أزمة مصرفية نقدية عراقية حادة… والسبب تهريب الدولار إلى إيران وسوريا

كشفت مصادر صحافية عراقية عن قرب صدور عقوبات شديدة على أكثر من 15 مصرفاً عراقياً أهلياً تابعاً لأحزاب على خلفية أزمة الدولار. وتشير تقديرات إلى أن هذه المصارف تهرّب أسبوعياً بين 100 و250 مليون دولار الى دول مجاورة من بينها إيران وسوريا . وبيّنت المصادر أن هذه المصارف “متّهمة بتهريب العملة عبر حوالات ضخمة أو الحوالات السوداء (التهريب خارج التعامل المصرفي عن طريق البر أو الشحن الجوي)”. وتشعر الحكومة بالإحراج بسبب ارتفاع الدولار، حيث يستمرّ تصاعده مقابل الدينار، فوصل حتى مساء أمس الأول الى عتبة الـ 1600 دينار مقابل الدولار الواحد.

إجراءات

بالمقابل أكدت المصادر القريبة من الائتلاف الحاكم أن “هناك إجراءات قد تتّخذ خلال الوقت القصير المقبل مثل التضحية بمحافظ البنك المركزي بسبب شكاوى على عدم فاعلية البنك في الأزمة”.

بالإضافة إلى ذلك، وبحسب المصادر، “قد تقوم الحكومة ببيع الدولار بشكل مباشر الى التجار مقابل فواتير شراء موثقة، أو إعطاء جزء من راتب الموظف بالدولار”.

وفي هذا الشأن حثّ رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، البنك المركزي على تفعيل خطوات بيع العملة الأجنبية بالأسعار الرسمية للمواطنين عبر الشراء بالبطاقات الإلكترونية، وفتح منافذ البيع للمسافرين، أو المتعالجين خارج العراق، أو تمويل التجارة الخارجية، وفق السياقات الأصولية والمعايير الدولية لفتح الاعتمادات المستندية والحوالات”.

بالمقابل بيّنت المصادر السياسية المطلعة أن “العراق مقبل على زيادة في الإيرادات النفطية وأن الولايات المتحدة تريد أن تراقب بشكل دقيق الإيرادات وما يتم إنفاقه في الداخل على البنى التحتية والمشاريع والأموال التي تحوّل الى الخارج ومدى مطابقتها مع الفواتير”.

وأشارت المصادر الى أن “تعامل المواطنين مع المصارف الأهلية (فتح حساب، أو اعتمادات) لا يشكل سوى 23‌% من نشاطها أما باقي التعاملات فهي حوالات وغسيل أموال”.

وأكدت المصادر أن في العراق “80 مصرفاً أهلياً، 62‌% منها مملوكة لعراقيين و18‌% لشخصيات أجنبية (غير عراقية)”.

الرقابة الأميركية

ويذكر أن الرقابة الأميركية على المصارف العراقية كانت ضمن اتفاق سياسي شاركت فيه الولايات المتحدة، بشأن تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، وكان أبرز الشروط منع تدفق الدولار إلى إيران.

وتشهد الأسواق العراقية المحلية إرباكاً كبيراً بسبب هذا الارتفاع، وهو ما ألقى بظلاله على الفئات الفقيرة، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والأدوات الاستهلاكية في بلد يعتمد بشكل كامل على الاستيراد.

وفرض البنك الفيدرالي الأميركي منصة جديدة على البنك المركزي العراقي والمصارف الأخرى، لتتبع آلية بيع الدولار للتجار، كما فرض تقديم إثباتات بالمشتريات والمواد المستوردة.

وبدوره، قال مصدر سياسي مطلع إن “الرقابة الأميركية الجديدة على المصارف العراقية، كانت ضمن اتفاق سياسي شاركت فيه الولايات المتحدة، بشأن تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، وكان أبرز الشروط منع تدفق الدولار إلى إيران، أو الجماعات التابعة لها، لذلك فإن السفيرة الأميركية آلينا رومانوسكي زارت السوداني خلال الفترة الماضية، نحو 7 مرات، لمراجعته في تلك الشروط، وتتبع آليات التنفيذ”.

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه لـ”إرم نيوز”، أن “قوى الإطار وبالتحديد حركة عصائب أهل الحق، مارست ضغوطاً على السوداني، بشأن العلاقة مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل تقاربه الأخير، وزيارات السفيرة المتكررة، حيث طلبت تلك القوى من السوداني، إعادة صياغة اتفاقية الإطار الاستراتيجي (تتضمن بنوداً عسكرية، ووُقعت عام 2008)، بما يضمن عدم تعرضها مستقبلاً إلى أية هجمات، وهو ما رفضه السوداني، الذي (يدرك) عواقب تلك الخطوة”.

وكان تقرير لصحيفة “ذا ناشيونال” الإنجليزية، أكد أنه “طوال سنوات كان يجري تحويل الدولار إلى إيران وسوريا، وهما تحت العقوبات الأميركية، من خلال مزادات العملة الأجنبية التي تديرها الدولة العراقية”.

وأضاف التقرير أن “عملية مزاد العملة في العراق حافلة باتهامات بالفساد، وتبييض الأموال، وتحويل الدولارات إلى الجارين الإيراني والسوري، من خلال استخدام سندات مزوّرة، ولهذا أدرجت الولايات المتحدة على القائمة السوداء مجموعة من البنوك العراقية التي تتعامل بشكل أساسي مع إيران، حيث فرضت مثلاً عقوبات على بنك البلاد الإسلامي العراقي بسبب تعامله مع الحرس الثوري الإيراني في أيار العام 2018”.

ويودع العراق الأموال الآتية من مبيعاته النفطية في البنك الفيدرالي الأميركي، الذي بدوره، يطلق التحويلات لوزارة المالية العراقية عبر حسابها في البنك المركزي، وهي آلية متّبعة منذ عدة سنوات، وسط مطالبات من قبل قوى الإطار التنسيقي، بالتحرر منها.

تحرّك نحو المفاوضات

وتثير تلك الآلية الكثير من الجدل، باعتبارها تمنح الولايات المتحدة حق الاطلاع على آلية تصرّف العراق بأمواله، وتفرض عليه محددات في إنفاق تلك الأموال، لكن آخرين يرون فيها ضرورة لجهة عدم ذهاب الدولار بشكل أكبر من الحالي نحو إيران، فضلاً عن تخفيف حجم الفساد المستشري في البلاد.

وتشير تقارير عراقية إلى أن عقوبات أميركية ستصدر بحق عدد من المصارف الأهلية، بسبب تلك الأزمة، لاتهامها بتهريب الدولار إلى إيران وسوريا، ما قد يعقّد الأزمة، باعتبار أن تلك المصارف تساهم في مزاد العملة، وهي مرخصة بشراء الدولار، ومن ثم بيعه للمواطنين.

ويعتمد العراقيون على الدولار بشكل تام في الاستيراد من الخارج، كما أن سوق العقارات تعتمد على الدولار في تسعير الوحدات السكنية، فضلاً عن سوق السيارات.

وبدوره، يرى الخبير في الشأن السياسي، الدكتور محمد نعناع، أن “الوضع الحالي سيستمرّ لحين حصول اتفاق ثلاثي بين الولايات المتحدة وإيران والعراق على آليات جديدة بشأن مسألة الدولار”.

وأضاف لـ”إرم نيوز” أن “الحلول المتوقع الوصول إليها ستكون ترقيعية، باعتبار أن الولايات المتحدة تريد لحكومة السوداني أن تعبر المرحلة الحالية”.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةتخبّط سلامة وفياض يسبب أزمة في سوق المحروقات
المقالة القادمةتحالف سعودي ـ عماني ـ كويتي مشترك لتطوير مجمع بتروكيماويات في الدقم