منذ مطلع العام، واسعار النفط العالمية تمضي في مسار تصاعدي، متأثرة بحرب غزة واضطرابات البحر الاحمر. لكن، ومع التراجع المحقق مؤخراً في الاسعار، هل سنكون أمام تراجعات متلاحقة في اسعار المحروقات محلياً، خصوصا بعدما لحظ الجدول الاخير تراجعاً شمل اسعار المازوت والغاز في حين واصلت اسعار البنزين ارتفاعها؟
في الاول من شهر كانون الثاني 2024 كان سعر صفيحة البنزين في لبنان مليون و498 الف ليرة، اليوم وبعد مرور 4 اشهر يسجل سعر صفيحة البنزين مليوناً و782 الفاً لصفيحة 95 اوكتان، ومليوناً و820 الفاً لصفيحة 98 اوكتان، أي بزيادة نحو 284 الفاً و322 الفاً على التوالي. ولدى مقارنة هذه الاسعار مع ما كانت عليه ابّان انطلاق عملية طوفان الأقصى اي في 7 تشرين الاول الماضي، يتبين ان سعر صفيحة البنزين اليوم عاد الى ما كان عليه في حينها حيث سجل في ذلك التاريخ مليوناً و760 الفاً. لهذه التقلبات في اسعار النفط عالمياً اسباب كثيرة، لكن ومع تسجيل سعر برميل النفط عالميا تراجعا من 93 دولارا الى 85 دولارا، كيف سينعكس هذا التراجع على السوق المحلي؟ وما سيكون مسار سعر برميل النفط في المرحلة المقبلة؟
في السياق، يشرح عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس لـ«الجمهورية» انه اعتبارا من 7 تشرين الاول 2023 اي مع انطلاق عملية طوفان الاقصى، سيطر الهلع على الاسواق النفطية على المستوى الدولي وأُرفِق بترقّب لتأثير هذه الحرب على امدادات النفط ما ادى الى ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً ليصل الى حدود 93 دولاراً، لكنّ هذا الارتفاع لم يدم كثيراً بعدما تبيّن ان هذه الحرب ستكون محدودة في المنطقة فعادت الاسعار الى التراجع، الا ان اضطرابات البحر الاحمر قلبت المعادلة مع ما رافَقها من هجمات على البواخر المتجهة نحو اسرائيل، ما أدّى الى ارتفاع اسعار النفط عالمياً مجدداً الى جانب ارتفاع كلفة التأمين وشحن المحروقات، ومن ضمنها تلك المتجهة الى لبنان ما أدّى الى زيادة الاسعار وهذا ما يفسّر ارتفاع اسعار المحروقات منذ مطلع العام الى اليوم بنحو 280 الف ليرة، لافتاً الى انّ اعتماد غالبية شركات شحن النفط طريق جبل طارق لنقل المحروقات والتي تزيد 3800 ميل عن طريق البحر الاحمر أدّت الى ارتفاع تكاليف الشحن.
الى جانب هذه العوامل، أدى استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الجاري الى خلق اضطراب جديد في اسواق النفط انعكس ارتفاعا ملحوظا في سعر برميل النفط عالميا ليلامس الـ92 دولارا، خصوصا وان ايران كانت تضخّ ما يزيد عن 3 ملايين و 250 الف برميل نفط في اليوم الواحد. لكن بعد الرد الإيراني والرد على الرد من جانب اسرائيل وانحسار الاضطرابات في الشرق الاوسط ارتاحت الاسواق قليلاً، وقد انعكس ذلك عودة التراجع في اسعار النفط عالمياً.
ورأى البراكس انه بنتيجة الاضطرابات الاخيرة والردود والردود المعاكسة تبيّن ان السوق النفطي على الصعيد العالمي مضبوط نسبياً، بدليل تراجع سعر برميل النفط منذ مطلع الشهر الجاري نحو 5 دولارات.
ونتيجة ذلك، توقّع ان نشهد في المرحلة المقبلة مزيداً من التراجع في اسعار النفط عالمياً، وحُكماً سينعكس ذلك تراجعا في اسعار المحروقات محليا، لافتا الى ان الجدول الاخير شهد تراجعا في اسعار المازوت والغاز ويتوقع ان تسجل اسعار البنزين في الجدول المقبل تراجعا ايضا، الا ان هذا التراجع لن يكون كبيراً، متوقّعاً ان يتراوح ما بين 5000 و 10 آلاف ليرة فقط.
ورداً على سؤال، لفت البراكس الى اننا ومنذ حوالى الثمانية اشهر لم يسجّل اي تأثير لسعر الصرف محلياً على جدول تركيب اسعار المحروقات بسبب استقراره على 89700 ليرة، وانحصر تأثر الاسعار فقط بتقلبات اسعار النفط على المستوى العالمي.
وكشف البراكس انه ومع بدء عملية طوفان الاقصى منذ 7 تشرين الاول 2023 لجأت الشركات المستوردة للنفط الى رفع احتياطها من المحروقات فخزّنت كميات كبيرة استباقاً لأي أزمة. وعليه، فإنّ البنزين والمازوت متوفران بكميات كبيرة لدى خزانات هذه الشركات، حتى المحطات رفعت من مخزونها تحسّباً لأي طارئ.