رغم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها اليونان منذ سنوات، وإجراءات التقشف التي تشهدها، اتجهت أثينا إلى عقد صفقات لشراء السلاح، ما أدى إلى إثارة الجدل في البلاد، حيث يرى خبراء، أنّ الاقتصاد اليوناني سيواجه أزمة اقتصادية أعمق بسبب هذه الخطوة.
وأعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، في وقت سابق من سبتمبر/أيلول الجاري، أنه الحكومة تخطط لإنفاق 10 مليارات يورو على التسلح خلال 10 سنوات.
وجاء الإعلان اليوناني خلال تصاعد التوتر مع تركيا، بشأن التنقيب عن الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط.
وبحسب الخبراء، ستزيد خطة الإنفاق العسكري العبء على الاقتصاد اليوناني، الذي يعاني أصلاً من الآثار السلبية لجائحة فيروس كورونا، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي يمر بها.
ووفق بيانات للبنك الدولي أوردتها وكالة “الأناضول”، اليوم الثلاثاء، فإنّ الإنفاق على التسلح في اليونان بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق عام 2009، حين بلغ نحو 10 مليارات يورو.
وبحسب ذات المعطيات، كانت في اليونان أعلى نسبة للإنفاق على التسلح بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي عام 1977، وبلغت آنذاك 5.9%. وتشير بعض الأوساط، إلى أنّ حجم الإنفاق المرتفع على التسلح سيضر باقتصاد البلاد.
ووفقاً لمقالة للكاتب فيليب إينمان، من صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، فإنّ من أسباب أزمة الديون اليونانية التي بدأت أواخر 2009 ولا تزال آثارها مستمرة حتى الآن هو “الخلاف المستمر منذ سنوات مع تركيا”.
ووفقاً للمقالة، فإنّ “نسبة الإنفاق على الدفاع للناتج المحلي بلغت 2.1% عام 2011، عندما كانت اليونان تعاني من تداعيات الأزمة الاقتصادية، في حين بلغت هذه النسبة لدى بلدان الاتحاد الأوروبي من أعضاء الناتو خلال تلك الفترة 1.6%.
ويقول خبير سياسات وتكنولوجيا الدفاع والفضاء والطيران التركي، أردا مولود أوغلو، لوكالة “الأناضول”، إنّ اليونان “بدأت تشعر بتحسن طفيف في الاقتصاد خلال السنوات الخمس الأخيرة مع حزمة الإنقاذ ذات الشروط القاسية والتدابير المطبقة عقب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي شهدتها في 2008-2009”.
ويضيف أنّ اليونان “خلال تلك الفترة علقت بنسبة كبيرة مشروع التسلح الضخم الذي بدأته بعد العام 1996”. ورغم ذلك، بحسب مولود أوغلو، “كانت أقل نسبة للإنفاق العسكري في البلاد حتى في وقت الأزمة 2.33% من الناتج القومي، ولم يقل حجم الإنفاق عما يتراوح بين 4.8 مليارات و5 مليارات يورو”.
ويوضح مولود أوغلو، أنّ “التحسن في الاقتصاد اليوناني تضرر بسبب وباء كورونا، وأن عائدات السياحة تراجعت بسبب التوتر بين أثينا وأنقرة بحر ايجه (أحد أفرع البحر المتوسط) وفي منطقة شرق المتوسط”.
ويلفت مولود أوغلو، إلى أن “مشاريع التسلح، والتحديث التي أعلن عنها رئيس الوزراء اليوناني، هي خطط ومشاريع معلقة منذ 10 سنوات”.
ويضيف أنه “كان من المنتظر، أن يتم الحديث عنها مجددا خلال فترة قصيرة”، لافتا إلى أن لـ”التوقيت وطريقة الإعلان عن ذلك، غرضا سياسيا”.
وتوقف الانتعاش الاقتصادي اليوناني بعد تفشي جائحة كورونا وإجراءات مكافحته. وانكمش بمعدل سنوي 15.2% خلال الربع الثاني في مواجهة صدمة الفيروس.
وفرضت اليونان، التي تعاني من ضعف في نظام المستشفيات، حجراً منزلياً صارماً في 23 مارس/ آذار، قبل أن تستأنف تدريجياً نشاطها الاقتصادي في أوائل مايو/ أيار الماضي.
وتضرر الاقتصاد المعتمد على السياحة بشكل بالغ بسبب إجراءات العزل العام والقيود التي فرضت على السفر. ويعزز توافد السياح من حدوث موجة ثانية من الوباء، بينما حذر خبراء اقتصاد من أن فرض الحجر من جديد “سيكون سيناريو كارثيا”.
أعلن رئيس الوزراء اليوناني، الأسبوع الماضي، عن تخفيف الضرائب لتعزيز إيجاد فرص العمل وسط الانكماش الناجم عن الجائحة.
وقال ميتسوتاكيس، إنّ الحكومة ستنهي الضريبة العقارية في 26 جزيرة، وستخفض استقطاعات التأمينات الاجتماعية بالنسبة للعاملين والشركات، مضيفاً: “لا يمكن أن تكون أولويتنا أي شيء آخر سوى حماية التوظيف”.
وحتى الآن، احتوى دعم الحكومة الزيادة في البطالة التي قفزت إلى 18.3% في يونيو/ حزيران، مسجلة أعلى مستوى لها منذ 16 شهراً.
ولكن هذه الاستجابة حولت الفوائض المبدئية في الميزانية، التي تستثني نفقات خدمة الدين، إلى عجز من المتوقع أن يتراوح ما بين 5% و6% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
وقال رئيس الوزراء إنه سيتم تمديد كل إعانات البطالة شهرين، وإنهاء ما يسمى برسوم ضريبة التضامن على الدخل لمدة عام واحد في 2021.
وأضاف أنّ الدولة ستعيد، في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، 1.4 مليار يورو لذوي المعاشات الذين تقلص دخلهم خلال أزمة الديون في السنوات العشر الأخيرة.