على الرغم من تداعياته السلبية على الاقتصاد عموماً، أعطى فيروس كورونا دفعة إيجابية لأعمال شركات التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية وخدماتها في مصر.
يقول الشاب أسامة صادق، أحد المؤسسين الثلاثة لأول منصة رقمية لبيع قطع غيار السيارات وتركيبها في مصر، إنّ “فيروس كورونا ساعدنا كثيراً لأنه شجع الناس على تقبّل فكرة التعامل عبر الإنترنت، وهو ما ساعد في ازدهار التجارة الإلكترونية بشكل عام”.
يضيف صادق: “وصلنا إلى 25 ألف عملية توفير قطع غيار وتركيب منذ بداية النشاط في يونيو/ حزيران 2018، منها أكثر من 15 ألف عملية منذ بداية فيروس كورونا وحتى الآن”.
وتُظهر دراسة نشرتها شركة “ماستركارد” لبطاقات الدفع، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنّ 72% من المستهلكين في مصر زاد تسوقهم عبر الإنترنت منذ بداية الجائحة.
يشرح صادق الذي يبلغ رأسمال شركته نحو عشرة ملايين جنيه: “لدينا جولة تمويل في مطلع العام المقبل، ونستهدف الانتهاء منها نهاية مارس/ آذار بنحو مليون دولار، سنستخدم التمويل الجديد في تطوير التكنولوجيا وتوفير 500 فرع خلال 18 شهراً، على أن تكون لنا جولة أخرى في الربع الثالث من العام المقبل لتمويل توسعات متوقعة في السوق السعودي”.
بدوره، يرى خالد إسماعيل، مؤسس ورئيس صندوق “كيانجل” المالي، الذي يستثمر في الشركات الناشئة بمصر في مراحلها المبكرة أنّ “الشركات التي كان لديها تطبيقات إلكترونية قوية قبل أزمة كورونا هي التي استطاعت الاستمرار خلال الأزمة، بعكس الشركات التي لم تملك ذلك”.
ويضيف إسماعيل: “استطاعت التطبيقات القائمة بالفعل النمو والوصول إلى الجمهور بشكل أسرع، لأن المستهلك كان يحتاج الخدمات التي تقدمها هذه التطبيقات دون تحمّل عناء النزول من المنزل”.
ويقول هشام صفوت، الرئيس التنفيذي لـ”جوميا مصر للتسوق الإلكتروني”: “كانت لدينا زيادة في الطلب على خدماتنا خلال فترة الوباء، ليصل عدد مستهلكينا النشطين سنوياً إلى 6.8 ملايين بحلول الربع الثاني من العام”، لكنه لم يذكر رقماً للمقارنة من الفترة السابقة.
ولم يكن أداء الاقتصاد التقليدي بهذه القوة. فمنذ تفشي فيروس كورونا، تداعت إيرادات السياحة في مصر وصارت تحويلات العاملين في الخارج مهددة بفعل انخفاض إيرادات النفط في دول الخليج العربية التي يعمل فيها كثير من المصريين.
ويقول إسماعيل إنّ الأزمة أفادت على نحو خاص القطاعات المرتبطة بالصحة “مثل تطبيقى (شيزلونج) للعلاج النفسي عن بعد، وتطبيق (وياك) لخدمة إرسال الأدوية عبر الإنترنت”. وهذان تطبيقان يستثمر فيهما صندوقه “كيانجل”، مضيفاً: “هذه التطبيقات وغيرها استفادت كثيراً خلال الأزمة، بالإضافة إلى مجال التعليم والتطوير الذاتي عن بعد أيضاً”.
ووفقاً لدراسة “ماستركارد”، حققت قطاعات الملابس والإلكترونيات والرعاية الصحية والبقالة، أعلى زيادة في نشاط التسوق عبر الإنترنت. وقال أكثر من 62% ممن شملتهم الدراسة إنهم يعتمدون بدرجة أكبر على الإنترنت لشراء الملابس، تليها أجهزة الكمبيوتر ثم الأدوية.
يقول محمد شوقي، مدير علاقات المستثمرين في “ابن سينا فارما”، إحدى أكبر شركات توزيع الأدوية في مصر، إنّ “جائحة كورونا أثّرت إيجاباً بتطبيقنا الذي أطلقناه في يوليو/ تموز الماضي لخدمة الصيدليات”، موضحاً أنّ “التطبيق ساعد الشركة في تحقيق مبيعات تقدَّر بنحو 50 مليون جنيه خلال الثلاثة أشهر الأولى”.
ويتابع: “نخطط لاستثمار ما يصل إلى 16 مليون جنيه أخرى في مشاريع الخدمات الرقمية خلال العام المقبل”. ويتيح تطبيق “ابن سينا فارما” تنفيذ طلبات الأدوية للصيدليات على مدار الساعة، وتستخدمه نحو أربعة آلاف صيدلية شهرياً.
في المقابل، تأثرت بعض التطبيقات سلباً بأزمة الفيروس، مثل شركة “طلبات” لتوصيل الطعام والبقالة عبر الإنترنت. ويقول سفيان المرزوقي، المدير العام للشركة في مصر: “انخفضت الإيرادات كثيراً، نظراً لحذر العملاء الشديد بشأن طلب الطعام من خارج المنزل”.
ويضيف المرزوقي: “عدد الطلبات وحجم العمليات انخفض بمجرد إعلان كورونا، لكن مع تطبيق تعليمات السلامة والتوصيل من دون تلامس، عادت الطلبات مقتربة إلى مستويات ما قبل كوفيد-19”.
ووفق عبلة عبد اللطيف، المديرة التنفيذية للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، فإنّ “أزمة كورونا أثّرت إيجاباً بالتطبيقات الإلكترونية. كان هذا النوع من الأعمال هو الوحيد تقريباً الذي استمرّ بقوة خلال الأزمة… الاستثمار في التكنولوجيا هو الحصان الرابح الآن”.