أطفال يعيلون أسرهم… والجمعيّات

نحو 34 ألفاً هو عدد الأطفال اللبنانيين العاملين، بحسب المسح الوطني الشامل للأطفال العاملين الذي أطلق عام 2018، ويعدّ «آخر دراسة رسميّة أجريت حول عمل الأطفال في لبنان، وانحصرت بالأطفال اللبنانيين العاملين واستثنت الأطفال العاملين من جنسيات أخرى. ومن المؤكّد أن هذه الأرقام زادت، إذ نشهد عودة كبيرة للأطفال إلى سوق العمل»، وفقاً لرئيسة وحدة مكافحة عمل الأطفال في وزارة العمل نزهة شليطا.

وكشفت دراسة أعدّتها لجنة الإغاثة الدوليّة IRC ونشرتها في شباط الماضي أن «عدد الأطفال اللبنانيين العاملين بلغ عام 2016 حوالى 62 ألف طفل، مقابل 37 ألف طفل سوري عامل، و4500 طفل فلسطيني عامل». اللافت في الدراسة إشارتها إلى تصاعد نسبة الأطفال الذين أصبحوا معيلين أساسيين لعائلاتهم بعد تشرين الأول 2019 وتسارع الانهيار الاقتصادي. وأوضحت أن «34% من الأطفال الذين شملهم استطلاع اللجنة عام 2020 ذكروا أن الذكر البالغ كان مصدر الدخل الأساسي في العائلة قبل تشرين الأول 2019، بينما أشار 40% من الأطفال إلى أنهم مصدر الدخل الرئيسي للعائلة. وبعد تشرين الأول 2019 ارتفعت نسبة الأطفال الذين أشاروا إلى أنهم مصدر الدخل الرئيسي في العائلة إلى 61%، مقابل إشارة 16% منهم فقط إلى أن الذكور البالغين هم مصدر الدخل الرئيسي. وارتفعت النسبة أكثر بعد تفشّي وباء كورونا. إذ ذكر 67% من الأطفال أنهم يعدّون مصدر الدخل الأساسي في العائلة». وفي هذا السياق، أشارت اليونيسف في تموز الماضي إلى أن «40% من الأطفال ينتمون إلى أسر لا يعمل فيها أحد»، وإلى أن «واحداً من كل عشرة أطفال في لبنان أُرسل إلى العمل».

وإذا كانت عمالة الأطفال تشمل كل من يعمل تحت سن الـ 18 عاماً، فإن تفاقم الأزمة وزيادة حدتها على أكثر من صعيد ساهما في تراجع سن الأطفال الذين يدخلون سوق العمل، إذ تشير نورما قازان، منسقة مشاريع حماية الطفل في منظمة plan international إلى «تراجع عمر الأطفال الذين يعملون في الزراعة. سابقاً، لم يكن الأولاد يعملون في هذا القطاع قبل سن الـ 11 أو الـ 12 سنة، فيما نسجّل حالياً عمل أطفال يبلغون من العمر بين 7 و8 سنوات. وأظهرت دراسة أجريناها مطلع عام 2019 في منطقة البقاع أن 60% من الأطفال العاملين يعملون في القطاع الزراعي، رغم أن المرسوم 8987 يمنع عمل الأولاد في الزراعة كون هذا القطاع واحداً من أسوأ قطاعات عمالة الأطفال».

وفي هذا السياق، تلفت مديرة المشروع الوطني لمكافحة التسول وأطفال الشوارع في وزارة الشؤون الاجتماعية، سيما معاوية منذر، إلى «أننا لم نحصل على أي دعم من أي جهة في ما يختص بالأطفال اللاجئين والنازحين الذين يشكلون النسبة الأكبر من المتسوّلين. المنظمات والهيئات الدولية تدعم الجمعيات وليس الدولة، علماً بأن الكثير من هذه الجمعيات غير أهل للثقة، وتعمل بلا حسيب ولا رقيب ولا يُعرف كيف تصرف الأموال التي تصلها. إذ لا نرى شيئاً أكثر من بضع كراتين إعاشة»! وهو ما تؤكده شليطا، مشيرة إلى أن «بعض الجمعيات ترفع لها القبعة، وهي عضو في اللجنة الوطنية لمكافحة عمل الأطفال. لكن هناك جمعيات تستغل الظرف ومقاطعة الحكومة لتفتح خطوطاً مع جهات مانحة ومنظمات دولية ووكالات أممية بهدف الحصول على تمويل».

في المقابل، تؤكد قازان «أننا نلحظ زيادة في المساعدات وخاصة لدعم الأطفال اللبنانيين، فيما كان التركيز سابقاً منصبّاً على الأطفال السوريين. المساعدات اليوم تتوزع بنسبة 60% للبنانيين و40% للاجئين السوريين مقارنة بنسبة 30% للبنانيين و70% للسوريين في السابق. العائلات التي حصلت على مساعدات أعادت أولادها إلى المدرسة، ولكن في غياب أي دعم مستدام سيعود هؤلاء إلى العمل».

مصدرجريدة الأخبار - رضا صوايا
المادة السابقةجولة لوزير الاقتصاد على المولدات في الضاحية الجنوبية للتأكد من الالتزام بالتسعيرة الرسمية للكيلوواط
المقالة القادمةضحايا المصارف: يأس وإحباط… وحالة إنكار