دعا وزير الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا عادل أفيوني “جمعية المصارف إلى أن تكون الرائدة في التحول الرقمي في الخدمات المالية”، وقال في كلمة ألقاها خلال طاولة حوار اقيمت في جمعية المصارف حول القانون 81 ومفاعيله: “في بداية اللقاء اليوم لا بد من توجيه الشكر إلى جمعية المصارف على إتاحة الفرصة أمامنا لنقاش وطرح المعطيات التي تجعل من القانون 81 سندا أساسيا في رحلة تطوير قطاع التكنولوجيا والإقتصاد الرقمي الذي بدأنا خطواته منذ تأسيس وزارة الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا وهو في صميم إهتمامنا، لكن قبل الولوج إلى تبيان أهمية هذا القانون إسمحوا لي بالتطرق إلى أكثر من نقطة تخص القطاع المصرفي الذي أعتبره أحد الاعمدة الاساسية للاقتصاد اللبناني وسيظل كذلك في المستقبل”.
وقال: “المصارف اللبنانية كانت وما زالت تلعب أدوارا حيوية متعددة بالنسبة للإقتصاد الوطني وهي الممول الأبرز والاكبر لعجز الخزينة ولإحتياطي المصرف المركزي وبالتالي هي عماد الاستقرار المالي والنقدي والاقتصادي. وأهمية القطاع المصرفي في لبنان تكمن في قدرته على النمو المستمر وإستقطاب المودعين، وهذا من حسن حظنا في لبنان، إذ أتاح لنا تجنب الإتكال المفرط على الاسواق العالمية لتمويل الدين العام أو تمويل العجز في الميزان التجاري شأن الدول الاخرى التي تعاني من أزمات مماثلة وخلل مماثل لما يواجهه لبنان اليوم، والتي دفعت ثمن إتكالها المفرط على الاسواق العالمية، تقلبات حادة في أسعار سنداتها وضغطا على العملة وإنعدام إستقرار”.
اضاف: “أما لبنان، وبفضل متانة القطاع المصرفي ومتانة الاحتياطي في البنك المركزي، فقد نجحنا في المحافظة على الاستقرار في النقد وفي المالية العامة وفي عمليات تمويل الدين العام، وذلك على مدى أكثر من عقدين، وبالرغم من المصاعب والتحديات التي تواجهنا وهذه نعمة قل مثيلها. ولذلك أنا من المشددين دوما على أهمية المحافظة على مناعة وملاءة المصارف حتى تستمر في جذب المودعين، وكذلك في قدرتها على النمو وإستقطاب المستثمرين والمحافظة على رسملة مرتفعة، وقد شددت على أهمية هذا الدور سواء في جلسات مجلس الوزراء أو الموازنة”.
وتابع: “في الوقت نفسه، أعتقد أن الجميع يدرك أننا نمر في وضع إقتصادي ومالي صعب ودقيق جدا، وأن الجهود في كل القطاعات يجب أن تتكاتف للمساهمة في عملية الانقاذ التي لا مفر منها إذا أردنا عدم الوقوع في الانهيار، وهنا أشدد على أن للقطاع المصرفي دورا في عملية الانقاذ وهذه مسؤولية كبيرة، ومطلوب منه المشاركة شأنه شأن مختلف المكونات الاساسية للإقتصاد، كل ضمن موقعه وضمن إمكانياته إنطلاقا من معيار اساسي وهو إخلاصنا المطلق لوطننا الحبيب لبنان، لأن وقوفه على حافة الازمة يعني وقوفنا جميعا ودون إستثناء، وهذا يوجب علينا جميعا وعلى القطاع المصرفي المساهمة في الحل ضمن المعايير التي تم وضعها”.
وقال: “سبق أن ذكرت في بداية حديثي أن تطورات إقتصادية كبرى يشهدها عالمنا اليوم، خصوصا في ظل الثورة الصناعية الرابعة التي تجتاح إقتصادات الدول، ما يعني أنه علينا أن نعيد بناء إقتصادنا بما يتلاءم مع هذه التطورات، صحيح أن هناك قطاعات مهمة تعد من الاركان الاساسية لأي إقتصاد، لكن الصحيح أيضا أن قطاع الخدمات المالية وإقتصاد المعرفة بات في نفس خانة هذه القطاعات الرئيسية، أي أنه بات في المرتبة ذاتها التي يحتلها القطاع السياحي والصناعي والزراعي، وهذا يعني ان إقتصاد المعرفة يمكن أن يلعب دورا اساسيا في لبنان، ويشكل رافعة اساسية لبناء إقتصاد عصري منتج ومستدام. وهذا يعني أن إقتصاد المعرفة يلعب دورا أساسيا في مستقبل لبنان، وبالرغم من أن حجمه الحالي في بلدنا لا يتعدى 3 بالمئة، إلا أن ذلك لا ينفي الاهمية الاستراتيجية لهذا القطاع وهو يشكل مستقبل الاقتصاد اللبناني، ولذلك علينا العمل على زيادة حجمه خصوصا أننا نملك الامكانيات البشرية والنجاحات العالمية وشبكات علاقات مع المغتربين والمنتشرين وهناك قطاع خاص ناشط في هذا المضمار، وهذا يعني انه يمكننا تحقيق هذا الطموح وهذا هو الهدف من إنشاء وزارة الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا”.
واعلن انه “منذ تسلمنا الوزارة وضعنا خطة عمل مبنية على شقين، الاول هو التحول الرقمي في القطاع العام والثاني هو دعم نمو القطاع الخاص في المجال التكنولوجي. ولتنفيذ الشق الاول فإننا نتعاون مع رئاسة الحكومة ووزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية ووضعنا قواعد الحوكمة لإدارة هذا المشروع وتنفيذه. أما في ما يتعلق بالقطاع الخاص فإننا نسير وفقا لأربع محاور أساسية:
اولا- تسهيل مزاولة عمل شركات القطاع التكنولوجي عبر إصلاحات تشريعية وبنيوية.
ثانيا- تحفيز الاستثمارات في القطاع وتشجيع المستثمرين وخصوصا المغتربين.
ثالثا- تسهيل التوسع خارج الاسواق اللبنانية للشركات اللبنانية وتصدير خدماتها.
رابعا- إستقطاب الشركات العالمية لإستخدام لبنان كمنصة أعمال إقليمية وتحويل لبنان مركزا إقليميا في إقتصاد المعرفة”.
وقال: “من شيم اللبنانيين في كل القطاعات ولا سيما في القطاع المصرفي، الإبداع والمواءمة بين متطلبات السوق الخارجية وخصوصيةالسوق المحلية، ولذلك فالقطاع المصرفي بالنسبة لي، قطاع من الضروري دعمه والعمل على تطويره بما يتلاءم مع ما يحصل من تطورات في الاسواق المصرفية العالمية، ومع الخدمات التي تتطلبها حياتنا العصرية في ظل الثورة الصناعية الرابعة”.
واكد “ان هدفنا هو بناء إقتصاد رقمي يشجع التجارة الالكترونية ورواد الاعمال على التوسع خارجا وبطريقة فعالة، وعلى تسريع المعاملات ومحاربة الفساد والبيروقراطية وتجنب الوسطاء وهذا هو مستقبل الاقتصاد العالمي واللبناني، ما يعني أننا نحتاج إلى تطوير المعاملات الالكترونية وبالتحديد المعاملات الالكترونية المصرفية، لأنه لا إقتصاد رقميا بدونها، ولذلك أطلقنا ورشة المراسيم التطبيقية للقانون 81 الذي له دور أساسي في عملية بناء الاقتصاد الرقمي، ونحن نحرز تقدما في هذا المجال بالتعاون مع كل الوزارات المعنية والقطاع الخاص، كما أن للقطاع المصرفي دورا أساسيت في عملية التحول الرقمي التي ذكرتها أعلاه وفي تطور المعاملات المالية الرقمية”.
وتابع: “ما أريد التشديد عليه في نهاية كلمتي هو أنه علينا الاعتراف، بأننا لا نواكب التطورات المصرفية العالمية في مجال التكنولوجيا بشكل كبير بعد، ولم نلحق بركب التطور الهائل الذي شهدناه عالميا في هذا المجال في السنوات الاخيرة، والمثال على ذلك عدم وجود مصارف رقمية ولو صغرى حتى الآن، وعدم إنتشار عمليات الدفع والتحويل الالكترونية بعد والاستمرار في الاعتماد المفرط على فتح فروع للنمو…. وهذا لا يتلاءم مع مكانة قطاعنا المصرفي، وطبيعة اللبنانيين السباقة دائما في الابداع و الحداثة”.
وختم: “وإذا كانت الاسباب متعددة ومنها غياب التشريعات والاطار الناظم، فأنا أدعو اليوم جمعية المصارف اللبنانية إلى قفزة نوعية، وإلى أن تكون الرائدة في التحول الرقمي في الخدمات المالية، وإلى التعاون معنا ومع السلطات المعنية لكي تكون قوة الدفع التي تحرك القطاعين العام والخاص للإنخراط في إقتصاد المعرفة بشكل آمن وسريع بما يرضي طموحنا وطموح المواطن اللبناني وحاجات المستهلك”.