منذ أكثر من سنة، اتّجه كثيرون إلى تخزين الوقود خوفاً من وقف الدعم الذي يلوّح به مصرف لبنان مع كل «طلعة شمس». كان التركيز، بداية، على المازوت للمولدات، وأيضاً لكونه مادة يمكن تخزينها لفترات طويلة على خلاف البنزين مثلاً. إلا أن طوابير الذل على محطات الوقود في الأسابيع الماضية، سعّرت موجة تخزين كل ما يمكن الحصول عليه من محروقات. وزادت الطين بلة «البشرى» التي زفّها وزير الطاقة ريمون غجر، الأسبوع الماضي، عن تأكيد رفع الدعم من دون توفير بدائل، وعلى قاعدة أن البنزين سيكون «لمن استطاع إليه سبيلا». هكذا تحوّلت المخازن والمحال التجارية ومستودعات المباني السكنية، في مختلف المناطق، إلى أشبه ما تكون بقنابل موقوتة، عُلّقت حياة سكانها على «تكّة ديجانتير».
«خطر تخزين المحروقات، وخصوصاً البنزين، لا يكمن في المادة السائلة نفسها بل في أبخرتها»، وفق ما يؤكد الخبير المدرب في الدفاع المدني منصور سرور، و«تشتد الخطورة أثناء تفريغ الغالونات بسبب تراكم الغاز على الأرض كونه أثقل من الهواء»، لافتاً إلى أن «كثيراً من الخزانات الفارغة انفجرت بسبب الأبخرة الناجمة عنها. لذلك، فإن تخزين الوقود والغاز في المستودعات وفي أماكن تحت الأرض لا تصلها تهوئة يضاعف هذه الأبخرة. عندها، يؤدي أي شرر أو قوس كهربائي أو تكة ديجانتير إلى انفجار كما حدث في منطقة الطريق الجديدة» في تشرين الأول الماضي، عندما تسرّبت شرارة من محوّل الكهرباء نحو المازوت المتسرب على الأرض وأدت إلى انفجار أودى يحياة أربعة وجرح أكثر من 20.
الأمر الأخطر أن أي انفجار أو حريق قد لا يجد، بعد الآن، من يغيث ضحاياه. إذ إن أزمة المحروقات جعلت آليات الدفاع المدني خالية من الوقود. «نحن في قلب الكارثة»، يؤكد سرور. إذ «لم تخصص للمديرية موازنة لشراء المحروقات لأن الدولة مفلسة»! يأتي ذلك على أبواب موسم الحرائق من دون أن تبالي السلطات المختصة بحصول الدفاع المدني على استثناء لإعطاء آلياته الأولوية في التزود بالمحروقات. يبقى أن تكرار ما حصل في الطريق الجديدة احتمال قائم في ظل غياب السلطة عن إيجاد حل لمشكلة غياب المحروقات وترك الناس لمصائرهم.، واجبارهم بهذه السياسات على ارتكاب خطأ قد يودي بهم وبمن حولهم في ظل نسيج عمراني متشابك وغير منظّم.