شكّل قرار بعض المصارف تعليق العمل بالتسهيلات المصرفية صدمة كبيرة لدى مجتمع الأعمال. فبعد الخسائر الكبيرة التي سببتها أسعار الفوائد الجنونية، وتقويضها للإستثمارات، أتت إشعارات المصارف بوقف تمويل القطاعات التجارية وتسهيل فتح الإعتمادات اللازمة لها، وتأمين التمويل للتجار للإستيراد، ووقف العمل بتسهيلات الحساب الجاري OVER DRAFT، والإعتمادات المستندية على أشكالها، وحتى القروض التجارية… لتدق المسمار الأخير في نعش الإقتصاد اللبناني.
الحد من التسليفات للشركات يعني عملياً دفعها الى إقفال أبوابها، وتسريح ما تبقى من موظفيها. إذ ليس خافياً على أحد إعتماد القطاع الخاص بنسبة كبيرة جداً في تمويله على القروض المصرفية. وما الإجراءات المقيّدة سوى مزيد من الحصار على الشركات وصلت بها الى حد الإختناق، ودفعتها بعد انعدام المبيعات وارتفاع الفوائد الى شفير الهاوية.
الإشعارات المصرفية وإن كانت موقتة فهي لم تُحدد بمهلة زمنية، بل ترك العمل بها مفتوحاً “لأجل غير مسمى”، أو “حتى تحسن الوضع الإقتصادي والمالي في البلاد”.
تذرّع المصارف بالمادة 306 من قانون التجارة، التي تمنح المصرف الحق في تحديد أو تعليق أو خفض سقف التسهيلات المصرفية أو حتى إنهاء العقد، يؤخذ عليه قصر النظر. فالمصارف أدرى من غيرها بمدى اعتماد قطاع الأعمال على التمويل المصرفي، في ظل غياب أسواق رأس المال وفقدان الشركات لمصادر التمويل الأخرى. وهي الأعلم أن وقف تسهيلاتها سيدفع الى مزيد من التأزم ويدفع باتجاه المزيد من التراجع في الوضعين الإقتصادي والمالي، والى إقفالات بالجملة ستطاول مختلف القطاعات الإنتاجية والتجارية… وبالتالي الى استمرار الإجراءات المقيدة للإقتصاد.