أبواب “النافعة” مشرّعة أمّا المعاملات فعالقة

عادت النافعة في النبطية إلى العمل، غير أنّ موظّفيها الـ11 التابعين لهيئة إدارة السير لم يحضروا. المكاتب فارغة. لم يتقاضوا رواتبهم المستحقّة منذ أكثر من 6 أشهر. وحدهم الموظّفون التابعون لوزارة الداخلية حضروا، جهّزوا عدّة العمل، بانتظار عودة الموظّفين المتوقّعة اليوم. أكثر من 20 ألف معاملة عالقة بسبب الإضراب، ومن الصعب إنجازها بشكل سريع، بعدما حصرت مهمّة النافعة بتسجيل السيارات الأجنبية وفق تراتبية الأرقام، وأبقت باقي المعاملات، من دفاتر سَوق وتسجيل سيارات وتجديد لوحاتها عالقة حتى إشعار آخر. فهل جاء فتح النافعة إرضاء لتجّار السيّارات على حساب المواطنين العاديين أم صفقة انتخابية؟

قبل مدّة أصدرت وزارة الداخلية قراراً يقضي بتمديد العمل برخص السيارات المنتهية الصلاحية حتى نهاية العام الحالي، غير أنّ هذه الخطوة يراها مُعقّبو المعاملات «إبرة مورفين»، لا تقدّم ولا تؤخّر. أيّ مواطن يتعرّض لحادث سير ورخصة القيادة منتهية الصَّلاحِيَة، لن يعترف الضمان والتأمين بالحادث.

كيف بدا يوم النافعة الأوّل؟

عند الباب يقف دركيّ يطلب من المواطنين المغادرة لأنّ النافعة مقفلة. درج مظلم، تجتازه لتصل إلى المكاتب، معظم «اللمبات» محترق، العَتمَة سيّدة المشهد. فالمبنى المُستأجَر منذ أكثر من ثلاثين عاماً، حالته مزرية. تصدّعات كبيرة تنتشر في مكاتبه، إضافة إلى تسرّب المياه. الوضع مأسويّ في الداخل، حيث تتوزّع المكاتب بين تسجيل سيارات وامتحانات سَوق وإصدار الرخص وغيرها.

ولكن «جود بالموجود» وِفق أحدهم. يتولّى عامل التنظيفات تجهيز المكاتب بانتظار عودة الموظّفين، لعلّها تُعيد الحياة لواحدة من أكثر مرافق الدولة التي تدرّ مالاً، فالنافعة منجم ذهب، فكيف مع تسجيل السيّارات الأجنبية؟

مصادر مطّلعة أشارت إلى أنّ عودة النافعة للعمل رهن بعودة الموظّفين، وهو أمر منوط بدفع المستحِقّات المالية، وذكرت أنّ هناك مساعي حثيثة بذلها رئيس مصلحة هيئة إدارة السير العقيد علي طه ومحافظ بيروت من أجل دفع مستحِقّات الموظفين والمساعدات الإجتماعية بغية تسيير عمل المرفق المهمّ في لبنان.

ما يخشاه عدد من معقّبي المعاملات أن تكون الأعمال حصراً للتجّار، وأن يكون قرار فتح الأبواب لتسيير عمل صفقة السيارات الأخيرة مع تخفيض التعرفة الجمركية من 45 ألف ليرة إلى 8000، ما يطرح جملة استفهامات، متسائلين عن سبب تغييب باقي المعاملات؟

انتظر أسعد ستة أشهر لينجز معاملة تسجيل سيّارته، قصد النافعة في مدينة صور، يحمل كلّ الأوراق المطلوبة، غير أنه تفاجأ بالإقفال، لم يجد سوى كلمة «بكفّي»، ليختصر بها غضبه، مشيراً إلى أنّ سيّارته باتت غير قانونية، ويتمّ توقيفه عند الحواجز، ويحاسب لهذا الأمر، «ولكن شو ذنبي إذا النافعة مقفلة».

علّق آمالاً على عودة الحياة لهيئة إدارة السير. ظنّ أنّ الأمور تتّجه نحو الحلحلة، غير أنّ ما وجده هو «إبرة مورفين لا أكثر». كثر مثل أسعد قصدوا النافعة لتسجيل سياراتهم، ليحصلوا على جواب «ممكن بكرا».

«يا فرحة ما تمّت». عبارة تختصر واقع النافعة أمس، أبوابها مشرّعة ومعاملاتها عالقة، ما أثار حفيظة معقّبي المعاملات الذين رأوا أنّ الخطوة أتت ناقصة، إذ لا يكفي وفق محمد جمعة تسجيل السيارات الأجنبية، هناك سيارات محليّة دفاترها منتهية الصَّلاحِيَة، أو انها «أنقاض»، فضلاً عن فقدان لوحات السيارات، معتبراً أنّ إنجاز أي معاملة يحتاج إلى توفّر دفتر سيارة وأوراق ولوحة، ولكن في ظلّ تخبّط الدوائر الحكومية، يصبح الأمر عاديّاً.

من جهته، قال أحمد حسن، وهو أحد معقّبي المعاملات: «تبلّغنا فتح هيئة إدارة السير، غير أنّ القرار لم يكن مدروساً بشكل كبير، إذ إنه جاء مخيّباً بسبب تغيّب الموظفين ونأمل في أن تعالج مسألة المستحقّات لأنّ المواطن لم يعد قادراً على تحمّل أعباء إضافية».

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةالعقارات أسيرة التقلّبات: ولّى زمن “الشروة اللَقطة”…
المقالة القادمة“النافعة” تفتح مجدّداً… عودة خجولة وإرباك