يعيش المزارع اللبناني تقلّباتٍ موسميّة، ناتجة من صعوباتٍ وتحدياتٍ يواجهها، أكان من ناحية عدم تصدير منتوجاته، أو ارتفاع تكاليفه نسبةً لمصاريفه، وخسائره الواضحة نتيجة التقلبات المناخيّة. فتارةً ترتفع الأسعار لتصبح بالنّار مثل البطاطا والموز، وتارةً أخرى تُصبح الأسعار “بالأرض” لتُباع بالخسارة مثل البصل والدّراق والخيار.
فكيف باستطاعة المزارع مواجهة هذه التحديات بنفسه؟
أكّد رئيس تجمّع الفلاحين والمزارعين في لبنان، ابراهيم الترشيشي، أنّنا نشهد واقعين مختلفين في آنٍ معًا. فإمّا تنخفض الأسعار بشكلٍ كبيرٍ ومفاجئٍ، وإمّا العكس. ويعود سبب ذلك، إلى ارتفاع في كمية المنتوجات نسبةً لطلب السّوق، مثل البصل والكرز والمشمش والدّراق والحمضيات، التي تُباع اليوم بأقلّ من كلفة الإنتاج، بخسائر كبيرة، بسبب عجزنا عن تصديرها.
ارتفاع سعر البطاطا بشكلٍ مفاجئٍ
وفي حديثه للدّيار، يؤكّد الترشيشي أنّ ارتفاع سعر البطاطا المفاجئ، يعود الى قلّة الإنتاج والتقلبات المناخية، التي بدورها أثرت في صنف البطاطا بشكلٍ لافتٍ.
وأضاف: مع بداية شهر شباط،، هطلت الأمطار بغزارة، فقلّت كميّة البطاطا. وبعد ذلك، واجهت البطاطا تحديًا أصعب في 15 نيسان بسبب موجة الحرّ القاسية، ما أثر ذلك في إنتاج القسم الباقي الذي توافر من البطاطا.
لذلك، لم يعد إنتاج البطاطا كافيًا للسوق المحلّي. فدرهم البطاطا الذي كان من المفترض أن يعطي 5 طن من البطاطا، لم يعد يعط الـ2 طن بحدّه الأقسى. لذلك، فقدنا أكثر من 60% من إنتاج البطاطا. وحتّى إذا باع المزارع البطاطا بسعرها المرتفع، يبقى مهمومًا وخسرانًا، معتبرًا أنّ كلفة الإنتاج ما زالت مرتفعة، والبذور ارتفع سعرها، والمونة لم تعد كافية كما يجب. والمساحات المزروعة كانت قليلة والإنتاج ضئيل بسبب التقلبات المناخية، لذلك الكمية المنتجة لم تكف حتّى السوق المحلّي.
ولفت إلى أنّنا كنّا نشحن من عكّار أكثر من 50 ألف طن من البطاطا، أمّا هذا العام فلم نشحن طنا واحدا، وبقيت الأسعار مرتفعة أكثر ممّا يجب أن تكون.
أمّا عن مصير الموز، فأشار الترشيشي إلى أنّنا نعيش آخر أيامه، والإنتاج لم يكف السوق المحلي كما يجب. وهذا سبب تفسيرنا أنّ كمّيّة الموز هذا العام، تعتبر أقلّ بكثير من العام الماضي، لأن الإنتاج ليس كافيًا. ولم يُسمح لنا باستيراد الموز من الخارج، إلّا بموجب الإجازات.
فبعد أن كان كيلو الموز يباع بـ45 ألف ل. ل.، ها هو الآن يُباع بالـ150 ألفا وأكثر.
خوفنا الأكبر على الأشجار المثمرة
يؤكّد الترشيشي أنّنا نتعرّض للأضرار ولكن بأقلّ خسائر ممكنة، مقارنةً بالبلاد الأخرى.
ولفت إلى أنّ شهر أيّار شكّل خطرًا كبيرًا على المزروعات. وبعد ذلك، شهدنا ارتفاعًا في درجات الحرارة تحديدًا في شهر حزيران، ما أثّر سلبًا في إنتاجية مزروعاتنا، أكانت نبتة أم شجرة حاملة، معتبرًا أنّه غالبًا ما يكون الخوف الأكبر على الأشجار المثمرة، لأنّ النبتة في حال يبست، يعود المزارع ليزرعها مجدّدًا. أمّا الشجرة المثمرة، فتشكل الضرر الأكبر بعد تلف ثمارها.
وقال: اليوم نشهد ارتفاعًا عاليًا في درجات الحرارة أكثر من معدّلاتها الطبيعية، وذلك لفتراتٍ طويلةٍ أي لحوالى الأسبوع والأسبوعين. ونحن نعرف أنّ موجة الحرّ إذا تخطّت 5 أيّام، ستأكل الأخضر واليابس، مقترحًا أنّه على المزارع أن يكثّف ريّه بكمياتٍ أكبر، رغم أنّ ذلك ليس كافيًا لأنّ نموّ النبتة يتأخّر وبالتالي جودتها تخفّ، وإنتاجها يقلّ.
وعن بعض النباتات التي تنمو قبل أوانها، هذه أيضًا مشكلة يواجهها المزارع نتيجة تغيّر درجات الحرارة.
المزارع يحترق مع موسمه
ولفت الترشيشي إلى أنّ المزارع يحترق مع موسمه، إن كان بسبب التقلبات المناخيّة أو بعدم تصريف الإنتاج أو بتدفّق المنتوجات علينا، أو بتهرّب المسؤولين من دفع الجمرك.
وأشار إلى أنّ الاستيراد أكثر بكثير من التصدير، فبعدما كنّا نصدّر أكثر من 100 شاحنة يوميًا، ها نحن نصدّر اليوم أقلّ من 5 شاحنات يوميًا.