حذر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي خلال هذا العام مقارنة بالعام الماضي مع وجود مؤشرات ضئيلة على حدوث انتعاش خلال 2024 ووسط آفاق قاتمة بشأن خفض الديون.
وقالت المنظمة الأممية في تقريرها حول التجارة والتنمية لعام 2023 إن “النمو الاقتصادي العالمي سيتباطأ من 3 في المئة في عام 2022 إلى 2.4 في المئة في عام 2023”.
وأكدت أن الحاجة إلى إجراء إصلاحات مؤسسية للهيكل المالي العالمي وتبني سياسات أكثر عملية لمعالجة التضخم وعدم المساواة والديون السيادية فضلاً عن رقابة أقوى على الأسواق الرئيسية.
ودعا التقرير إلى تغيير اتجاه السياسة بما في ذلك سياسات البنوك المركزية الرئيسية وأن تصحب ذلك الإصلاحات المؤسسية التي تم التعهد بها خلال الأزمة الصحية.
وشددت الأمينة العامة لأونكتاد ريبيكا غرينسبان على ضرورة تجنب أخطاء سياسات الماضي واعتماد خطة إيجابية للإصلاح في سبيل حماية الاقتصاد العالمي من الأزمات البنيوية المستقبلية.
وقالت “نحتاج إلى مزيج متوازن من السياسات المالية والنقدية لتحقيق الاستدامة المالية وتعزيز الاستثمار الإنتاجي وخلق وظائف أفضل”، داعية إلى التعامل مع التفاوتات العميقة في نظام التجارة والمالية الدوليين.
وسلط التقرير الضوء على قضايا مهمّة وأكد الحاجة الملحة إلى معالجتها، مشيراً إلى أن الاقتصاد العالمي يقف عند مفترق طرق حيث تلقي مسارات النمو المتباينة واتساع فجوة عدم المساواة وتزايد أعباء الديون بظلالها على مستقبله.
وتؤكد الوثيقة أنّ المزيج الخانق من ارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملات وتباطؤ نمو الصادرات “يحدّ من الحيّز المالي الذي تحتاجه الحكومات لتوفير الخدمات الأساسية” ويحوّل “العبء المتزايد لخدمة الديون إلى أزمة تنمية”.
وتشير أونكتاد إلى أنّ نحو 3.3 مليار شخص يعيشون الآن في بلدان تنفق على سداد الفوائد على ديونها أكثر مما تنفق على التعليم أو الصحة.
والبلدان الأكثر تضرّراً هي البلدان النامية منخفضة ومتوسطة الدخل التي توجّهت إلى أسواق رأس المال الدولية بعد أزمة عام 2008.
وأكّد المؤتمر أنّه “على مدى العقد الماضي، تضاعف الدين الخارجي العام والديون الخارجية المضمونة من الدولة لهذه الاقتصادات ثلاث مرات”.
وقفزت مدفوعات خدمة الديون الخارجية المضمونة من الدولة كنسبة من الإيرادات الحكومية لهذه البلدان، من حوالي 6 في المئة عام 2010 إلى 16 في المئة عام 2021.
ويتسم التعافي بعد الجائحة بالتباين، ففي حين أظهرت اقتصادات بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وروسيا واليابان والبرازيل والمكسيك والهند مرونة في 2023، تواجه اقتصادات أخرى تحديات هائلة ويثير هذا التباين مخاوف بشأن مستقبل النمو العالمي.
وشدد التقرير على ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لمنع المزيد من البلدان من الوصول إلى حافة الضائقة المالية والأسوأ من ذلك الانزلاق إلى العجز عن السداد. ويطالب مؤتمر أونكتاد إلى إجراء إصلاحات هادفة لقواعد وممارسات الهيكل المالي الدولي وتقديم حلول منصفة وفي الوقت المناسب لإدارة أزمات الديون.
واعتبرت غرينسبان أنّ الجهود المبذولة لمحاولة حلّ أزمة ديون الدول الفقيرة غير كافية نظراً لحجم المشكلة وإلحاحها. ودعت إلى البحث في هذا الموضوع الأسبوع المقبل خلال اجتماعات الخريف للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وخلال مؤتمر صحفي عرضت فيه التوقعات الاقتصادية السنوية التي جمعها مؤتمر أونكتاد قالت “أودّ أن أرى مسألة الديون في النقاشات… إنّها مشكلة مهمّة”.
وأكّدت أنّ الجهود المبذولة، لاسيما ضمن مجموعة العشرين أو في مؤسسات بريتون وودز (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي)، لإيجاد سبل لتخفيف عبء ديون البلدان منخفضة الدخل، ليست كافية.
وشدّدت الأمينة العامة على أنّ “الأمر بطيء للغاية، لأنّ المزيد من البلدان تحتاج إلى المساعدة. ولذلك نحتاج إلى آليّة أفضل لحلّ مشكلة الديون بسرعة أكبر”.
ومن المقرّر أن يعقد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اجتماعهما التقليدي في الخريف خارج أسوار مقرّيهما في الولايات المتحدة هذا العام، في مراكش بالمغرب.
وسيجتمع القادة الماليون وكبار المموّلين من أنحاء العالم وغيرهم من قادة التنمية والمنظمات غير الحكومية بداية من الاثنين المقبل ولمدة أسبوع في مراكش التي ضربها زلزال عنيف في شهر سبتمبر الماضي.