لم يكن حديث LEBANON ECONOMY مع وزير الاقتصاد والتجارة السابق ألان حكيم عادياً، فمعاليه غاص في تفاصيل “علل” الإقتصاد اللبناني، مبتعداً كل الإبتعاد عن شن هجومات شعبوية على الطاقم السياسي. فالوزير الكتائبي يتمسك بطروحات حزبه الأكاديمية والمبنية على العلم والمنطق، فقط لا غير.
هو “تفاؤل مشروط” حافظ عليه حكيم خلال الحوار، فبالنسبة له “لبنان بعيد عن الانهيار حالياً، ويحتاج الى خطوات عملية ليتمكن من تفاديه في المستقبل.
الاقتصاد صامد حتى 6 سنوات
اعتبر وزير الاقتصاد والتجارة السابق ألان حكيم في حديث الى LEBANON ECONOMY ان “الاقتصاد اللبناني لن يشهد اي انهيار، لأن كلمة “انهيار” لا تطبق على الدول، والدليل ان سوريا وعلى الرغم من سنوات الحرب لم ينهر اقتصادها”. واذ اكد انه “علينا الإعتراف بواقع ان للإقتصاد اللبناني 3 ركائز: بيئة اقتصادية، بيئة مالية، وخزينة الدولة”، قال: “من الواضح ان البيئة الاقتصادية تتراجع، فيما خزينة الدولة تعاني من الهدر وسوء الادارة، اما البيئة المالية المكوّنة من المصرف المركزي والمصارف فوضعها جيد، وهذا هو اساس صمود الدولة اللبنانية. ولهذا، الانهيار امر مستبعد حالياً، لكن عوامل الصمود قد تضمحل مع الوقت ما يؤكد اننا في المستقبل قد نكون في وضع حرج”.
واشار الى انه “بناء على دراسات اجريت اثناء توليه حقيبة الاقتصاد، فإن الاقتصاد اللبناني يملك ما يقارب فترة 6 سنوات من الصمود.” ورأى ان “المشكلة اليوم تكمن في ان مكوّنات “الانهيار” لا سيما فشل الدولة ما زالت موجودة، ما يعني ان الانهيار قادم”. وقال: “حتى اليوم لم يتم اتخاذ اي خطوة ايجابية، ما يعني اننا نسير بإتجاه المشكلة، لكن لا يجب ان ننسى ان مدة الـ6 سنوات (فترة الصمود التي تكلمت عنها) نستطيع خلالها ايجاد حلول عملية تنقذ الوضع. وما اشدد عليه بإختصار: “المشكلة موجودة، لكن بإمكاننا معالجتها”.
واضاف: “حتى الآن للأسف لا خطوات ايجابية على الصعيد الاداري، والمالي، والاجتماعي، والسياسي حتى. فأولاً علينا وقف التصاريح غير المسؤولة من المسؤولين اللبنانيين، اذ من شأنها تخفيض منسوب الثقة بلبنان، التي تعد عاملاً مهماً في تعزيز الواقع الاقتصادي، فهي شرط اساسي لإجتذاب الاستثمارات”.
سيدر .. حقن منشطة للإقتصاد
ورفض في اطار حديثه عن مؤتمر سيدر ما يلصق به من تهم توطين وغيره، فالتوطين مشروع أكبر من “سيدر” بكثير.
واعتبر ان “مؤتمر سيدر هو حقنة منشطات للإقتصاد اللبناني، لكن لسوء الحظ نسبة من الاموال سيتم استثمارها في مشاريع البنى التحتية، وهذا الامر ان حرك الاقتصاد وخلق وظائف جديدة فسيكون لمرحلة محددة”. وتمنى ان “يتم انفاق اموال سيدر على تنشيط الاقتصاد وتحسين النمو”.
ولفت الى ان “اهمية مؤتمر سيدر تكمن في الإصلاحات التي يفرضها، والتي دونها سيفقد “سيدر” اهميته، اذ لا نستطيع ضخ اموال في الاقتصاد فيما مزاريب الهدر والفساد مشرّعة على مصراعيها”. وقال: “سيدر هو مجموعة قروض، تعتمد تداعياتها الايجابية على الاقتصاد على كيفية اخذها واستثمارها. وفي ظل الادارة السائدة في البلد، لا يمكن ان نعول عليها الكثير، فهي ستكون منشطات مساعدة على تحسين حالة الاقتصاد لفترة معينة، لنعود بعدها الى المشاكل نفسها”.
وشدد على ان “الاقتصاد اللبناني بحاجة الى وضع رؤية اقتصادية واضحة وشاملة. فاليوم مع كل الجهود التي تبذل في لبنان ومن قبل الهيئات الاقتصادية والمالية العالمية، واقعنا مزري. ما يعني اننا امام فشل تام”. واكد ان “هناك امل كبير في تحسّن الاقتصاد، فلبنان بلد صغير والحلول بسيطة ، ان وجدت الارادة. لبنان يخطئ بحق نفسه، وللأسف يدفع ثمن اخطائه مالياً واقتصادياً، فليتسلم اصحاب المنطق والفهم والعلم زمام الأمور لتتم مكافحة الهدر والفساد بالدرجة الاولى، فهناك اشخاص من مختلف الانتماءات السياسية يهدرون المال العام ويسيؤون الإدارة، ويجب ان تتوفّر ارادة جامعة لوضع حد لهم بعيداً عن اي اعتبارات سياسية تخلق خلاف على الساحة الداخلية”.
وقال: “القطاع الخاص بألف خير، والمشكلة في القطاع العام الذي يسلط الضوء على ضرورة اعادة ترتيب وضع الدولة اللبنانية”.
واضاف: “الحلول المطروحة اشبه بعملية ترقيع، فنحن نكرّر الحلول السابقة وهذا خطأ ومشكلة كبيرة ايضاً، اذ علينا ان نطرح حلول سريعة وجديدة، ذات فعالية عالية”.
وفي رد على سؤال حول معارضة حزب الكتائب للسياسات الإقتصادية المتبعة، شدد على ان “حزب الكتائب لطالما نادى بإعتماد العلم والمنطق، وما يطرحه على الدوام فيما يخص السياسات الاقتصادية هي حقائق علمية واكاديمية، لكن للأسف يتم دحضها ومن ثم بعد عام او عامين يدركون ان “الكتائب” كان على حق”.
وقال: “يقولون لنا، انتم حزب الكتائب خرجتم من المنظومة السياسية، ولا بد ان اسأل: اين الفائدة من هذه المنظومة السياسية، منظومة التراشق الإعلامي والتسويات القائمة على حساب المواطنين والبلد”.
مكافحة الفساد .. “القرش” قبل الأسماك الصغيرة
واعتبر حكيم ان “ما قام به لبنان في مكافحة الفساد يمكن تشبيهه ب “مطاردة الساحرات”، اذ حاول محاسبة صغار الموظفين، في حين انه ليس هنا بيت القصيد. فالفساد ليس بالإكرامية التي تعطى الى الموظف للتسريع في الملف بل بإيقاف المشاريع الكبيرة والملفات الغير قانونية والتوظيف العشوائي. المطلوب اصطياد “القرش” قبل الأسماك الصغيرة”.
ولفت الى ان “الكارثة اليوم انه على المواطن اللبناني ان يدفع فاتورة الفساد والهدر وثمن عدم وجود ادارة رشيدة في الدولة اللبنانية. فبدل ان تتحمل الدولة مسؤولياتها تهرع لتفرض ضريبة على المصارف، وهي فعلياً ضريبة على اموال المواطنين”.
وفي رد على سؤال حول قدرة الحكومة الحالية على تحقيق انجازات، رفض حكيم الحديث عن “أنجازات”، واعتبر ان للحكومة واجبات عليها القيام بها.
وفي اطار حديثه عن فروقات الارقام التي تصيب الحسابات ولا سيما حسابات سلسلة الرتب والرواتب، رأى ان “فشل بهذا الحجم، يستدعي استقالة وزير المال ورئيس اللجنة الاقتصادية للبرلمان اللبناني. فالفرق ليس صغيراً، وقد اثر سلبياً على الإقتصاد”.
وأسف لأن “كل الملفات في لبنان تدار بهذه الطريقة وذلك بسبب خلل ثلاثي يعود الى المصالح الشخصية، الحزبية، والطائفية”.
واعتبر انه العام الماضي كان امام اللبنانيين خيبار التغيير، الا انه للأسف كانت نسبة التجدد في المجلس النيابي ضئيلة جداً.