موجة غضب جديدة تجتاح المودعين على خلفية الضبابية التي تسيطر على الوضع المالي عموماً وعلى واقع القطاع المصرفي والليرة وصولاً إلى مصير الودائع، التي أصبحت في دائرة القلق والخوف من الضياع. إلاّ أن ارتفاع عدد عمليات الإقتحام وبمعزلٍ عن نتائجها على المصارف كما على المقتحمين، لا بدّ وأن يرتّب مسؤوليات قانونية، وذلك بعدما بدأت تشهد تحولاً في الأسلوب ليتعاون أكثر من مودع في تنفيذ عملية الإقتحام.
ويطرح هذا الواقع تساؤلات حول الوضع القانوني والإجراءات التي ينصّ عليها القانون في مثل هذه العمليات، إذ يؤكد الخبير الدستوري والقانوني المحامي سعيد مالك، أن اقتحام المصارف والحصول على الودائع بالقوة، هو فعل يعاقب عليه قانون العقوبات تحت جرم “استيفاء الحق تحكّماً، والمنصوص عنه في المادتين 429 و430 من قانون العقوبات اللبناني”.
ويقول المحامي مالك في حديثٍ ل”ليبانون ديبايت” إن المادة 429 المذكورة قد نصّت صراحة على أن “من أقدم على استيفاء حقه بالذات وهو قادر على مراجعة السلطة ذات الصلاحية على نزع مالٍ كان في حيازة الغير أو استعمل العنف، عوقب بغرامة، علماً أن المادة 430 وصلت إلى العقوبة بالحبس، في حال رافق هذا الأمر عنفٌ على الأشخاص، أو باللجوء إلى إكراه معنوي أو سوى ذلك”.
ويوضح مالك، أن ما يحصل اليوم هو استيفاء الحق تحكّماً عن طريق استعمال العنف والإكراه المسلح من قبل جماعة أو من قبل أشخاص أو أفراد، وبالتالي هي جرائم معاقبٌ عليها في قانون العقوبات اللبناني في المادتين 429 و430 المذكورتبن.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان هذا الأمر يشرّع أسلوب الإقتحامات للمصارف، أم قد يؤدي إلى اقفال أبوابها كما هددت، يتوقع مالك أنه ربما يدفع إلى إقفال المصارف، لأن هذه المصارف ستجد نفسها أمام أرتال من المودعين الذين هم أصحاب حق بالأساس، وذلك لاسترجاع أموالهم.
وأمّا عن مصير المودعين الذين يلتزمون القانون ويترقبون الحلول من قبل الحكومة، فيقول مالك إن “لا سبيل أمامهم اليوم، إلاّ أن ينتظروا كلمة القانون، ونحن كرجال قانون ندعوهم إلى الإمتثال إلى الأحكام القضائية التي يُمكن أن تصدر بهذا الخصوص، لأن الفعل الذي يقدمون عليه باقتحام المصارف، وإن كان صحيحاً أنه فعل مشروع ويحقق الغاية باسترجاع الودائع العائدة للمودعين، ولكنه في الوقت عينه ممكن أن يضرّ بمصالح باقي المودعين، ويشكّل نوعاً من تصرفٍ غير قانوني، وممكن أن تكون ردود فعله، أكبر من موضوع ارتكاب فعل جرمي”.
وعن السبيل لمواجهة هذا الأمر، فيشدد المحامي مالك، على “ضرورة وضع خطة لإعادة الأموال إلى أصحابها، ولإعادة الحقوق إلى المودعين لأنه لا يمكن ترك الأمور على حالها من عام 2019 حتى تاريخ اليوم، وإلاّ تكون السلطة هي من تشرّع شريعة الغاب وتعمل على إخفاء دور القانون من أجل إيجاد حل لهذه المعضلة”.