أزمة العقارات تهدد النظام المالي الصيني

تعرّض قطاع العقارات الصيني المضطرب لضربة جديدة هذا الشهر عندما توقف المستثمرون عن إتمام أقساط الرهن العقاري لوحدات ضمن مشاريع غير مستكملة. وجاءت المقاطعة في وقت يكافح فيه كثير من المطورين للتعامل مع الديون المتراكمة والمخاوف من إمكانية تفشي الأزمة لتشمل باقي قطاعات الاقتصادين الصيني والعالمي.

إنه هائل. يقدر بأن قطاع العقارات والقطاعات المرتبطة به تسهم بما يصل إلى ربع إجمالي الناتج الداخلي الصيني. وأُطلق العنان للقطاع بعد إصلاحات سوقية عام 1998. وكان هناك ازدهار لافت في قطاع البناء بفضل الطلب من الطبقة المتوسطة المتنامية التي رأت في قطاع العقارات استثماراً عائلياً مهماً ومؤشراً على المكانة الاجتماعية.
وجاء الازدهار مدفوعاً بسهولة الحصول على القروض إذ كانت المصارف مستعدة لإقراض أي مبلغ ممكن للمطورين والمشترين على حد سواء. وتمثّل الرهون نحو 20 في المائة من كل القروض المستحقة في المنظومة المصرفية الصينية برمتها، بحسب ما أفاد تقرير «لايه ان زد ريسرش» هذا الشهر. ويعتمد كثير من مشاريع التطوير على «المبيعات المسبقة»، إذ يدفع المشترون الرهون على وحدات في مشاريع قبل بدء أعمال البناء.
وتفيد «بلومبرغ نيوز» بأن المنازل غير المستكملة في الصين تشكّل مساحة تصل إلى 225 مليون متر مكعب. ومع ازدهار مطوري العقارات، ارتفعت أيضاً أسعار المنازل.

وأثار ذلك قلق الحكومة التي تشعر في الأساس بالقلق حيال المخاطر التي يمثلها مطورون مثقلون بالديون.
وأطلقت حملة أمنية العام الماضي، إذ وضع المصرف المركزي حداً أقصى لنسبة القروض العقارية التي ما زال ينبغي سدادها مقابل إجمالي القروض المصرفية، في محاولة للحد من التهديد الماثل أمام المنظومة المالية برمتها.
وقلّصت الخطوة مصادر التمويل للمطورين الذين كانوا في الأساس يواجهون صعوبة في التعامل مع ديونهم. وأثار الأمر موجة تخلف عن سداد الديون خصوصاً من قبل أكبر شركة تطوير صينية «إيفرغراند» الغارقة في مستحقات تبلغ أكثر من 300 مليار دولار. وإلى جانب الحملة التنظيمية، تعرّضت شركات العقارات الصينية لضربة ناجمة عن أزمة كوفيد، إذ دفعت الضبابية الاقتصادية كثيراً من المستثمرين المحتملين لإعادة النظر في خططهم لشراء المنازل. وأثار تراجع «إيفرغراند» احتجاجات من مشتري المساكن والمتعاقدين بمقرها في شنغن سبتمبر (أيلول) العام الماضي. وفي يونيو (حزيران) الماضي، ظهر شكل جديد من أشكال الاحتجاج تمثل بمقاطعة سداد أقساط الرهون. وأعلن الأشخاص الذين اشتروا وحدات في مشاريع غير مستكملة بأنهم سيتوقفون عن تسديد أي دفعات حتى استئناف أعمال البناء.

وفي غضون شهر، اتسع نطاق المقاطعة ليشمل مشتري مساكن في أكثر من 300 مشروع في 50 مدينة عبر الصين. وكان كثير من المشاريع غير المستكملة مركّزاً في مقاطعة خنان، حيث اندلعت احتجاجات واسعة رداً على احتيال مصارف ريفية. وقال مقرضون صينيون الأسبوع الماضي، إن الرهون المتأثرة تشكل أقل من 0.01 في المائة من الرهون السكنية المعلقة، لكن محللين يشيرون إلى أن المخاوف مرتبطة بالحجم المحتمل للمقاطعة.
وتعد الصين ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم وترتبط بعلاقات مالية وتجارية عالمية.

ويقول محللون إنه في حال وصلت أزمة العقارات إلى المنظومة المالية الصينية، فستتجاوز الصدمة حدود الصين. وجاء في مذكرة لوكالة «فيتش» للتصنيفات الائتمانية الاثنين، «إذا تصاعد التخلف عن السداد، فقد تكون هناك تداعيات اقتصادية واجتماعية واسعة وخطيرة». وصدر تحذير مشابه عن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي قال في مايو (أيار)، إنه بينما نجحت الصين في احتواء التداعيات حتى الآن، بإمكان أزمة تدهور العقارات التأثير على النظام المالي أيضاً. ويمكن للأزمة أن تتفشى وتؤثر على التجارة العالمية والشعور بالمخاطر، وفق ما جاء في تقرير الاحتياطي الفيدرالي الصادر في مايو 2022 عن الاستقرار المالي.

ويستبعد أن يتم وضع صندوق إنقاذ لقطاع العقارات برمته، حتى في ظل ازدياد مقاطعة الرهون، بحسب محللين، إذ إن ذلك سيعني أن الحكومة تقر بحجم الأزمة. وقد تشجّع عملية إنقاذ كبيرة المطورين والمشترين على مواصلة اتخاذ قرارات تحمل مخاطر، إذ إنهم سيعتمدون على تحمل الحكومة والمصارف المسؤولية. لكن الضغط يتصاعد على المصارف الصينية للمساعدة في التخفيف من صعوبة الوضع. وأعلنت الهيئة المنظمة للقطاع المصرفي الصيني الخميس، أنها ستساعد في ضمان استكمال المشاريع وتسليم الوحدات إلى المشترين. وحصل بعض التدخل على المستوى المحلي في مقاطعة خنان، حيث تم إنشاء صندوق إنقاذ بالتعاون مع مطور مدعوم من الدولة لمساعدة المشاريع التي تواجه صعوبات. وقال تشن شوجين من «جيفريز هونغ كونغ» إن الحكومات المحلية والمطورين وأصحاب المنازل قد يكون بإمكانهم أيضاً التفاوض على إلغاء الفوائد وتعليق أقساط الرهون لمدة معينة بناء على ما تقتضيه كل حالة.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةما هو مصير اللولار؟
المقالة القادمة{الفيدرالي} الأميركي يحاول تحقيق «هبوط ناعم» لتفادي انكماش اقتصادي