أدوية الأمراض المزمنة إلى الترشيد… والاحتكار «شغّال»

قبل أيام، وفي عزّ أزمة انقطاع الأدوية، عمد بعض المستودعات، وأحدها يملكه أحد الصيادلة، إلى «الإفراج» عن نحو 300 دواء ومستحضر وحليب للأطفال دفعة واحدة، مع «اقتراب الكثير منها من موعد انتهاء صلاحيتها»، على ما يقول بعض الصيادلة الذين وصلتهم لائحة الأدوية «المتوافرة». واللافت في تلك الأدوية التي ظهرت فجأة أن «معظمها لا تزال الأسعار القديمة عليها، فيما تباع بالأسعار الجديدة»!

طوال عمر الأزمة، كان هؤلاء جزءاً لا يتجزأ من الذين أخذوا المرضى رهينة، بدءاً من مصرف لبنان وصولاً إلى المستوردين والتجار الذين أوقفوا منذ أربعة أشهرٍ استيراد معظم الأدوية ومنها أدوية الأمراض المزمنة. أما أدوية الأمراض السرطانية، والتي أعلن أمس وزير الصحة العامة فراس الأبيض عن عودتها، مشيراً إلى أنه سيصل إلى مركز الكرنتينا بحدود 40 دواء «ستؤمن انفراجة قريبة»، فقد قطع هؤلاء «خبرها» لفترة طويلة للضغط على مصرف لبنان وإجباره على تسديد مستحقاتهم السابقة. وإذ يعودون اليوم لاستيرادها، فلا أحد يعرف متى تعود إلى الانقطاع، خصوصاً أن ما يعطيه مصرف لبنان لدعم هذه الأدوية ليس ثابتاً ومستقراً.

في هذا السياق، أعلن الأبيض أمس القرار بإعداد لائحة بنسب «التخفيض» بحسب الشرائح، والمرجح أن يبقى الدعم على الأدوية ذات الأسعار الباهظة بحدود 65 في المئة، فيما تقل نسبة الدعم على الأدوية المتوسطة السعر إلى ما بين 40 و45 في المئة، وتنخفض نسبة الدعم على الأدوية ذات الأسعار الرخيصة إلى ما بين 25 في المئة و30 في المئة.
وفي سياق هذه التخفيضات، تطرق وزير الصحة إلى إجراءات «تخفف» من وطأة رفع الدعم، على قاعدة زيادة الدعم للمواد الأولية التي تدخل في صناعة المستحضرات والأدوية المحلية، بما يعزّز قيمة التخفيض في أسعار تلك الأدوية، وتوسيع برامج أدوية مراكز الرعاية التي تعدّ ما يقارب 250 مركزاً، يستفيد منها بحسب الأبيض ما يقرب من 350 ألف مريض.

لكن، على رغم تلك الإجراءات، ثمة هاجسان أساسيان، أولهما أن معظم المرضى باتوا دون خط الفقر ما يعني أنهم لن يكونوا قادرين على تحمل تبعات هذا الترشيد، وهذا أسوأ من الانقطاع، أما الهاجس الآخر فيتعلق بمستوردي الأدوية والتجار، وما إذا كان الترشيد سيشجعهم على استيراد الأدوية، أو على الأقل إخراج ما في مستودعاتهم ومخازنهم؟

مصدرجريدة الأخبار - راجانا حمية
المادة السابقةبيننا وبين الصين 50 عاماً من الثقة فلماذا لا نطوّر العلاقات؟ – بقلم علي محمود العبد الله – رئيس تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني
المقالة القادمةالتلوّث يقلّص أدمغة اللبنانيين!