أسعار التأمين ترتفع… ودولرتها تكتمل

إنخفض عدد بوالص تأمين السيارات All risks بين 15 و 20%

بوالص التأمين الصحي تنخفض 15% وأقساطها ترتفع 12%

زادت بوالص تأمين السيارات الإلزامي بسبب ارتفاع الكلفة الإستشفائية

حادث انفجار مرفأ بيروت زاد من حدّة الأزمة على قطاع التأمين

يتخبّط قطاع التأمين مثلثه مثل سائر القطاعات الإقتصادية في البلاد بالأزمة المالية التي اجتاحته منذ نهاية العام 2019، وما زاد «الطين بلّة» انفجار المرفأ الذي تسبب بخسائر بالحجر والبشر انتجت أضراراً بقيمة 900,850 مليون دولار على معيدي التأمين، وقيمة تتراوح بين 45 و 50 مليون دولار حصّة التغطية المترتبة على شركات التأمين المحلّية.

ورغم بدء تأقلم اللبنانيين مع واقع الدولرة المرير التي تسارعت عجلتها في العام الجاري، إلا أن هذا الواقع فاق قدرة غالبية اللبنانيين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية توازياً مع «فتات» من الدولارات النقدية. وهذا الأمر دفع بعض المؤمّنين الى الغاء التغطيات لدى شركات قطاع التأمين الخاص. رغم أن الجهات الضامنة مثل الضمان وتعاونية الموظفين والجهات الضامنة الأخرى، باتت تسدد نسبة 7% أو حتى أقلّ من قيمة الفاتورة الإستشفائية (ما عدا غسيل الكلى والعمليات الجراحية لأمراض القلب التي لا تزال مدعومة من مصرف لبنان ) فيما التغطية تكون بمجملها على عاتق المواطن الفقير.

أمام تلك التطوّرات كيف تخطّت شركات التأمين المطبّات التي أعاقت سيرها؟

واجهت جمعية شركات الضمان في لبنان كما أوضح رئيسها ايلي نسناس لـ»نداء الوطن» من خلال مجلس إدارتها المخاطر والصعوبات التي تعصف بالقطاع نتيجة الأزمة الاقتصادية، متسلحةً برؤية مستقبلية للقطاع الذي كان ولا يزال يعول عليه لمواجهة هذه الأزمة.

مطبّات الأزمة

منذ انطلاق عمل مجلس الإدارة الجديد واجه جاهداً العديد من المطبات نتيجة للأزمة المالية والاقتصادية أبرزها:

– مشروع القانون الذي ينظم حركة الأموال Capital Control الذي قام المجلس بمتابعته مع كافة الجهات الرسمية المعنية. وذلك بغية إدراج استثناء في طيات هذا المشروع حول صافي قيم بوالص إعادة التأمين المتوجبة على شركات التأمين. وأُعدت بهذا الخصوص كتبٌ عدة، من قِبَل مُحامي الجمعية زياد بارود جرى إيداعها لدى رؤساء اللجان النيابية والنواب المعنيين بهذا المشروع، وذلك في مُحاولة لإدراج موضوع أقساط إعادة التأمين في استثناءات هذا القانون. ونعول على دعم وتفهم وزير الاقتصاد والتجارة امين سلام لهذا الموضوع والذي ابداه للجميع في أكثر من مناسبة.

– كما تابع المجلس مسألة شمولية عملية الاقتطاع على الودائع المصرفية (Haircut)، فحاول مستعيناً بدراسة اكتوارية وأمثلة عملية اعتمدت في دول تعرضت لتعثر مالي من أجل تقديم اقتراح استثناء قطاع التأمين من إجراءات الإقتطاع واضعاً هذه الدراسات بتصرّف المسؤولين».

ولسوء قدر اللبنانيين فإن حادث مرفأ بيروت جاء ليزيد من وقع الأزمة، حول ذلك قال نسناس: «إضافة الى عدم إمكانية إجراء تحاويل الى مُعيدي التأمين، فإن تخبّط الواقع اللبناني وعدم صدور تقرير قاضي التحقيق ادى الى تأخير في تسديد التعويضات من قبل المُعيدين. فكانت المفاوضات الأصعب في تاريخ الضامنين اللبنانيين، ولكن انطلاقاً من العلاقات الجيّدة التي كانت قائمة، برز جوّ ايجابي من قبل المُعيدين بدأت تتبين بوادره أخيراً مع بدء تسديد جزء كبير من هذه التعويضات للمتضررين».

كيف تاثّر القطاع الإستشفائي؟

أما على صعيد الطبابة والإستشفاء، فأشار نسناس الى أن «الأزمة الإقتصادية ارخت بظلالها على هذا القطاع وهو المتنفس الصحي لجزء كبير من اللبنانيين. فكانت المفاوضات شاقة مع الهيئات الإستشفائية من مستشفيات وأطباء ومختبرات ولكن مجلس إدارة جمعية شركات الضمان، وبالتعاون مع لجنة الإستشفاء في الجمعية، توصل الى ايجاد حلول لمختلف الأمور الشائكة. حلول واقعية مبنية على شروط جديدة في التسعير وتسديد المستحقات، بدولار السوق الموازي او ما يُعرف بالـFresh Dollars الذي اصبح سيّد الموقف في التعامل بين الضامنين والمضمونين وبين الضامن والهيئات الإستشفائية».

تراجع أعداد البوالص

و فور بدء شركات التأمين اعتماد سياسة تسديد أقساط البوالص بالدولار النقدي بهدف توفير التغطية الشاملة للمؤمّنين كما تنصّ عليه البوليصة للمستشفيات، شهدت بوالص التأمين تراجعاً في عددها. فانخفض كما أوضح رئيس مجلس إدارة ومدير عام شركة آروب للتأمين فاتح بكداش لـ»نداء الوطن» عدد البوالص المجدّدة في الشركة والتي بدأت بتسديدها على اساس «فريش» منذ شهر تشرين الأول 2021، وتراجعت بنسبة تراوحت بين 12 و15% لبوالص الإستشفاء، وبين 15 و 20% لبوالص تأمين السيارات All risks بسبب تحوّل أصحاب البوالص نحو شراء تلك التي تغطّي الغير فقط contre tiers، والتي هي أقلّ كلفةً عليهم. فيما شهدت بوالص التأمين الإلزامي زيادة في عددها بسبب ارتفاع الكلفة الإستشفائية.

المعايير المالية والمحاسبية الدولية

وبقيت المستحقات التي فرضتها مواكبة المعايير المالية والمحاسبية الدولية الجديدة IFRS 17 & IAS 29، تلك بحسب نسناس «على عاتق القطاع فكانت المشاورات مع الجهات الرسمية المولجة عملية المراقبة على حسن التطبيق واللافت تفهّم جميع الفرقاء، من وزراء ومدراء معنيين وجهات متخصصة كالمجلس الأعلى للمحاسبة لواقع الحال في ظل الحاجة الى تأهيل الكوادر البشرية المعنية بعملية التطبيق. هذا وتسعى الجمعية الى اتخاذ الإجراءات المناسبة الآيلة لوضع هذه المعايير قيد التنفيذ انما وفق روزنامة تكون قابلة للتطبيق تأخذ بالإعتبار قدرات الشركات.

كذلك أعيد تجديد عقود البطاقة البرتقالية التي واجهت بدورها أزمة، فأعيد تجديد عقود إعادة تأمينها وتمّ إرساء أقساط جديدة تواكب أخطار المركبات الكائنة خارج لبنان».

هذه هي المطبات تضاف اليها تحديات الإبقاء على المضمونين الذين فقدوا القدرة الشرائية واستمرارية وسمعة الشركات في عملها في ظلّ واقع اعتماد الـ Fresh Dollars عند قبض الأقساط من أجل قيام الشركات بالتزاماتها التي أيضاً اصبحت بالـ Fresh Dollars أو سعر الدولار الموازي.

الإستحقاقات

يبقى الإمتحان الأبرز اليوم الذي ستقوم به الشركات وهو المحافظة والإبقاء على أجرائها أصحاب الخبرة الذين باتوا اليوم يتطلعون الى ظروف عمل أفضل خارج البلاد. معرباً عن تفاؤله في المستقبل رغم أن مرحلة صعبة تنتظر القطاع الذي صمد رغم كل التحديات التي واجهها.

إرتفاع أسعار أقساط البوالص

من المتوقع أن ترتفع اسعار اقساط بوالص التأمين في السنة المقبلة بين 10 و 12% وذلك تنفيذاً للتوافق القائم بين الشركات والمستشفيات بعد ان تمّ خفض أقساط البوالص العام الماضي بنسبة تراوحت بين 30 و 45%.

وهذه الزيادة ستحصل السنة المقبلة أيضاً فتصل نتيجة ذلك أسعار أقساط البوالص الى السعر الذي كان معتمداً قبل بدء الأزمة المالية والإقتصادية في البلاد.

تعويضات أضرار المرفأ المسدّدة

بالنسبة الى اضرار السيارات والكلفة الإستشفائية تمّ تسديد أكثر من نسبة 95% من التعويضات المترتبة، بينما بالنسبة الى بوالص التأمين على الحياة فتم تسديد أكثر من 90% من التعويضات. أما في ما يتعلق ببوالص تأمين الممتلكات، فاستطاعت شركات التأمين دفع نسبة 55% من إجمالي عدد الحوادث العائدة للممتلكات ونسبة 45% من قيمة التعويضات المترتبة على تلك الممتلكات.

وبذلك يكون إجمالي قيمة الأضرار المسدّدة استناداً الى تقرير لجنة مراقبة هيئات الضمان لغاية أيار الماضي 535,259 مليار ليرة أي ما يعادل نحو 353 مليون دولار أميركي وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 1515 ليرة لبنانية، بسبب رفض معيدي التأمين التعويض في ظلّ عدم صدور أي تقرير رسمي عن حقيقة إنفجار المرفأ الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص وجرح نحو 7000 ودمّر ثلث العاصمة بيروت.

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقةفصل حلّ الأزمة عن الصندوق السيادي!… هل ممكن؟
المقالة القادمة9 ملاحظات جوهرية على مشروع الكابيتال كونترول