لا يزال تقرير صندوق النقد الدولي، الذي صدر الأسبوع الماضي يثير الانقسام حوله. فمن جهة فريق وعلى رأسه نائب رئيس الحكومة، يدافع عن التقرير ويجعل منه إنذارًا للسلطة بضرورة التعجيل بالإصلاحات، ومن جهة أخرى هناك معارضون (خبراء اقتصاد بالدرجة الأولى) يعتبرون أن تقرير صندوق النقد الدولي غير دقيق على صعيد الأرقام، خصوصًا في ما يخص الدين العام الذي انخفضت قيمته أكثر بكثير مما يدّعيه تقرير صندوق النقد. أضف إلى ذلك، يعترض الخبراء على شطب الديون السيادية وديون المصرف المركزي، لأنها ستضرب ودائع المودعين في المصارف، وهو أمر حتمي نظرًا إلى أن المصارف ومصرف لبنان أقرضوا الدولة من أموال المودعين خصوصًا منذ العام 2017.
هذا الرأي واكبه قرار لمجلس شورى الدولة، الذي أبطل قرار حكومة تصريف الاعمال شطب ديونها وديون المصرف المركزي لمصلحة المصارف اللبنانية، بحكم أن الأموال هي أموال المودعين وليست أموال المصارف. وبالتالي، ظهرت تعقيدات جديدة أمام الخطّة الحكومية فرضت معطيات تتعلّق بحماية الودائع. وهنا يرى بعض الخبراء أن هناك استحالة المضي بخطّة الحكومة التي تبنّاها صندوق النقد الدولي، وهو ما يعني أمرا من اثنين: إمّا إعادة التفاوض مع صندوق النقد على خطة جديدة، واما عدم التوقيع مع صندوق النقد على برنامج إنقاذي. ويضيف هؤلاء الخبراء أن خلاص لبنان ممكن بدون توقيع برنامج مع صندوق النقد الدولي، بفضل إصلاحات جدّية ودعم الاغتراب اللبناني، وهو ما يعني شفافية مطلقة وحرب على الفساد بالدرجة الأولى.
في الختام إنها الفوضى بأحلى سماتها، فوضى سياسية ومالية ونقدية وأمنية واجتماعية تجتاح المجتمع اللبناني، تهدف إلى خدمة مصالح الأحزاب والسياسيين، في وقت يقف الشعب متروكًا لمصيره الظاهر أنه مأسوي، بحكم أن الأسوأ لم يأتِ بعد.