رفضت مؤسسة «جوستيسيا» أي مساس بالودائع المصرفيّة معتبرة انّه بمثابة تعدٍّ على الملكية الخاصة التي يكفلها الدستور، ولذلك أي قرار من هذا النوع هو غير دستوري. ووصفت أي محاولة في هذا الاتجاه بأنّها بمثابة اختلاس لأموال المودعين.
عقدت مؤسسة «JUSTICIA» إجتماعاً إستثنائياً بدعوة من رئيسها المحامي بول مرقص وحضور أمين السرّ القاضي الياس ناصيف والمستشارة القاضية ميسم النويري والأعضاء، لتداول ما يُطرح من أفكار من شأنها المساس بالودائع سواء كانت على سبيل الاقتطاع المجرّد Haircut أو مقابل أسهم تُعطى للمودع في المصرف Bail in وسجّلوا ملاحظات جوهرية وأطلقوا البيان – النداء التالي:
1- إنَّ أي مساس بالودائع المصرفيّة مهما كانت تسميته، سواء كان إقتطاعاً مباشراً (hair cut) أو استبدالاً لجزء من الودائع المصرفيّة مقابل أسهم في المصارف (bail in)، هو تعدٍّ على الملكية، ولذلك هو غير دستوري ولو صدر بموجب قانون، لأنّه يخالف الفقرة «و» من مقدّمة الدستور التي تنصّ على أنَّ لبنان يقوم على النظام الإقتصادي الليبرالي الحرّ الذي «يكفل» الملكية الخاصة.
2- إنَّ هكذا إجراء يحمّل المودعين حسني النيّة، أعباء الماليّة العامة التي يُسأل عن الفجوة الماليّة فيها من توالى على الحكم غير الرشيد وليس المودعين الذين عانوا الأمرّين: بدءاً عندما جرى اختلاس وتبديد أموال الخزينة، وثانياً عندما يجري تهديدهم اليوم بمدّخراتهم.
3- إنَّ هكذا إجراءات، لو حصلت، تنافي المبادئ الإقتصادية القائمة على بناء الثقة وتعزيزها إزاء المستثمرين والمودعين، فيما هي تضرب ما تبقّى من ثقة في القطاع المصرفي اللبناني، وسيستغرق إعادة بنائها طويلاً، بدليل خفض التصنيف الدولي للبنان، كما وإحجام المودعين عن ضخ المزيد من الأموال في المصارف، وصولاً إلى سحب العديد منهم مدخراتهم وتكديسها نقداً في المنازل والمحال. فضلاً عن أنّ مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تترك وصمة سلبية شبه أبديّة على الساحة المالية والمصرفية. فضلاً عن أنّ هكذا إجراء سيضرب حقوق المودعين دون أن يحلّ مشكلة الهدر والمالية العامة.
4- ليس دقيقاً القول إنَّ هذه الإجراءات سبق أن اتُخذت في بلاد أخرى، لأنّ تجارب هذه البلاد مختلفة، وإذا كان بعضها قد اعتمد تجربة الـbail in (إعطاء أسهم للمودعين مقابل جزء من ودائعهم) إلّا أنّ ذلك قد أتى في سياق مختلف تماماً عن حالة لبنان. ففي حالة قبرص مثلاً (2013) والتي يتغنّى البعض بتجربتها على سبيل المُقارنة، وأُسوة بسائر الدول التي عانت من تجارب مماثلة، لم تُعتمد هكذا إجراءات إلاّ إزاء مصرفين اثنين فقط لأسباب خاصة بهما. كذلك الأمر بالنسبة لمصرف إسبانيا الشعبي (2017) الذي طالته هذه الإجراءات بسبب كونه متعثراً. والأمر عينه ينسحب على إيطاليا بالنسبة للمودعين في مصارفها الأربعة المتعثرة هي الأخرى. تعني هذه التجارب العالمية أنّ الإقتطاع من الودائع إن حصل، فإنّه لم يتناول جميع المصارف ولم يكن الغرض منه تغطية فجوة في الماليّة العامة ناتجة من الفساد بل إنقاذ مصارف متعثرة.
5- إنَّ مبدأ الإقتطاع (hair cut) لا يتناول الودائع المصرفيّة بل أكثر ما يتناوله، إن حصل، فهو سندات الدين التي تكون أصدرتها الدولة المتعثرة أو بالأحرى فوائدها.
6- من غير المؤكّد أنّ إجراءات الإقتطاع لن تصيب صغار المودعين ومحدودي الدخل، بدليل أنّ المتقاعدين مثلاً، الذين إدخروا تعويضاتهم أملاً بالتنعم بها يوماً ما، ستصيبهم هكذا إجراءات لو حصلت. والأمر ينسحب على كثر من المودعين.
7- حريٌّ أن يصار إلى ترميم الفجوة الماليّة للخزينة العامة من عائدات الأموال العامة المُختلسة، بدلاً من إعطاء الإنطباع بأننا أمام إختلاس أموال المودعين الخاصة.
واعلنت المؤسسة تبنّيها مضمون بيان نقيب المحامين في بيروت التحذيري من المسّ بالودائع، والذي تحرّك مشكوراً لجمع نقباء المهن الحرّة، وأطلق الموقف القانوني المناسب، كما أنّها تتواصل مع رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي في ما خصّ الجهود الآيلة للدفاع عن حقوق المودعين.