره على ابقاء الوضع على حاله من دون المسّ به. يقول المعنيون إنّ رفض حواط لا يشكّل بحد ذاته خطيئة لا تغتفر، لكن عدم اقدامه على أي قرار أو خطوة من شأنها أن تظهر حسن نيّة اصلاحية، هو ما يضعه في مرمى التصويب. لا بل، إنّ عدم تصدّيه للسياسة الاستنسابية في دفع الفواتير المتكبدة على الشركتين، لا سيما للمورّدين المحليين، ودفعها بالدولار، كلياً أو جزئياً، يرفع من منسوب الشكوك، فيما إصراره على تعيين موظف كبير في موقع مسؤولية مالية رغم أنّ هذا الموظف العتيق لا يشهد له بحسن سيرته، يزيد من علامات الاستفهام!