أممت ألمانيا شركة يونيبر، أكبر مستورد للغاز في البلاد، ووضعت بريطانيا حدا لتكلفة الجملة للكهرباء والغاز للشركات، في أحدث تحركات أوروبا للإبقاء على الأضواء وتشغيل أجهزة التدفئة هذا الشتاء مع تصاعد الحرب في أوكرانيا.
وزاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من آلام الأسعار في أسواق الطاقة العالمية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز بإعلانه عن تعبئة عسكرية جزئية، مهددا بتضييق إمدادات الوقود العالمية بشكل أكبر.
وارتفعت أسعار الغاز والطاقة الأوروبية بشكل صاروخي، حيث خفضت موسكو صادرات الوقود ردا على العقوبات الغربية على غزوها لأوكرانيا، مما ترك المستهلكين يكافحون مع فواتير مرتفعة للغاية فيما تكافح المرافق مع أزمة السيولة.
وقال وزير المالية البريطاني كواسي كوارتنغ تعليقا على أحدث قرارات الحكومة “تدخلنا لوقف انهيار الشركات وحماية الوظائف والحد من التضخم”.
وفي حين أن العديد من الشركات تتصارع مع فواتير أعلى، فقد انهار أكثر من 20 مزودا بريطانيا للطاقة، وانهار العديد منهم لأن سقف الأسعار الذي تفرضه الحكومة منعهم من نقل التأثير الكامل لارتفاع تكاليف الوقود إلى المنازل.
وارتفعت أسعار الغاز الأوروبية الأربعاء، بعد إعلان بوتين، لتصل إلى 212 يورو لكل ميغاواط / ساعة. ولا تزال أقل من ذروة هذا العام عند حوالي 343 يورو لكنها أعلى بأكثر من مئتين في المئة عن العام الماضي. بينما ارتفعت أسعار النفط بنسبة اثنين في المئة.
ومنذ يونيو الماضي اضطرت بعض المصانع الأوروبية التي كانت تعتمد منذ فترة طويلة على الطاقة الروسية منخفضة التكلفة إلى إغلاق أبوابها على خلفية ارتفاع الأسعار عالميا.
وبسبب التكاليف الباهظة والمخاوف من قطع روسيا للإمدادات تعرضت الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل تلك المتخصصة في صناعة الصلب والكيماويات والأسمدة لانتكاسة لم تكن في حسبانها، مما قد يتسب لها في خسائر أو قد تتعرض للإفلاس.
ويؤكد خبراء أن ارتفاع تكاليف الطاقة، الناجم جزئيا عن الحرب في أوكرانيا، يجعل من الصعب على المصانع الأوروبية التنافس مع البلدان التي تنخفض فيها أسعار الطاقة.
وقالوا إن الغاز الطبيعي الآن أكثر تكلفة بثلاث مرات في أوروبا مما هو عليه في الولايات المتحدة.
والاتحاد الأوروبي، الذي كان يعتمد في السابق على روسيا في توفير 40 في المئة من احتياجاته من الغاز، في سباق مع الزمن للعثور على إمدادات بديلة.
وقال وارن باترسون، رئيس أبحاث السلع في آي.إن.جي لرويترز “يمكن أن تؤدي الخطوة الروسية إلى دعوات لاتخاذ إجراءات أكثر عدوانية ضد روسيا فيما يتعلق بالعقوبات من جانب الغرب”.
وتعد شركة يونيبر الألمانية، التي كانت تعتمد بشدة على واردات الغاز الروسي، من بين الضحايا الأكثر بروزا، حيث تواجه أزمة سيولة إذ أغلقت روسيا الصنبور وأدت إلى ارتفاع الأسعار.
وبعد أن ثبت عدم كفاية الجهود المبذولة لدعم المرافق بضخ نقدي بمليارات اليوروهات، وافقت الحكومة على شراء الحصة المتبقية المملوكة لشركة فورتوم الفنلندية للحفاظ على استمرار عمل الشركة، مما منح الدولة حيازة 99 في المئة من أسهمها.
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك “ستبذل الدولة كل ما في وسعها للحفاظ على استقرار الشركات دائمًا في السوق”، معلنا عن تحرك يونيبر وخطوات أخرى لمساعدة ألمانيا على تجنب تقنين الطاقة هذا الشتاء.
وقالت يونيبر إن الاتفاقية تتضمن ضخ 8 مليارات يورو (7.94 مليار دولار) في خطوة ترفع إجمالي ضخ الحكومة لرأس المال حتى الآن إلى 29 مليار يورو على الأقل.
وكانت ألمانيا أكثر اعتمادًا من دول أخرى في أوروبا على الغاز الروسي الذي يتم توفيره في الغالب عبر خط أنابيب نورد ستريم 1.
وأوقفت روسيا التدفقات عبر خط الأنابيب، وألقت باللوم على العقوبات الغربية في عرقلة العمليات. بينما يتذرع السياسيون الأوروبيون ويقولون إن موسكو تستخدم الطاقة كسلاح.
ووضعت الحكومة الألمانية بالفعل شركة غازبروم جرمانيا، وهي وحدة تابعة لشركة غازبروم المملوكة للدولة، وإحدى الشركات التابعة لشركة النفط الروسية روسنفت، تحت الوصاية، وهو تأميم فعلي. كما طلبت الشركات الصغيرة المساعدة.
وقال ماركوس رورام الرئيس التنفيذي لشركة فورتوم إن “بيع حصة الشركة في يونيبر كان خطوة مؤلمة ولكنها ضرورية”، مضيفا أن الشركة الحكومية خسرت حوالي 6 مليارات يورو من خلال استثماراتها في يونيبر.
واستمر تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا ولكن بمستويات أقل. وقالت غازبروم إنها ستشحن 42.4 مليون متر مكعب من الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا الأربعاء بما يتماشى مع الأيام الأخيرة.
وتوقفت تدفقات الغاز المتجهة شرقا عبر خط أنابيب يامال – أوروبا إلى بولندا من ألمانيا يوم الأربعاء ، بينما ظلت الإمدادات الروسية عبر أوكرانيا مستقرة.
وفي الولايات المتحدة، اقترح أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون والجمهوريون الثلاثاء الماضي أن تستخدم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عقوبات ثانوية على البنوك الدولية لتعزيز خطط دول مجموعة السبع للحد الأقصى لأسعار النفط الروسي.
وقالت موسكو إنها ستقطع كل تدفقات النفط والغاز إلى الغرب إذا تم تنفيذ هذا السقف.
وجاءت الخطوة التي اتخذها المشرعون الأميركيون قبل ساعات من أمر بوتين بأول تعبئة لروسيا منذ الحرب العالمية الثانية، محذرا دول الغرب من أنه إذا واصلت ما أسماه “ابتزازها النووي”، فإن موسكو سترد بترسانتها الضخمة.
وحظرت عدة دول واردات النفط الخام والوقود الروسي، لكن موسكو تمكنت من الحفاظ على إيراداتها من خلال زيادة مبيعات الخام إلى آسيا.