بعد نحو ستة أشهر من دخول لبنان في دوامة الحرب، لا أرقام دقيقة الى الآن عن الخسائر التي تكبدتها قطاعاته، لا سيما الزراعة والصناعة والقطاعات التجارية، علماً أن البلديات والنقابات والهيئات الاقتصادية والوزارات المعنية يمكن أن ترصد بشكل يومي حجم هذه الخسائر ونشر أرقامها تباعاً. مقابل هذا الفراغ في الرصد والتقدير، يسجل تفاوت وتباعد في الارقام التي يعطيها الخبراء حول حجم الخسائر التي حصلت على أرض الواقع وعلى صعيد الاقتصاد ككل، وعلى صعيد كل قطاع على حدة. علماً أنه عملياً لم يعد أي قطاع اقتصادي في لبنان بمنأى عن تداعيات الحرب الدائرة بين «حزب الله» واسرائيل منذ 8 تشرين الاول 2023. فبعد الشلل والخسائر التي أصابت القطاع السياحي (لا تزيد نسبة الاشغال في فنادق بيروت الكبرى على 5 بالمئة، في حين أن هناك فنادق خارج العاصمة أقفلت أبوابها توفيراً للمصاريف التشغيلية)، جاء دور القطاع الصناعي الذي بدأ يتلقى ضربات مؤلمة، وأبرزها القصف الاسرائيلي لمصنع في بلدة الغازية خلال شهر شباط الماضي، وعلى مرافق صناعية في البقاع.
القطاع الزراعي في لبنان ليس أفضل حالاً، فأهالي القرى حيث تدور المواجهات العسكرية خسروا موسم زيتونهم في الخريف الماضي ولم يقطفوه خوفاً من القصف. ولم يعمد أكثر مزارعي الوزاني الى زراعة موسم الخضار الشتوي والحشائش على جري عادتهم، ما انعكس نقصاً في كميات الخضار لتلبية حاجات السوق الداخلي، وارتفاع كبير في اسعارها مع بداية شهر رمضان. ما اضطر التجار الى استيرادها من سوريا ومصر بحسب نقابة مزارعي الجنوب، كما ان معظم مزارعي التبغ في هذه القرى لم يزرعوا موسمهم هذا العام.
الخسائر 6 ملايين دولار كل يوم
في القطاع التجاري، سوق الكماليات شبه مشلول للشهر الخامس على التوالي. وبلغة الارقام يشرح الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ»نداء الوطن»: «في الاضرار المادية هناك 1500 منزل دمرت كلياً و1500 جزئياً و4000 بأضرار بسيطة. أما الاضرار الزراعية فلا يمكن حصرها حالياً لأن القصف مستمر، لكن هناك مواسم تضررت كموسم الزيتون الماضي ولم يعمد مزارعو التبغ في قرى المواجهات الى زراعة مواسمهم في القرى الحدودية»، لافتاً الى أن «هناك خسائر غير مباشرة، فبناء على الناتج الوطني الذي يبلغ بحدود 22 مليار دولار، فهذا يعني ان حجم اقتصادنا اليومي هو 60 مليون دولار، وفي بداية الاحداث تراجعت الحركة بين 20 و25 بالمئة، لكن اللبنانيين تأقلموا مع الاوضاع. ومن خلال دراسة عينات، يمكن القول إن الحركة الاقتصادية تراجعت منذ 8 تشرين الاول 2023 بنسبة 10 بالمئة اي ان الخسائر تقدر بـ6 ملايين دولار كل يوم، ونحن في الـ156 يوماً للأزمة وهذا يعني أن خسائرنا بلغت نحو مليار دولار تقريباً».
ويختم: «صحيح أن اللبنانيين تأقلموا مع التطورات الامنية، ولكن هناك قطاعات تأثرت ولا سيما القطاع السياحي وحركة المطار والتمهل في فتح اي استثمار جديد مهما كان صغيراً».
نحن في اقتصاد حرب
في الميزان الاقتصادي يوضح الخبير الاقتصادي الدكتور باسم البواب لـ»نداء الوطن» أن «لبنان يخسر منذ 8 تشرين 2023 بين 20 و25 مليون دولار يومياً، وهي خسائر غير مباشرة وتطال القطاع السياحي وحركة المطار والمرافق السياحية وتراجع أعداد المغتربين اللبنانيين والعرب الى لبنان، ولا سيما في موسم الاعياد خلال فصل الشتاء الحالي، وبالاضافة الى توقف كل مشاريع الاستثمارات في لبنان على تواضعها»، مقدراً «حجم الخسائر للاقتصاد اللبناني منذ بداية الازمة نحو 3 مليارات دولار. فعلى صعيد الخسائر المباشرة، الاهم هي الخسائر البشرية والتي تجاوزت الـ300 شخص، وخسائر مادية من خلال دمار المنازل والبنى التحتية في قرى المواجهات على الحدود والتي تقدر بحدود مليار دولار الى الآن».
يضيف: «نحن في ازمة كبيرة ولا سيما مع توسع الاعتداءات على مختلف المناطق اللبنانية والمرافق الاقتصادية. الخسائر بين مباشرة وغير مباشرة نحو 4 مليارات دولار، في حين أن حجم الاقتصاد اللبناني هو 25 مليار دولار اي 15 بالمئة من حجم الاقتصاد، واذا اكملنا على هذا النهج خسائرنا في نهاية العام قد تصل الى 20 مليار دولار». ويختم: «نحن نعيش في حالة حرب ولسنا في اقتصاد سلم وما يزداد الطلب عليه هو المواد الغذائية الضرورية فقط».