أزمة «الأمن الغذائي»

لم يكذب أصحاب المحطات، وأصحاب السوبر ماركات، وشركات توزيع المحروقات خبراً.. فأعادوا النّاس إلى الطوابير، في محاولة جديدة «لاستعراض القوة» بعد جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، التي ناقشت «الامن الغذائي»، وعهدت للجنة وزارية ثلاثية، بقيت مفتوحة العضوية، للاستعانة بالقوى العسكرية والأمنية لمنع الاحتكار، تمهيداً لرفع الأسعار والتلاعب بالأمن الغذائي للمواطن، بمناسبة وبغير مناسبة.

نام النّاس واستيقظوا على مشاهد الطوابير امام المحطات، من الجنوب إلى بيروت، ومن العاصمة إلى الشمال، والبقاع والجبل، فضلا عن محطات قليلة بقيت على الأرض تُلبّي بعض الطلبات على نطاق محدود.

ورجَّحت مصادر في المديرية العامة للنفط ان لا يكون هناك جدول للمحروقات اليوم، على ان تستمر الاتصالات لمعرفة كيفية إنهاء الطوابير امام المحطات على ان يصدر الجدول غداً.

جالت دوريات أمن الدولة على المحطات في مختلف المناطق، فيما مضى ممثّل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا في إطلاق المخاوف الواحد تلو الآخر، إذ أعلن ان مخزون المحروقات يكفي لاربعة أو خمسة أيام فقط، مطالبا بصدور جدول جديد لأسعار المحروقات، وفقا للارتفاع العالمي لسعر البرميل.

وعلى الرغم من ان الزيت لم يدخل بعد مرحلة شحّ الكميات، لكن التجّار رفعوا أسعاره وقنّنوا توزيعه، وهو ما يظهرَ بوضوح في عدد كبير من السوبرماركات التي فرغت رفوفها من الزيت. واختلفت الأسعار كثيراً إذ أن بعض الماركات ارتفع سعرها 100 ألف ليرة للغالون الواحد سعة 5 ليتر، ما دَفَعَ الزبائن إلى التهافت أكثر على السوبرماركات، واستَعَدنا المشهد الماضي وبتنا نتحضَّر للإشكالات التي قد تحدث.

وكردّ فعل أوّلي، جال الوزير سلام على بعض السوبرماركات للتأكد من توفّر المواد وخاصة الزيت، وبيعها بالأسعار المنخفضة.

وأكد على تشكيل لجنة طوارئ لإدارة الأزمة، وقد تصل الأمور إلى حد مصادرة المواد المخزّنة وتوزيعها على المواطنين، مشيراً إلى إمكانية وقف تصدير مواد أساسية من لبنان.

وكشف فياض من ان بنتيجة الجولة على محطات المحروقات تبيّن وجود أكثر من 100 ألف ليتر في بعضها، مع العلم ان هذه المحطات أقفلت أبوابها منذ 4 أيام بوجه المواطنين.

وعلى صعيد توفير مادة القمح، تقرَّر تمديد العمل بمهلة شهر للمخرون من هذه المادة، وتخصيصه فقط لصناعة الخبز العربي.

وحدثت مشادات بين الوزير سلام وأصحاب المحطات، الذين يلجأون إلى تبرير عدم تعبئة البنزين، ورفع الخراطيم بأسباب بعضها مختلف والبعض الآخر، يعزى لأسباب لها صلة بأبعاد إنسانية، كحجز احتياط للصليب الأحمر أو بعض المستشفيات.

نظمت محاضر، وفتحت محطات، ومددت أخرى عملها بانتظار يوم جديد..

أزمة ليست منفصلة

ويبدو ان أزمة «الأمن الغذائي» الماثلة امام الأعين، ليست منفصلة عن أزمة النظام العام، سواء في ما خصَّ الثقة المهزوزة بين الرئاسات السلطات بدل التعاون كما ينص الدستور، أو لجهة أزمة السيولة في ضوء الملاحقات ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فضلا عن المصارف، في وقت تدرس الحكومة خيار التوجه إلى المركزي والطلب إليه تمويل شراء القمح، من غير المصدر الأوكراني، خشية مرور الوقت، وتعريض المواطن اللبناني للمجاعة.
وحسب المعلومات فإن المركزي لن يموّل أي عملية «بالفريش دولار» بمجرّد الطلب، ولكن يشترط تحتاج إلى مفاوضات بين الحكومة والحاكم.

مصدراللواء
المادة السابقةكلفة سياسة “الضخّ”: تبديد 1.32 مليار دولار من الاحتياطات
المقالة القادمةالحكومة أمام مهمة البحث عن البدائل وإلا فأزمة غذائية..