أموال “سيدر”… “لا فول في المكيول” قبل موسم الحصاد

وأخيرا، الموازنة اللبنانية بين مساء اليوم الأحد، وغد الاثنين. استراحة المحارب التي أعطتها الحكومة لنفسها أمس السبت، أملتها جملة اعتبارات تحفيزية مرتبطة بالمزيد من الجهود لاحتواء ردات فعل القطاعات الوظيفية المتضررة من تقليص أرقام العجز، إلى جانب مراقبة أصداء ما تم إقراره بمقياس حرارة الأجواء الإقليمية خصوصا في منطقة مضيق هرمز، حيث يختلط الأمر على المعنيين في بيروت، بين جدية هذا التحرك وان يكون مجرد تهويل، كما يعتقد حلفاء طهران الذين يرون في التصعيد الحاصل جزءا من معركة الرئاسة الأميركية المقبلة، حيث تصب «تجارة الأمن القومي» و«المصالح المهددة» في صندوقة الاقتراع الرئاسية.

ويبقى السؤال: هل تعيد الموازنة التوازن إلى الأوضاع الاقتصادية في لبنان؟

الجواب رهن أموال وقروض مؤتمر «سيدر» الموعودة، والتي تبلغت بيروت بأنها لا يمكن ان تجد «فولها في مكيولها» قبل موسم الحصاد، أي بعد اختبار تطابق تنفيذ الموازنة الجديدة مع الأرقام الإصلاحية المعتمدة، وبالتالي فإن القروض المليارية ليست شيكا يدفع لحامله فور إبرازه على الصندوق.

وكان مجلس الوزراء رفع الضريبة على فوائد المودعين والمصارف من 7 إلى 10% لمدة ثلاث سنوات، ورفع سن التقاعد من 18 إلى 23 سنة، في الاسلاك العسكرية والأمنية، وفيما يتعلق بالتدبير رقم 3 الذي يضع الجيش والأمن في حالة استنفار دائمة، ويعطيه بالمقابل تعويض سنة الخدمة مضروبا بثلاثة، حصر مجلس الوزراء تطبيقه بالعسكريين في مناطق المواجهة مع إسرائيل، تاركا لقادة الأجهزة الأمنية تحديد الحالات لاعتماد التدبير رقم 1 أو 2 أو 3 بحسب واقع الخدمة.

وترافق ذلك مع إعلان هيئة التنسيق النقابية تأجيل الاعتصام الذي كان مقررا امس في ساحة رياض الصلح المطلة على السراي الكبير، حيث ينعقد مجلس الوزراء، بعد تأجيل الجلسة الوزارية، لكنها أوصت بالاستمرار في الإضراب، وطلبت من الأساتذة والمعلمين والموظفين والمتقاعدين البقاء على جاهزية تامة للتحرك وصولا الى الإضراب المفتوح يوم غد الاثنين.

ومن جهتهم، العسكريون المتقاعدون، أكدوا الاستمرار في التصعيد المفتوح، لافتين الى انهم في حالة الدفاع عن النفس، معتبرين ان اللعب بحقوق العسكريين العاملين او المتقاعدين خط احمر.

ويستأنف مجلس الوزراء جلساته المخصصة للموازنة في التاسعة والنصف من مساء اليوم الأحد حتى موعد السحور، وإذا لم ينجز كامل بنود الموازنة، يتابع جلساته اعتبارا من الحادية عشرة من قبل ظهر غد الاثنين.

بدوره وزير الخارجية جبران باسيل عرض موضوع الموازنة على رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقال بعد اللقاء، ثمة تطابق كبير بيننا في الوقت الذي قررت فيه الدولة أن تحسم أمرها وتجري إصلاحاتها، بالتقشف ومعالجة التهريب والتهرب ومعالجة خدمة الدين، وإقناع الرأي العام بهذه الموازنة الاستثنائية، وإلا فإننا ذاهبون الى الفشل مع البلد. أما الرئيس بري فقد اشترط خفض العجز الى 9% وإلا فالأفضل عدم إحالتها الى مجلس النواب.

غير أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، اعتبر أن المس برواتب صغار الموظفين أو ذوي الطبقات المتوسطة يقع في خانة الممنوعات وأبدى الخشية من أن يقع كل فريق في حماية قطاع معين يعفيه من المساهمة في سلة الحلول الإنقاذية، لأسباب طائفية او سياسية، لأنها معادلة خطيرة.

مصادر سياسية متابعة، لاحظت ان الموازنة لم تقترب بعد من مصادر الهدر الأساسية في المؤسسات والمجالس والهيئات الناظمة، وهي توقعت الأسوأ عندما يكتب للنفط والغاز ان يخرج من باطن الأرض أو جوف البحر في ظل التركيبة السياسية المحاصصاتية القائمة!

بواسطةعمر حبنجر
مصدرالانباء الكويتية
المادة السابقةشابة “انتحارية” حاولت فتح باب طائرة أميركية خلال هبوطها
المقالة القادمةهل تلعب الصين أوراقها الأخيرة لتقليم أظافر ترامب؟