أفيوني: حان الوقت لنبني اقتصادا قائما على المعرفة

إعتبر وزير الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا عادل أفيوني أننا بحاجة “الى تنفيذ خطة عمل الحكومة والاعتماد على أعلى معايير الحوكمة والشفافية”. وقال في حفل إفتتاح المنتدى السنوي التاسع للمسؤولية الاجتماعية للشركات الذي عقد في فندق فور سيزونز: “موضوع الاقتصاد الدائري ليس جديدا على المستوى العالمي وبدأ صداه يتردد في أكثر من دولة عربية عبر إجراءات ومشاريع توفر على الحكومات والشعوب ملايين الدولارات وتساهم في تحقيق النمو المستدام الطويل الأمد، بما يتماشى مع التوجهات العالمية في التنمية المستدامة والقيم الإنسانية وتحسين جودة الحياة.
يحمل الداعون إلى تطبيق هذا المفهوم شعار “من المهد إلى المهد” أي الاستفادة قدر الإمكان من المنتج عبر تدويره وإعادة إخراجه في أشكال واستعمالات جديدة لخدمة الاقتصاد والبيئة معا، وأعتقد أن هذا ما نحتاج إليه في لبنان، في ظل الملفات الشائكة التي علينا معالجتها وأبرزها النفايات والمياه والبيئة والكهرباء والهدر، من هنا فإن الاقتصاد الدائري مهم جدا للبنان وضروري للعبور نحو ضفة الاقتصاد العصري الذي نعبد الطريق ونسعى لاتخاذ الاجراءات للوصول إليه، خصوصا في ظل الاوضاع الاقتصادية والمالية الدقيقة التي نعيشها اليوم، وانا اعتبره فعلا احد اعمدة التحول الاقتصادي الجذري الذي يجب ان نحققه لزيادة النمو وتحفيز إقتصادنا وقطاعاتنا الانتاجية وبناء اقتصاد عصري ومستدام”.

أضاف: “في هذا الوقت الذي يواجه فيه الشعب اللبناني والوطن برمته ازمة اقتصادية ومعيشية ومالية دقيقة، لا بد من الايضاح أن أسباب هذه الازمة متعددة بعضها مشاكل بنيوية نعاني منها منذ سنين، وبعضها بسبب الاوضاع الإقليمية وعدم الاستقرار في المنطقة ومفاعيلها على اقتصادنا. واود ان أقول لكم اننا لن نستسلم للازمة، نحن كشعب لدينا القدرة للتغلب على العاصفة ولدينا الرأس مال البشري والطاقات وميزة الابتكار والشبكات الدولية والخروج من المحنة ممكن.
هناك خارطة طريق وضعتها حكومتنا عند تشكيلها وفيها خطة عمل وفيها الاصلاحات الضرورية التي التزمنا بإطلاقها لايصال البلد الى بر الأمان، وحتى يتبوأ شعبنا المكانة التي يستحقها في النمو والازدهار والأهم من ذلك أننا بحاجة إلى تنفيذ هذه الخطة بطريقة سريعة وفعالة و ان نعتمد اعلى معايير الحوكمة و الشفافية للوصول الى هذا الهدف”.

وأوضح افيوني أن “المحور الأول لخارطة الطريق هو المحور المالي: إصلاحات مالية جذرية وسريعة في مالية الدولة وهيكلية الدولة لتخفيض العجز بشكل جدي وهذا ما يؤدي طبيعيا الى استعادة الثقة في الاسواق ولدى اللبنانيين، واستعادة الثقة تؤدي الى عودة الرساميل والودائع وعودة الرساميل والودائع تؤدي طبيعيا الى انخفاض في الفوائد العالية التي تكبل اليوم اقتصادنا ومؤسساتنا وتثقل كاهل كلفة خدمة الدين العام”.

وقال: “المحور الثاني هو المحور الاقتصادي: تحفيز النمو والحركة الاقتصادية عبر المشاريع الكبرى في البنى التحتية وهذا دور مشاريع سيدر وهي مشاريع حيوية نحن بحاجة اليها لإعادة تأهيل وتطوير البنى التحتية ويترافق ذلك مع تطبيق خطة ماكينزي وتفعيل القطاعات الإنتاجية وهنا بيت القصيد.

لقد حان الوقت لكي يحجز لبنان مكانة له في اقتصاد القرن الحادي والعشرين وان نلج ال الثورة الصناعية الرابعة، وأن نبني نموذجا اقتصاديا عصريا ومستداما، اقتصاد يعتمد بدرجة أكبر على القطاعات الإنتاجية وبدرجة أقل على الوساطة والاستهلاك، وأن نزيد صادراتنا ونقلل من نسبة وارداتنا وأن نجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية المباشرة وأن نخفف من الاقتراض.

حان الوقت لكي نبني اقتصادا قائما على المعرفة يتيح الفرصة لشبابنا للتألق كقادة مبدعين. اقتصاد يعتمد على التكنولوجيا التي اندمجت في عصرنا هذا بكل مرافق الحياة وباتت جزءا لا يتجزا من كل القطاعات ومفتاح النمو والازدهار والإبتكار.

ان اقتصاد المعرفة وقطاع التكنولوجيا فرصة للبنان ولشباب لبنان، نحن لدينا الطاقات البشرية والذهنية وقصص النجاح التي تخولنا ان نطمح وان نحقق طموحنا، وطموحنا هو ان نحول لبنان الى مركز إقليمي لاقتصاد المعرفة يستقطب الشركات والرساميل وفرص العمل، ولكننا بحاجة ملحة لخلق بيئة استثمار ملائمة وجاذبة وتنافسية أمام الراغبين في العمل وفي الاستثمار، وبحاجة لتحسين وتطوير بيئة الاعمال واللحاق بركب الدول المتقدمة والعمل على إصلاحات تشريعية وإدارية وحوافز ضريبية وجمركية للمستثمرين والشركات الناشئة ورواد الاعمال كي نضع لبنان على خارطة الاستثمار العالمية، كوجهة أعمال جذابة ومدخل الغرب الى الاسواق العربية والأفريقية.

وبحاجة الى رقمنة المعاملات التجارية والمالية والانتقال من اقتصاد ومجتمع يعتمد على الكاش (النقد) الى مجتمع لا يحتاج الى الكاش لإجراء معاملاته cashless society لما لذلك من اهمية في تفعيل وتسريع المعاملات والحد من الهدر والتهرب ومكافحة الفساد.
هذه العناوين في صلب أولوياتنا كوزارة للاستثمار والتكنولوجيا، ومشروع التحول الرقمي في القطاع العام وفي الاقتصاد في صلب أولوياتنا كحكومة”.

وتابع: “هناك ثغرة اساسية تعيق طموحنا في تحقيق الاصلاح والنمو المنشود ولا بد لي من التشديد عليها، وهي غياب الحوكمة الواضحة والشفافية الكافية في القطاعين العام وكذلك في القطاع الخاص، وهذا تحد أساسي يحب مواجهته ومعالجه بأسرع وقت، ولا يمكن لنا الانتقال إلى إقتصاد عصري يشكل اقتصاد المعرفة جزءا مهما فيه إذا لم تحل ثغرة “غياب الحوكمة” التي نعاني منها.

إسمحوا لي أن أستعير شعار أطلقه السفير الجديد للإتحاد الاوروبي في لبنان السيد رالف طراف وأعجبني، إذ أشار الى أنه حين قاد الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون حملته الانتخابية للفوز برئاسة بلاده رفع شعاره الشهير “إنه الاقتصاد يا غبي”، ونحن اليوم في معركتنا الجارية لإنقاذ إقتصاد بلادنا علينا رفع الشعار نفسه “إنه الاقتصاد يا غبي” وإضافة شعار جديد “إنها الحوكمة يا غبي” لأنها شرط أساسي وضروري لتنفيذ الإصلاحات التي وعدنا الشعب اللبناني بتطبيقها، وللفوز بثقة المؤسسات الدولية والمستسثمرين والأسواق العالمية والدول الغربية التي ترصد مدى جديتنا قبل إتخاذ الخطوات الاصلاحية لتبادر بعدها لمساعدتنا، وبما أننا شعب مشهود له بقدرته على التكيف والمرونة ومواجهة الصعوبات، علينا أيضا إثبات أننا مصممون على تطبيق مبدأ الحوكمة والشفافية لإنقاذ بلدنا من الازمة الاقتصادية الحادة التي نجهد لعبورها بسلام وان نرسو به على شاطىء النمو المنشود.
وفي الختام، إسمحو لي أن أعيد التأكيد بأننا شعب لا ينقصه الرؤية ولا الكفاءة ولا الطاقات البشرية للإستيقاظ من كبوة الجمود الاقتصادي الذي نعيش فيه، وما نحتاجه هو توحيد الجهود والتعاون للسير على طريق الاصلاح الصحيح ولا مفر أمامنا إلا السير على هذا الدرب”.

مصدرالوكالة الوطنية
المادة السابقةافتتاح الملتقى السنوي لرؤساء وحدات الامتثال لمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب
المقالة القادمةلجنة الاقتصاد تناقش مع سلامة خطّتها الخمسيّة