لم تكد تقرّ موازنة 2024 في مجلس النواب حتى قامت “الدنيا ولم تقعد”، ليس المواطنون وحدهم من الممتعضين، مما ورد في متن تلك الموازنة “اللعينة” التي حتماً هدفها إفقار المواطنين. كثيرة هي البنود التي وردت في الجدول، وقد تكون “متفجّرة” أو كارثية، ولكن لا ندري بعد مفعولها.
إستيقظ المواطنون اليوم مع خبر الامس أن مستوردي المحروقات لن يسلّموا المحطات أيّ مواد والسبب يعود إلى بند ورد في الموازنة، يقضي بأن “الإيرادات التي حققتها الشركات والمؤسسات التجارية، التي استفادت من دعم السلع، ستخضع لضريبة استثنائية إضافية نسبتها 10%”… فما الذي حصل؟.
هذه الضريبة إقترحتها حكومة نجيب ميقاتي لتصريف الاعمال في متن المشروع الذي أرسلته إلى مجلس النواب. هذا ما تؤكده مصادر مطلعة عبر “النشرة”، لافتةً إلى أن “لجنة المال والموازنة، خلال الدراسة التي أجرتها، أزالت هذا البند، لكن النائب وائل أبو فاعور عاد وطلب إضافته على مشروع الموازنة، مع تخفيض للضريبة من 17 إلى 10%، وهنا بدأت المشكلة”.
صحيح أن الكثير من أصحاب الشركات والتجار استفادوا من الدعم، والصحيح أيضاً أن جزءًا من المواد كانت إما تخزّن لتُباع بسعر مرتفع أكثر أو حتى تُهرّب إلى الخارج، وعملياً كان من الممكن وقتذاك إيقاف ذلك أو مكافحة الإحتكار أو التهريب، ولكن من الصعب اليوم محاسبة هؤلاء على هذه القاعدة إذا كانت فعلاً هذه هي الغاية.
ولكن لا… حقيقةً لا يُمكن تطبيق هذه القاعدة على مستوردي المحروقات، ففي عملية حسابيّة بسيطة، تؤكد المصادر أنه “منذ بداية الأزمة وإرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة كانت تقدّم جداول إلى مصرف لبنان، أسماء المستوردين والكميات التي ستستورد، وكان المستورِد يأخذ الدولار من مصرف لبنان على سعر معيّن، وهو إجمالاً سعر منصة صيرفة، وتقوم وزارة الطاقة بعدها بإصدار جدول تسعير للمحروقات، وبالتالي فإن المستورد لم يكن مثلاً يأخذ على سعر صرف 1500 ليرة ويبيع على سعر منصة صيرفة، حتى يُقال إنه إستفاد من الدعم”. هذا من جهة أما من جهة أخرى، فالمستوردون يؤكدون أن من استفاد من الدعم هو المواطن اللبناني، وفي النهاية مصرف لبنان هو من كان يغطي الفارق في موضوع الدعم.
وتشير المصادر أيضاً إلى أن “ربح المستوردين من المحروقات لا يتعدّى 5% كاملاً، وإذا أزلنا منه المصاريف والرواتب وغيرها يصل إلى 3.5%، والسؤال هنا: كيف يدفع المستورد 10% كضريبة واجمالي الربح لديه هو 3.5% ، فكيف يُعقل ذلك؟”.
في المحصّلة، وكما جرت العادة وحده المواطن اللبناني هو من سيدفع الثمن في النهاية، فقد تعوّدنا أنه مهما “قامت القيامة” ومهما بدأت الاضرابات والاعتصامات دائماً، النتيجة تأتي على حساب المواطن، الذي عليه أن يتحمّل ضريبة عيشه في هذه الدولة… فلننتظر ولنرى كيف ستُحلّ هذه الأزمة التي حتماً لن يقبل المستوردون بتحمّلها.