جاءت أزمة ميناء بورتسودان، لتضيف المزيد من الأعباء التجارية على الأسواق المحلية في السودان، الباحث عن متنفس يخفف عنه أزماته الاقتصادية المتواصلة منذ أزيد من عقد.
وطفت أزمة ميناء بورتسودان شرق البلد، على السطح، عقب محاولات سابقة من حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير بإدخال مستثمرين لتحسين أدائه باعتباره المنفذ البحري الوحيد لحركة الصادرات والواردات.
في أبريل الماضي، قرر المجلس العسكري الانتقالي إلغاء عقد شركة فلبينية لإدارة وتشغيل الميناء الجنوبي في بورتسودان لفترة عشرين عاما، عقب احتجاجات من عمال الموانئ والرأي العام السوداني.
في الأثناء، تتعالى شكاوى المصدرين والمستوردين حاليا، من ضعف أداء الميناء في استقبال البواخر الواردة أو ترحيل سلع الصادرات، بما يؤثر على حركة التجارة الخارجية.
وتتواصل متوالية ارتفاع أسعار السلع بالأسواق المحلية، بسبب تدهور قيمة العملة الوطنية أمام الدولار الأميركي في ظل اعتماد السودان على الواردات من السلع، بينما تذبذبت وفرة بعض السلع بسبب أزمة الميناء.
ويعاني ميناء بورتسودان من نقص في الآليات أدت إلى تدني معدلات سحب وتخليص الحاويات، وازدياد فترة بقاء الحاويات المتداولة الصادرة والواردة.
كما ارتفعت فترة انتظار السفن الناتجة عن نقص الآليات والترحيل إلى مناطق الكشف الجمركي، إضافة إلى مشكلة ترحيل الواردات إلى داخل البلاد.
وبحسب تقارير صحافية صدرت الأسبوع الماضي، فإن عدد الحاويات التي تنتظر البواخر قفزت من 400 إلى 500 حاوية.
ومطلع العام الجاري، كشف رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، عن خطة إسعافية لحل المشكلات التي تواجه ميناء بورتسودان الذي يعاني صعوبات لوجيستية وإدارية.
وتبلغ تكلفة الخطة 300 مليون دولار لتطوير البنية التحتية؛ بما فيها توفير أعماق للميناء تمكنه من استقبال البواخر الضخمة، فضلاً عن توفير رافعات جديدة وصيانة الموجود منها بعد تعطلها نتيجة شح التمويل.
ويقف شح إيرادات الخزينة العامة حاجزا أمام تنفيذ الخطة الإسعافية، التي أقرتها الحكومة الانتقالية مطلع العام الحالي بما يؤثر سلباً في أداء الميناء.
ويتزامن كل ما سبق، مع معاناة البلاد من أزمات اقتصادية متعددة من بينها شحّ موارد النقد الأجنبي الذي يؤثر في استيراد السلع الاستراتيجية وتدهور قيمة العملة الوطنية.
وأكد الأمين العام للغرفة القومية للمستوردين، الصادق جلال الدين، على التأثيرات البالغة لمشكلات ميناء بورتسودان في خلق أزمة خانقة للاقتصاد السوداني.
ونسبت وكالة الأناضول لجلال الدين، قوله إن “حاويات السلع الواردة أصبحت تنتظر لأكثر من شهرين في ميناء جدة بالسعودية، لتكدس البواخر في ميناء بورتسودان”.
وبرر تكدس البواخر على ميناء بورتسودان ببطء وتعسر عمليات التفريغ والمناولة، ما أثر سلباً على انسياب السلع الواردة، حيث اعتبر بأن هناك شحا كبيرا في السلع الواردة داخل الأسواق السودانية ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع.
وأضاف “مشكلة الميناء تؤثر سلبا على إيرادات الدولة العامة، لجهة أن ما يقدر بنحو 70 في المئة من إيرادات الدولة تأتي من الجمارك والضرائب المفروضة على السلع الواردة”.
وتابع “كذلك، توقف عدد من الشركات عن شحن السلع للسودان، بسبب ارتفاع تكلفة الشحن التي قاربت على 10 آلاف دولار للحاوية الواحدة 40 قدم، مقارنة مع 2500 دولار سابقا”.
وأردف قائلا “توجد حالة من التردد لدى المستوردين في شحن السلع، لاسيما السلع المعرّضة للتلف بسبب البقاء في المؤانى لفترات طويلة.. ما يعرضها للتلف قبل دخولها الأسواق المحلية”.
بدوره، أقر الأمين العام للغرفة القومية للمصدرين، نادر الهلالي بوجود إشكاليات كبرى بميناء بورتسودان أدت إلى توقف الصادرات بشكل شبه كامل.
وبرر الهلالي، حالة ارتفاع الأسعار التي تشهدها البلاد بسبب سوء الأوضاع بالميناء “حيث تنتظر السلع لفترات لا تقل عن أربعة أشهر للدخول والتفريغ بالميناء بما أدى إلى وجود حالة من شح البضائع”.
وكشف عن توجه عدد من شركات التصدير والتوريد، إلى البحث عن موانئ بديلة لحل هذه الإشكالية لافتا إلى وجود اتصالات مع بعض الشركات من مصر وإريتريا حول الأمر.
وأكد بأن “هناك خسائر تقدر بملايين الدولارات بخصوص الصادرات، بسبب ضعف أداء الميناء السوداني كما أن هناك سلعا تعرضت للتلف بسبب البقاء الطويل في الميناء”.