أزهري: أرباح المصارف قد تتراجع في 2019

كشف رئيس ومدير عام بنك لبنان والمهجر سعد أزهري، انّ الودائع ارتفعت حوالى 6 مليارات دولار في العام 2018، وانّ هذه الزيادة ليست كافية لتمويل كلّ حاجات القطاعين العام والخاص، إذ يُتوقّع أن يبلغ عجز الميزانية للقطاع العام فقط حوالى 6 مليارات دولار. وهذا يقود إلى ضرورة خفض عجز الميزانية عن طريق الإصلاح المالي المُستدام وضرورة تفعيل العجلة الإقتصادية لزيادة الودائع.

• إلى أي حدّ تأثّرت أرباح المصارف، ومن ضمنها مصرفكم، في العام 2018 بالإجراءات الضريبية الجديدة، والوضع الإقتصادي المتراجع؟

إنّ البيانات حول الأرباح المجمّعة للقطاع المصرفي العام 2018 ليست متوفّرة الآن، ولكن ممّا لا شكّ فيه أنّ الإجراءات الضريبية التي فُرضت على القطاع، والتي تضمّنت الإزدواج الضريبي على عوائد الفوائد من سندات الخزينة والودائع لدى مصرف لبنان والزيادة في الضريبة على الشركات من 15% إلى 17% والزيادة في الضريبة على عوائد الفوائد من 5% إلى 7%، ستؤدّي إلى تراجع في أرباح المصارف عام 2018، إضافةً إلى الأثر السلبي الذي تركه التباطؤ الإقتصادي على أداء المصارف.

هناك أيضاً الأثر الذي نجم عن إرتفاع الفوائد الدائنة على الودائع بالدولار والليرة اللبنانية، والذي قلّص هامش صافي الفوائد لدى المصارف، وبالتالي قلّص من مستوى الأرباح. وانسحبت هذه التطوّرات على أداء بنك لبنان والمهجر، الذي إرتفعت أرباحه إلى 510.42 ملايين دولار في العام 2018 بزيادة 5.2% نتيجة زيادة أرباحه في وحداته الخارجية خصوصاً في مصر والإمارات.

• تراجعت نسبة إرتفاع الودائع هذا العام. هل لا يزال هذا الإرتفاع كافياً لتمويل القطاعين العام والخاص؟

إرتفعت الودائع لدى المصارف التجارية إلى 174.3 مليار دولار في نهاية عام 2018 بزيادة 3.3% عن العام 2017، ونتج من ذلك زيادة مطلقة في الودائع بلغت حوالى 6 مليارات دولار.

وبالطبع هذه الزيادة ليست كافية لتمويل كلّ حاجات القطاعين العام والخاص، إذ يُتوقّع أن يبلغ عجز الميزانية للقطاع العام فقط حوالى 6 مليارات دولار في العام 2018. وتشير هذه الأرقام إلى ضرورة خفض عجز الميزانية عن طريق الإصلاح المالي المُستدام وضرورة تفعيل العجلة الإقتصادية لزيادة الودائع، حتى يتسنّى للمصارف توفير المزيد من القروض وسدّ الحاجات التمويلية للقطاع الخاص الذي يمثّل المحرّك الرئيسي للإقتصاد.

• هل يمكن القول انّ القروض للقطاع الخاص تراجعت إلى حدّ التوقف تقريباً في العام 2019؟

إنّ البيانات لشهر كانون الثاني 2019 ليست متوفّرة حالياً، ولكن في ما يخصّ العام 2018 بلغ إجمالي القروض للقطاع الخاص 58.9 مليار دولار بإنخفاض 1% عن العام 2017. ولكن العام 2018 كان عاماً إستثنائياً بسبب الجمود السياسي والتأخير في تأليف الحكومة العتيدة وتداعياتها السلبيّة على المناخ الإستثماري والثقة بالإقتصاد الوطني.

ولهذا، نتوقّع ونتمنّى أن يمثّل العام 2019 منعطفاً في الأداء الإقتصادي نتيجة تفعيل مقرّرات مؤتمر «سيدر» والإصلاحات المرجوّة، وأن يؤدّي ذلك إلى تحسين في منسوب الثقة بالإقتصاد والزيادة في القروض للقطاع الخاص ولو بشكلٍ محدود في مختلف مجالاته. إذ أنّ توفير الإئتمان للقطاع الخاص يعتمد في الدرجة الأولى على الجدارة الإئتمانية للعملاء والظروف الإقتصادية الإيجابية في البلد.

• ما توقّعاتكم لمسار أسعار الفوائد في العام 2019؟

إنّ سياسة ثبات سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي التي تتبعها السلطات النقدية تعني أنّ مستوى معدّل الفوائد في لبنان يعادل مستوى معدّل الفوائد في أميركا زائد هامش المخاطر. وعليه، فان مسار معدّل الفوائد في لبنان يعتمد على هذين العاملين.

بالنسبة لسعر الفوائد في أميركا، فإنني أعتقد، بناءً على تصريحات رئيس الإحتياط الفدرالي الأميركي، أنّ أسعار الفوائد الأميركية ستبقى في الأغلب ثابتة في العام 2019.

وفي ما يخصّ هامش المخاطر، أعتقد أيضاً أنّ تأليف الحكومة وعزمها على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة وعلى دفع الحركة الإقتصادية في البلد سيؤدّيان إلى إنخفاض في هامش المخاطر بشكلٍ تدريجي في العام 2019.

وفي الحقيقة، لقد رأينا بداية ذلك عندما اُلّفت الحكومة وانخفض هامش المخاطر على أثرها بأكثر من 100 نقطة أساس. كلّ ذلك قد يشير إلى مسار منخفض لأسعار الفائدة في لبنان إذا توفّرت العوامل الإيجابية المؤثّرة عليها.

• ما هي الكلفة الإضافية والإجراءات المطلوبة من المصارف بعد خفض تصنيفها الإئتماني من قبل «موديز»؟

إنّ خفض شركة Moody’s للتصنيف الإئتماني السيادي للبنان إلى درجة Caa1 مع أفق مستقرّ لن يؤثّر على القطاع المصرفي طالما لم تلحقها شركات التصنيف الأخرى بخفض التصنيف أيضاً. وفي الحقيقة لا أتوقّع أن يحصل هذا الشيء بسبب إعادة الثقة التي نتجت من تأليف الحكومة والإصلاحات التي تنوي تنفيذها. أما في حال حصل ذلك، فإنّ خفض التصنيف سيشكّل عبئاً إضافياً على المصارف اللبنانية.

ويعود ذلك إلى أن المصارف يجب عليها في هذه الحالة رصد مخصّصات إضافية تجاه سندات Eurobonds السيادية التي ازدادت مخاطرها، الأمر الذي يحدّ من أرباح المصارف وقد يؤدّي إلى رفع أسعار فوائدها.

هناك أيضاً التداعيات السلبية على «الفريق الثالث» (Third Party)، كالبنوك الخارجية التي تتعامل مع البنوك اللبنانية، والتي يجب عليها أن تزيد من مخصّصاتها تجاه معاملاتها مع البنوك اللبنانية، ممّا سيؤدّي إلى زيادة في كلفة التعامل معها أو الحدّ منها.

• ما هي توقّعاتكم للقطاع المصرفي للعام 2019، وفق المعطيات المتوفّرة حتى الآن؟

أحبّ كعادتي أن أبقى متفائلاً، وأكرّر كما في السابق أنّ العام 2019 سيمثّل منعطفاً قد نرى على أثره تحسّناً في الإقتصاد. أما على صعيد المصارف اللبنانية، فإنّي أتوقّع أن تنخفض أرباحها في العام 2019 نتيجة الإزدواج الضريبي وإرتفاع الضرائب إضافةً إلى الإنخفاض في هامش الفوائد.

هذا مع العلم أنّ القطاع المصرفي قد قام دائماً بكلّ مسؤولياته تجاه دعم الإستقرار النقدي وسدّ الحاجات التمويلية لمختلف القطاعات، ونأمل أن يُعاد النظر بالأعباء عليه خصوصاً في ما يتعلق بالإزدواج الضريبي.

ونأمل أيضاً أن تتحمّل النخبة السياسية مسؤولياتها خصوصاً تجاه إصلاح القطاعين العام والحقيقي، حتى يستعيد الإقتصاد والقطاع المصرفي ديمومتهما ونموّهما بشكلٍ مُستدام.

المادة السابقةأسعار النفط تتجه إلى الارتفاع في آسيا
المقالة القادمةمقوّم: مرفأ بيروت حقّق نتائج جيدة