أفريقيا تعيد رسم خارطة سلاسل توريد معادن السيارات الكهربائية

تحاول شركات السيارات فطم نفسها عن الإمدادات الصينية وخاصة معدن الغرافيت المهم في تصنيع المركبات النظيفة بالبحث عن مصادر بديلة في قارة أفريقيا.

ويفوق الطلب على بطاريات السيارات الكهربائية الاستخدامات الأخرى للمعادن بسبب ارتفاع مبيعات المركبات النظيفة، والتي باتت أحد مرتكزات التحول الأخضر خلال السنوات المقبلة.

وتتضمن المكونات الأساسية لبطاريات السيارات الكهربائية ومعظم البطاريات المستخدمة الآن لتخزين الطاقة الشمسية النيكل والليثيوم والكوبالت والمنجنيز.

وكانت شركات السيارات بطيئة في التخطيط لنقص الغرافيت، مع التركيز بشكل أساسي على مواد البطاريات المعروفة مثل الليثيوم والكوبالت، على الرغم من أنه أكبر مكون للبطارية من حيث الوزن.

والآن، يطرق صانعو السيارات أبواب منتجين جدد، مثل مدغشقر وموزمبيق، حيث من المتوقع أن تمثل المركبات الكهربائية هذا العام أكثر من 50 في المئة من سوق الغرافيت الطبيعي للمرة الأولى، وفقا لشركة بروجيكت بلو الاستشارية.

وفي السنوات الأخيرة برزت الكونغو الديمقراطية كأحد أهم اللاعبين، فهي تنتج ما يقدر بنحو 70 في المئة من احتياطات الكوبالت في العالم وبحصة تبلغ 41 في المئة مع إنتاج نحو 95 ألف طن سنويا، ولطالما وصفتها حكومتها بأنها “منظمة أوبك للكوبالت”.

ويحظى الكوبالت باهتمام كبير بعدما أعلن عملاق تصنيع السيارات الألمانية بي.أم.دبليو في 2021 أنه سيشتري هذا المعدن مباشرة من المناجم في المغرب، الذي يعد تاسع منتج لهذا المعدن على مستوى العالم.

وسيكون النقص في المواد المنتجة خارج الصين أكثر حدة، حيث تهدف التشريعات في الولايات المتحدة وأوروبا إلى خفض الاعتماد على الصين في المعادن المهمة.

ونقلت رويترز عن مارك تومسون، المؤسس والمدير الإداري لشركة تالغا غروب الأسترالية، التي تخطط لإطلاق الإنتاج العام المقبل في السويد، قوله إن “شركات صناعة السيارات في مأزق حقيقي لأنه لم يكن هناك استثمار في الغرافيت الغربي”.

وتحتاج كل سيارة كهربائية في المتوسط من 50 إلى 100 كيلوغرام من الغرافيت في حزمة بطاريتها من أجل الأنودات لمنع تآكل المعدن، والأقطاب الكهربائية السالبة للبطارية، حوالي ضعف كمية الليثيوم.

وكان الاستخدام الرئيسي للغرافيت في صناعة الصلب، لكن مع توقع شركة بي.أم.أو كابيتال ماركتس أن ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية بحلول 2030 ثلاثة أضعاف ما تم تسجيله العام الماضي عند 35 مليون مركبة، فإن هذا المعدن بات أكثر أهمية حاليا.

وأظهرت توقعات المشروع الأزرق أن من المتوقع أن يرتفع نقص الغرافيت في السنوات المقبلة، مع توقع عجز عالمي في الإمدادات يبلغ 777 ألف طن بحلول نهاية العقد الجاري.

وذكرت شركة بينشمارك مينيرال أنتليجينس “بي.أم.آي” في تقرير أن هناك حاجة إلى حوالي 12 مليار دولار من الاستثمار بحلول عام 2030 في الغرافيت و97 منجما جديدا مطلوبا بحلول عام 2035 لتلبية الطلب.

وبحسب مؤشر “بي.أم.آي”، فإن الصين تنتج 61 في المئة من الغرافيت الطبيعي العالمي و98 في المئة من المواد المعالجة النهائية لتصنيع أنودات البطارية.

وأشار البنك الدولي في تقرير أصدره عام 2020 إلى أنه سيلزم زيادة إنتاج الغرافيت والليثيوم والكوبالت بشكل كبير بأكثر من 450 في المئة بحلول عام 2050، مقارنة بمستويات 2018 لتلبية الطلب من تقنيات تخزين الطاقة.

وقال تومسون إن “مجموعة تالغا تسعى لتزويد شركات صناعة السيارات مثل تسلا وتويوتا وفورد وكذلك منتجي البطاريات مثل نورثفولت السويدية”.

ووقعت تالغا بالفعل اتفاقيات توريد غير ملزمة مع شركتين أوروبيتين لصناعة البطاريات تربطهما صلات مع كل من مرسيدس – بنز وسيتلانتيس ورينو.

وأكدت مرسيدس أنها كانت تنوع مصادر المواد الخام، بما في ذلك الغرافيت، و”كانت في حوار مع موردين مختلفين لبعض الوقت”.

وقال برينت نيكولايشين، نائب الرئيس التنفيذي لشركة نكستسورس ماتيريالز، إن “جميع شركات السيارات تتدافع الآن لفهم كيفية الحصول على مواد البطاريات على مستوى المنجم”.

وتجري شركة نكستسورس، التي طلبت في أبريل الماضي إمدادات من منجم في مدغشقر، محادثات أيضا مع شركات السيارات، لكنها قالت إن “التفاصيل سرية”.

وكانت تسلا في الطليعة في تأمين الغرافيت، بعد أن وافقت بالفعل على صفقات مع سيراه ريسورسز، التي تدير منجما في موزمبيق، ومع ماغنيز إينريجي تكنولوجيز.

وتقوم سيراه ببناء عملية معالجة بالولايات المتحدة، وهي واحدة من عدد قليل من المصانع التي يتم بناؤها خارج الصين والتي يمكنها تحويل الغرافيت لاستخدام البطاريات.

وفي الوقت الذي تقوم فيه نكستسورس ببناء مصنع معالجة في موريشيوس، تخطط تالغا السويدية لبناء مصنع لها في السويد.

ومع ذلك، فإن عمليات المعالجة الغربية ستنمو ببطء. وقال جورج ميلر، كبير المحللين في شركة بي.أم.آي، “لا تزال الصين مهيمنة بشكل لا يصدق في مجال الغرافيت، ونتوقع أن تحافظ على هيمنتها لسنوات قادمة”.

وبحلول عام 2032، ستظل الصين تتحكم في 79 في المئة من إنتاج نوع من الغرافيت المعالج، أي الغرافيت النقي غير المطلي كروي الشكل، مقارنة بنسبة مئة في المئة بنهاية العام الماضي، وفقا لتقديرات بي.أم.آي.

وقد يجعل هذا التأثير الصيني على السوق من الصعب على صانعي السيارات الذين يرغبون في التأهل الحصول على إعانات للمركبات الكهربائية بموجب قانون خفض التضخم الأميركي “آي.آر.أي”.

ويتطلب هذا القانون نسبا عالية معينة من مكونات البطارية ليتم إنتاجها في الولايات المتحدة، أو في بلد أبرمت معه صفقة تجارة حرة.

واقترح الاتحاد الأوروبي تشريعات تهدف إلى تقليل الاعتماد على أي دولة واحدة لأي مادة خام رئيسية إلى 65 في المئة بحلول عام 2030.

ويعد الاتفاق على صفقات توريد الغرافيت أمرا معقدا، ويتطلب اختبارات سلامة مكثفة للمواد التي تدخل في كل نموذج للمركبة الكهربائية، والتي يمكن أن تستغرق ما يصل إلى ثلاث سنوات.

وتركز مجموعات السيارات الغربية على التعامل مع مناجم الغرافيت، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنها أقل كثافة من الكربون بنسبة 55 في المئة لإنتاج الأنودات بمواد طبيعية مقارنة بالغرافيت الصناعي المصنوع من المنتجات البترولية.

وتميل أنودات الغرافيت الطبيعية إلى أن تكون أرخص وهي مفيدة لسعة الخلية وإنتاج الطاقة، مما يسمح للسيارات بالركض لمسافات أبعد قبل الشحن.

وقالت المحللة ريتيوميتس شاليل في شركة بروجيكت بلو إن “من المتوقع أيضا أن تكون هناك منافسة مع صناعة الصلب”.

ويبرز عنصر الأنود الآخر وهو السيليكون، والذي يمكّن أيضا المركبة الكهربائية من القيادة لمسافات أطول قبل إعادة الشحن.

وفي الوقت الحالي، يبلغ الحد الأقصى لمقدار السيليكون المضاف إلى البطاريات حوالي 10 في المئة، لأن المادة تتمدد أثناء الاستخدام ويمكن أن تؤدي إلى تدهور البطارية.

وعلى أرض الواقع تعمل الشركات على تقنية تسمح بكميات أكبر من السيليكون. ويقول محللون إن ذلك إذا نجح، فقد يمثل تهديدا للغرافيت على المدى الطويل.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةمجلس “الدوما” الروسي يعلن عن خطط لإطلاق الروبل الرقمي واستخدامه في التجارية الخارجية
المقالة القادمةبنوك التنمية تعتزم زيادة إقراض الاقتصادات الضعيفة