يقوم سامي بإحضار الأغراض الخاصة بالمنزل يومياً من السوبرماركت، وكان يتبضع في الأسبوع مرتين، وكلما أحضر الحاجيات عرّج على الفرن لشراء الخبز للعائلة. منذ حوالي الأسبوعين تغيّرت الأحوال فكلما قصد الفرن بعد الظهر، أثناء العودة من عمله، كان يأتيه الجواب “ما في خبز رجاع بكرا”، وفي اليوم التالي يعود ليجد الطوابير بأعداد أكبر ومذّاك الوقت والمشهد يتكرّر..
يستعيد الشارع اللبناني مشهد الصيف الماضي مع الطوابير على المحروقات، ولكن هذه المرّة مع الخبز بسبب مشكلة الطحين والقمح. هذا على الأقل ما يسمعه المواطن يومياً عند الحديث عن الموضوع، إضافة إلى أنّ هذا من نتائج الحرب في أوكرانيا.
“هذه وجهة نظر ولكن الواضح أنّ بعض اللبنانيين خبراء في إستغلال الأزمات الكبرى لافتعال أزمة في الداخل وهذا هو واقع الحال بالنسبة للطحين”. إذ تشرح مصادر مطلعة أن “الأزمة حاصلة فعلاً لعدّة أسباب، أولا أنه ومع إنتقال الحكومة لدعم الطحين الخاص بالخبز العربي فقط لا غير دون باقي الأصناف، لجأت بعض الأفران إلى إستخدام المدعوم لصناعة باقي الاصناف، كالكاتو والكرواسان وغيرها، ورفعت أسعار هذه المواد استغلالاً وسرقة الدولة والمواطن”.
هذا من جهة أما من جهة أخرى، وأيضاً بحسب المصادر عينها، هناك التهريب الذي يحصل عبر الحدود للطحين المدعوم كما كان يحصل سابقاً مع المحروقات. مشددة على أن “هذه العملية كثرت في الآونة الأخيرة، وعلى القوى الأمنية أن تضبط هذا الموضوع، خصوصاً بعد خلق غرفة عمليات خاصة بخلية الأزمة في وزارة الداخلية”، مؤكّدة أننا “بتنا نشهد ظاهرة جديدة نتيجة النزوح السوري الا وهي تهافت السوريين وبأعداد ضخمة على الافران لشراء الخبز المدعوم من جيوب اللبنانيين، فتحضر العائلة إلى الفرن على أساس أن كل فرد حضر وحده ويحصل كل منهم على ربطتين ويلجأ هؤلاء بعدها إلى بيع الخبز في السوق السوداء بأسعار خياليّة”. وهنا تساءلت المصادر “الم يحن الوقت لإيجاد آلية للحلّ، فهل يعقل أن يزاحم النازح السوري المواطن اللبناني حتى على لقمة عيشه”؟!.
من ناحية أخرى، أعلنت العديد من الافران إغلاق أبوابها بسبب عدم وجود الخبز. وفي هذا الإطار يشرح المدير العام في مديرية الحبوب والشمندر السكري جريس برباري، عبر “النشرة”، أن الأزمة ستنتهي خلال ساعات، لأنّ الجداول صدرت بالأمس وقد تم التوقيع عليها لأن البواخر وصلت الى المرفأ، ولكن ما أعاق الأمر هو اضراب الموظفين، فحصل تأخير بفحص العينات، ويضيف: “إنتهينا من هذه المسألة فأتى بعدها اضراب موظفي مصرف لبنان”، مشدّداً على “وجود 25 الف طنّ من الطحين المدعوم ستوزّع على المطاحن، وهذه الكميّة تكفي تقريباً لثلاثة أسابيع”، لافتاً إلى أن “هناك بواخر قادمة وتحمل حوالي 33 الف طن من أيضًا، سيتم فحصها ودعمها من قبل مصرف لبنان كما يحصل عادة لتسير الأمور كالمعتاد”.
إذاً، ازمة الطحين مستمرّة ولن تنتهي حتى رفع الدعم كلياً… فهل يصل ثمن ربطة الخبز إلى 40 الف ليرة؟!.