أزهري: الإصلاحات ممرّ إلزامي لجذب الرساميل الى لبنان

 

إعتبر رئيس مجلس إدارة ومدير عام بنك لبنان والمهجر سعد أزهري أنّ البلاد بحاجة الى إصلاحات في المالية العامة وإصلاحات جذرية في المناخ الإستثماري، ستؤدّي في حال تطبيقها الى تراجع هامش المخاطر وبالتالي إنخفاض أسعار الفوائد.

  • كيف وُلدت فكرة حملة “فكّر بلبنان” وما الذي دفع مصرفكم إلى تبنّيها ودعمها؟

– أتت حملة “فكّر بلبنان” كنتيجةٍ للقاءٍ جمعني والسيد نقولا شماس رئيس جمعية تجار بيروت في أعقاب تشكيل الحكومة، وكانت الرسالة الأساسية من الحملة هي بثّ جوّ من الإيجابية بهدف إيجاد سبل عمليّة لتحسين الوضع الإقتصادي الذي يمرّ فيه بلدنا.

هكذا وُلدت هذه الحملة التي تهدف إلى نشر التوعية بشكلٍ أساسي حول المقوّمات التي لا يزال لبنان يتمتّع بها، ومنها المنتجات الزراعية والصناعية العالية الجودة والأسعار التنافسية في الأسواق والمواقع الطبيعية والأثرية والسياحية الخلابة التي يمكن زيارتها والموارد البشرية الثمينة التي تتمثّل بالشباب اللبناني المثقف والكفؤ.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تسلّط الحملة الضوء على ما يمكن للمواطنين اللبنانيين بأطيافهم وفئاتهم كافة القيام به لدعم الإقتصاد واستنهاضه، أكان على مستوى شراء المنتوجات الزراعية والصناعية اللبنانية أم التسوّق والسياحة في لبنان بدلاً من السفر إلى الخارج للسياحة والتسوّق وكذلك توظيف الشباب اللبناني بدلاً من اليد العاملة الأجنبية.

لا شكّ أنّ هذه المبادرات البسيطة تجتمع معاً لتُحدث فرقاً كبيراً على مستوى الإقتصاد ونشاطه. بالتالي تنشط الزراعة والصناعة بفعل تصريف المنتوجات في السوق الداخلي والخارجي ما يدعم بدوره قطاع التجارة. ومع إزدهار السياحة الداخلية ينشط قطاع الخدمات والفنادق، ومن خلال توظيف الشباب اللبناني نحول دون هجرتهم.

ولا تقتصر حملة التوعية هذه على اللبنانيين المقيمين في لبنان، بل تشمل أيضاً الإغتراب اللبناني، الذي ندعوه أيضاً إلى التفكير في لبنان والمساهمة في قطاعاته وإقتصاده أيضاً.

وتمّ تقديم هذه الحملة إلى رئيس الجمهورية ولفتت إنتباهَه برسالتها الإيجابية فقرّر تقديم دعمه المطلق لها. وعليه، عُقد مؤتمر لإطلاق حملة إستنهاض الإقتصاد اللبناني في القصر الجمهوري بحضور فعاليات الإقتصاد اللبناني من وزراء ونواب وتجّار وصناعيين وإقتصاديين. هذا ما يُعطي الحملة عزماً كبيراً بفعل أنها تتمتّع بدعمٍ كبير داخل القطاعات الإقتصادية. فالرئيس العماد ميشال عون أيضاً ركّز في كلمته على الركائز الأساسية للحملة والسُبل الممكنة لنجاحها.

  • اليوم، وبعد مرور بضعة أسابيع على إنطلاقة الحملة، هل بدأت تظهر نتائجها؟ وهل من خطط لتحفيزها؟

– لاحظنا نتائج مهمة في الأسابيع الأولى من الحملة، حيث بدأ العديد من التجار بالتواصل معنا لإبداء رغبتهم بالمشاركة في الحملة وتقديم العروض. لقد لاقت حملة “فكّر بلبنان” صدىً واسعاً وتفاعلاً كبيراً بين العديد من الفعاليات وشرائح المجتمع.

من بين الخطط المقبلة نذكر أنّ بنك لبنان والمهجر وجمعية بيروت ماراثون قاما بتجديد شراكتهما لمدة 5 سنوات إضافية والتي دامت 15 عاماً مسلّطةً الضوء على سباق بلوم بنك بيروت ماراثون. لذلك يسرّنا أن نعلن أنّ سباق بلوم بنك بيروت ماراثون 2019 سوف يكون تحت عنوان حملة “فكّر بلبنان”.

على صعيدٍ آخر، إنّ المرحلة الأولى من الحملة كان هدفها نشر التوعية بين اللبنانيين والتسويق لها، أما المرحلة المقبلة فهي الأهمّ بالنسبة لنا كونها تشمل حملة عملية لتحفيز اللبنانيين، وتأتي تحت عنوان “كل شي بتصرفو، بيرجعلك” وذلك لتشجيع حاملي بطاقات بلوم على إستخدام بطاقاتهم لكافة مشترياتهم داخل لبنان خلال شهرَي نيسان وأيار 2019. سوف يحصل حاملو البطاقات تلقائياً على فرصة المشاركة في السحب للفوز بالمبلغ الذين قاموا بصرفه على البطاقة، مع سقف الجائزة لا يتخطى الـ 1,000 دولار أميركي. سوف يجري السحب أسبوعياً تحت إشراف مديرية اليانصيب اللبناني.

بالإضافة إلى ذلك سوف نقوم بإطلاق صور خاصة بحملة “فكّر بلبنان”، حيث يمكن وضع هذه الصور على بطاقة BLOM Picture Card. يمكن للعملاء التقدّم بطلب للحصول على تلك البطاقات عبر زيارة أقرب فرع لبنك لبنان والمهجر. أخيراً، نحن بصدد إطلاق العديد من العروضات المميّزة وجعلها مُتاحة لجميع اللبنانيين، تتضمّن العروضات للفنادق والمسابح وصالات السينما والعديد غيرها سنقوم بالإعلان عنها تباعاً.

أسعار الفوائد

  • إنتقالاً إلى الوضع الإقتصادي والمالي، هل تعتقد أنّ المؤشرات الإيجابية التي تمثّلت في إقرار خطة الكهرباء يمكن أن تساهم في خفض أسعار الفوائد؟

– أعتقد أنّ إقرار خطة الكهرباء هو الخطوة الأولى في سلسلة الإصلاحات المطلوبة لإنعاش الإقتصاد، والتي تتطلّب إضافة إصلاحات في المالية العامة على صعيد النفقات والإيرادات وإصلاحات جذرية في المناخ الإستثماري ومزاولة الأعمال.

هذه الإصلاحات تمثّل الشروط الضرورية والكافية للحصول على التمويل من مؤتمر “سيدر” ولتشجيع المزيد من التدفقات الرأسمالية الخاصة إلى لبنان.

وعلى القدر نفسه من الأهمية، ستؤدّي هذه الإصلاحات عند تنفيذها والتداعيات الإيجابية التي ترافقها على صعيد توفّر التمويل إلى إنخفاض في هامش المخاطر والذي سينعكس عند ذلك في خفض لأسعار الفائدة الدائنة والمدينة في لبنان.

  • في الحديث عن الفوائد، برزت مطالبات لمصرف لبنان بخفض أسعار الفوائد. كمصرفي، وبوصفك نائب رئيس جمعية المصارف اللبنانية، هل إنّ تحديد أسعار الفوائد يرتبط بقرار يأخذه المركزي؟ وما هي العوامل التي تحدّد أسعار الفوائد في الإجمال؟

– في الحديث عن السياسة النقدية لمصرف لبنان وأثرها على مستويات أسعار الفائدة يجب التذكير أنّ الإطار النقدي المتّبع في لبنان هو تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي.

وهذا يعني أنّ السياسة النقدية في لبنان يجب أن تتبع السياسة النقدية في الولايات المتحدة، أي أنّ أسعار الفائدة في لبنان يجب أن تستند إلى أسعار الفائدة في أميركا.

وعليه، إنّ أسعار الفائدة في لبنان تتغيّر مع تغيير أسعار الفائدة في أميركا، كما تتغيّر مع التغيّر في هامش المخاطر إذ إنّ سعر الفائدة في لبنان يساوي سعر الفائدة في أميركا زائداً هامش المخاطر. ويعود إرتفاع هامش المخاطر في الفترة الأخيرة للجمود السياسي وللعجوزات الكبيرة في الميزانية العامة للدولة.

  • هل المصارف لا تزال جاهزة للإكتتاب بسندات الدين اللبنانية، ووفق أيّ أسعار في الفوائد؟

– إنّ المصارف لم تتوانَ يوماً عن تمويل الدولة والإكتتاب بسندات الخزينة، كما أنّ المصارف تحمل حالياً ما يُقارب الـ40% من الدين العام الذي يبلغ حوالى الـ 86 مليار دولار.

وما أودّ أن أشدّد عليه هنا أنه في ظلّ إرتفاع كلفة الودائع التي وصلت إلى 12% بالليرة اللبنانية (إذا إحتسبنا إضافة كلفة الإحتياطي الإلزامي على الودائع بالليرة لدى مصرف لبنان بنسبة 15%)، ثابرت المصارف على الإكتتاب بسندات الخزينة بفوائد منخفضة لأنّ الهندسات المالية من قبل مصرف لبنان كانت تدعم الفارق.

ولكن عندما توقّف مصرف لبنان عن توفير هذا الدعم لم يعد ممكناً للمصارف الإكتتاب لأنها تكبّدها خسائر. هذا الأمر يعكس ضرورة خفض هامش المخاطر في لبنان عن طريق الإصلاحات، خصوصاً الإصلاحات المالية، حتى ينخفض هيكل أسعار الفوائد ومن ضمنها بالطبع الفوائد على الودائع وكلفتها.

  • كيف تقيّم أداءَ المصارف في الاشهر الثلاثة الأولى من 2019، وما هي تقديراتك للنتائج في نهاية هذا العام؟

– تشير البيانات المُتاحة للشهرين الأوَّلين لهذا العام إلى أنّ موجودات المصارف وصلت في نهاية شهر شباط 2019 إلى 250.24 مليار دولار بزيادة 0.3% من بداية العام، كما وصلت الودائع إلى 171.97 مليار دولار بإنخفاض 1.3% ووصلت القروض إلى 56.95 مليار دولار بإنخفاض 3.3%.

وعلى رغم من عدم توفّر الأرقام للأرباح، هناك معلومات موثوقة بأنّ الأرباح للشهرين الأوَّلين من عام 2019 إنخفضت بشكلٍ ملحوظ عن الأرباح في الفترة نفسها للعام 2018.

وبالطبع، يأتي هذا الأداء نتيجة الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي يواجهها البلد ونتيجة الضرائب المرتفعة التي يتعرّض لها القطاع المصرفي. ونتوقّع أن تثابر هذه النتائج على النمط نفسه حتى نهاية العام.

بواسطةرنى سعرتي
مصدرجريدة الجمهورية
المادة السابقةسلامة: غير صحيح الكلام عن قرض أو هبة مصرفية للدولة
المقالة القادمةالمصارف تراقب… و”لا موازنة قبل توافق الأطراف السياسية”؟