لا تبدو المؤسسات المالية الدولية مرتاحة لطريقة تعاطي السلطة السياسية مع ملف التعيينات المالية، ولو أن هذه المؤسسات لا تتدخّل مباشرة في هذا الموضوع. إلا أن أصداء التساؤلات بدأت تصل إلى بيروت من أكثر من جهة.
بدأت مسألة التأخير في بتّ التعيينات المالية تضغط لجهة انعكاساتها على سمعة البلد، وقدرته على تجاوز أزماته. وإذا كانت بعض الأمور المتعلقة بالمماطلة في تنفيذ القرارات الدولية قد “أكلت” من الزخم الذي تمتع به العهد والحكومة في مطلع انطلاقتهما، فإن طريقة التعاطي مع ملف التعيينات المالية تأكل من رصيد السلطة، في نظر المؤسسات الدولية التي تراقب الوضع عن كثب.
وفي هذا السياق، بدأت تتسرّب معلومات من الخارج، حول انزعاج جهات دولية من الفراغ القائم على مستوى المجلس المركزي في مصرف لبنان. إذ إن أعمال هذا المجلس مُعطّلة، منذ انتهاء ولاية نواب الحاكم الأربعة في التاسع من حزيران الجاري. ولا بوادر حتى اليوم في شأن وضع حدّ لهذا الفراغ، وتعيين نواب جدد للحاكم، لكي يتمكّن المجلس من استئناف عمله الطبيعي. وقد غادر نواب الحاكم مكاتبهم بعد انتهاء الولاية، ويبدو مشهد الفراغ في مصرف لبنان وكأنه يعكس عجز السلطة عن تغيير الصورة النمطية التي كانت سائدة في السابق، لجهة المحاصصة، أو لجهة تهميش المؤسسات الحيوية.
وفي هذا السياق، يتساءل مصدر وزاري عن الأسباب الحقيقية التي حالت حتى الآن دون إنجاز التعيينات المالية. ويتساءل هل هذه هي الصورة التي نريد تقديمها للمجتمع الدولي حول جدية الدولة في معالجة الانهيار المالي والاقتصادي؟ وهل يجوز أن يبقى مصرف لبنان والقطاع المصرفي، ليومٍ واحد من دون مجلس مركزي ومن دون لجنة للرقابة على المصارف؟ وإذا كانت السلطة عاجزة عن ملء الفراغات في المراكز المالية الشاغرة، فكيف سيصدقها المجتمع الدولي بأنها ستكون قادرة على معالجة أزمة بحجم الأزمة النظامية التي يعاني منها البلد منذ أواخر العام 2019؟
ويرى المصدر نفسه أن السلطة خسرت الكثير من ثقة الناس من خلال مقاربة هذا الملف بالطريقة التقليدية القديمة، ولم تعمل بحياء على الأقل في موضوع المحاصصة. وهذا السلوك لا يسمح بكثير من التفاؤل في قدرة الدولة على الخروج من الأزمة المالية والاقتصادية القائمة.