تعقد منظّمة البلدان المصدّرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، ومن بينها روسيا، اجتماعاً نهاية الأسبوع الجاري لاتّخاذ قرار حول مستوى الإنتاج في وقت صعب بشكل خاص لأسواق النفط العالمية.
مع تراجع الأسعار الشهر الجاري، تُظهر السوق الرئيسية علامات على الضعف، وتنعكس عليها أوجه عدم يقين إزاء سياسة «صفر-كوفيد» الصينية. كما يخوض الاتحاد الأوروبي مفاوضات صعبة للتوصل إلى اتفاق على سقف لسعر تدفّقات الخام الروسي قبل سريان القيود الجديدة. وفي ما يلي ما يتوقّعه المحلّلون:
آراء المحلّلين
تتوقّع شركة «فاكتس غلوبال إنرجي» (FGE) لاستشارات القطاع أن يقلّص «أوبك+» الإنتاج بمقدار مليوني برميل أخرى يومياً للتصدي للأسعار المتداعية.
وتقول: «تعطي السوق حالياً إشارات على وجود وفرة من النفط الخام»، ويعني هبوط الأسعار «أنه من المحتمل للغاية في الوقت الحالي أن يقلص تحالف «أوبك+» أهداف الإنتاج مرة أخرى لسعيه لتعزيز أسعار النفط الخام».
وقالت حليمة كروفت، رئيسة وحدة استراتيجيات السلع الأساسية ببنك الاستثمار (آر بي سي كابيتال ماركتس) إن تراجع السوق مؤخراً قد يؤدي إلى خفضٍ في الإنتاج من قبل تحالف «أوبك+»، رغم أنه ربما يختار إبقاء مستويات الإنتاج دون تغيير. لكن في حال أوشك خام برنت على الانخفاض دون 80 دولاراً للبرميل وتكشفت علامات على تراجع هزيل في إمدادات الخام الروسي، فعلى الأرجح سيقلّص «أوبك+» الإنتاج بما يتراوح بين 500 ألف إلى مليون برميل يومياً. لكن إذا تعافت الأسعار، وتوقّفت الإمدادات الروسية جرّاء العقوبات الموقّعة عليها، فقد يبقي التحالف على حصصه الحالية دون تعديل.
وتتوقّع مجموعة أوراسيا (Eurasia Group) أن «يدرس تحالف أوبك+ بجدية قراراً جديداً بتخفيض الإنتاج خلال اجتماعه المقبل، خاصة في حال هبطت أسعار النفط الخام دون مستواها الحالي بكثير الأسبوع المقبل». و»في نهاية المطاف، سيعتمد القرار على مسار أسعار خام النفط عندما يعقد تحالف «أوبك+» اجتماعه وعلى مدى الاضطراب بالأسواق نتيجة عقوبات الاتحاد الأوروبي».
فيفيك دار، المحلّل بقطاع التعدين وسلع الطاقة بمصرف «كومنولث بنك أوف أستراليا»، يتوقع أن «يبقي تحالف «أوبك+» على مستويات الإنتاج دون تغيّر، خاصة مع الأخذ في الاعتبار أن المجموعة ستعقد اجتماعاً افتراضياً».
دار أشار إلى أن متوسط سعر خام برنت سيصل إلى 95 دولاراً للبرميل خلال الربع الحالي، رغم أنّ هذا التوقّع يواجه مخاطر هبوطية نظراً لمخاوف الطلب بالصين وسقف الأسعار العالي الذي سيطبق على الأرجح على صادرات النفط الروسية المنقولة بحراً بدءاً من 5 كانون الأول الجاري.
الموقف الروسي
وأكد وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» أن بلاده لن تورد النفط إلى الدول التي وافقت على وضع سقف سعري للنفط، مشيراً إلى أن روسيا ستوافق على عقد الصفقات مع المشترين مباشرة.
وقال «لافروف» خلال تصريحاته في مؤتمر صحفي أمس الخميس، إن الغرب لديه فرصة حقيقية لتجنب الصراع في أوكرانيا، لكنه اختار رفض المقترحات الروسية لوقف توسع الناتو والموافقة على وضع أمني خاص لكييف.
وأوضحت وزارة الخارجية الروسية أن اقتراح السقف السعري»مناهض للسوق» وسيؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد وتفاقم الوضع في أسواق الطاقة العالمية.
وفي تصريحات منفصلة، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية «ماريا زاخاروفا»: «قلنا مراراً إن تطبيق ما يسمّى بسقف أسعار النفط الروسي ليس مجرد آلية غير سوقية، إنه إجراء معادٍ للسوق».
وأضافت «زاخاروفا» أن روسيا لن تورد النفط للدول التي تدعم مبادرة المواجهة المعادية لروسيا، محذّرة من أن التداعيات ستكون كارثية على الجميع.
الأسعار
ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات أمس الخميس، بعدما سجلت خسارة شهرية خلال تشرين الثاني، حيث يقيّم المستثمرون توقّعات الطلب على الخام قبيل اجتماع «أوبك» المقرر في الرابع من كانون الأول. وبلغ سعر برميل برنت مساء أمس نحو 89 دولاراً.
وقال محللو «إيه إن زد» في مذكرة نقلتها «رويترز»: «السوق لا تزال في حالة عدم يقين بشأن قرار «أوبك» حيث يتوقع البعض خفضاً جديداً بينما يشير آخرون إلى احتمال تمديد الاتفاق الحالي، كما تستعدّ السوق أيضاً لتأثير العقوبات الأوروبية على النفط الروسي».
وقالت مصادر لـ»رويترز» إن قرار عقد الاجتماع يشير عملياً إلى احتمال ضئيل لتغيير السياسة، حيث تقوم المجموعة بتقييم تأثير سقف أسعار النفط الروسي الذي يلوح في الأفق على السوق.
على جانب آخر، ازداد تفاؤل السوق بعدما أعلنت مدينتا قوانغتشو وتشونغتشينغ الصينيتان عن تخفيف قيود فيروس كورونا، بعد يوم من اشتباك المتظاهرين في جنوب قوانغتشو مع الشرطة وسط سلسلة من الاحتجاجات ضد أشدّ قيود لمكافحة الوباء في العالم.
الغاز
وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية خلال تعاملات أمس الخميس في ظل تزايد الطلب على الطاقة في المنطقة التي تتعرّض لانخفاض درجات الحرارة وسط موجة من البرد.
وتتوقع شركة «ماسكار تكنولوجيز» انخفاض درجات الحرارة في جميع أنحاء أوروبا على مدار الشهر الجاري، بعد شهر تشرين الثاني المعتدل نسبياً، مشيرة إلى أنه قد تكون الظروف أكثر برودة من المتوسط المعتاد عليه في الفترة نفسها من الأعوام السابقة.
وتشير توقعات الطقس أيضاً إلى إمكانات طاقة الرياح المعتدلة إلى المنخفضة في المملكة المتحدة وأوروبا القارية ودول الشمال خلال الأسبوعين المقبلين، ما يضغط على توليد الكهرباء في ظل ظروف الرياح السيئة.
ورغم أنه ساعدت إمدادات الغاز الطبيعي المسال في تجديد الشحنات المفقودة وملء الخزانات في المنطقة الأوروبية، لكنّ المخزونات بدأت في الانخفاض، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز بأكثر من أربعة أضعاف عن المعتاد في هذا الوقت من العام.
وتحاول القارة تسريع البنية التحتية لاستقبال المزيد من الغاز الطبيعي المسال، حيث من المتوقع أن تكون لدى ألمانيا أولى محطات استيراد جاهزة هذا الشهر، ولكن إذا ضربت موجة البرد آسيا أيضاً، فقد يرتفع الطلب في المنطقة الآسيوية وتزيد المنافسة على الشحنات، ما قد يؤدي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار.
وارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي في هولندا تسليم كانون الثاني بنسبة 5.19% إلى 153.50 يورو لكل ميغاواط.