منذ خمسة أشهر تقريباً توجه أحد جباة الكهرباء الى منطقة عين الرمانة لممارسة عمله، فاكتشف خلال زيارته، بعد أن تفاجأت بحضوره مواطنة في المنطقة، أن جباة وهميين يزورون المنازل ويحصلّون أموال فواتير”حقيقية”، الأمر الذي ظنّه الرجل “سرقة” باستعمال فواتير وهمية، لكنه لم يكن كذلك، بحسب مصادر متابعة.
فواتير حقيقية “فارغة”
كثيرة هي الوسائل المستعملة للسرقة في لبنان، وإحداها بحسب ما تكشف مصادر متابعة عبر “المدن” خروج فواتير رسمية لكهرباء لبنان فارغة من كل التفاصيل، تُطبع بالخارج بالمعلومات التي يريدها حاملها، وهذا ما يفتح باباً واسعاً أمام السرقة والسمسرة.
في البداية لا بدّ من الإشارة الى أن القانون رقم 462 تاريخ 2 أيلول 2002 والذي ينظم قطاع الكهرباء، ينص في المادة 32 التي تتحدث عن مهام التوزيع أن هذه المهام تتضمن: “تجهيز وتمديد شبكات التوتر المتوسط والمنخفض الهوائية والمطمورة، وتجهيز محطات التوزيع والمخارج الأرضية والهوائية من محطات التوزيع حتى أبنية المشتركين والإنارة العامة، واستعمال أجهزة متطورة للتعداد والقراءة عن بعد وتنظيم الفواتير”.
إذاً تصدر الفواتير حصراً عن مؤسسة كهرباء لبنان، فعمل شركات مقدمي الخدمات يقتصر على تسجيل العدادات وإرسال البيانات الى مؤسسة كهرباء لبنان التي تقوم بتسجيلها وطباعة الفواتير بأسماء المشتركين وتسليمها للشركات بحسب اختصاصها المكاني، وعندها يقوم الجباة بجباية الفواتير.
وسيلتان للسرقة بالفواتير الفارغة
تستعمل الفواتير الفارغة بأكثر من طريقة، أبرزها، حسب المصادر، قيام أشخاص يحملون الفواتير الفارغة المهرّبة من المؤسسة لجباية الأموال من المنازل بطريقة غير شرعية، لأن الجابي الحقيقي سيحضر الى المكان مرة جديدة حاملاً فاتورة ثانية، وهذا أمر حصل في عين الرمانة وغيرها من المناطق. لذلك يشددّ الجباة على عدم التعامل مع الوجوه الجديدة التي تدّعي عملها بالجباية، فلكل منطقة جباتها، وهو أمر رغم إيجابيته بهذه الحالة، إلا أنه يخلق علاقة بين الجباة وأبناء المنطقة تؤثر على أداء عمله، فكثير من الجباة يتغاضون عن كثير من عمليات السرقة التي تطال التيار الكهربائي.
أما الباب الثاني فهو الأكثر رواجاً بحسب المصادر وفيه أن سماسرة “الكهرباء” يستفيدون من وجود فواتير “فارغة” بأيديهم لتخفيض قيمة فواتير حقيقية لمصانع ومعامل مقابل بدلات مالية. وتقول المصادر: “يأتي صاحب معمل ما ليشتكي حجم فاتورته الكبير الذي يتخطى المليار ليرة، فيلتقطه أحد السماسرة عارضاً عليه تخفيض قيمة الفاتورة مقابل بدل مالي، فيستعمل السمسار الفاتورة الفارغة بعد طباعة المعلومات المطلوبة للزبون عليها، ويقوم بتسليمه الفاتورة بالقيمة الجديدة، ويُخفي الفاتورة المطبوعة.