أيتها المصارف… اسمعي من حنا البيطار

سُجّل إنجازٌ أساسي في قضية المودعين، حيث أصدرت القاضية زلفا الحسن حكماً قانونياً يُلزم مصرفاً بدفع كامل وديعة المدّعي بالدولار الاميركي نقداً. وأهمية هذا الحكم انّه خلق تغييراً جوهرياً في مواقف القضاة الذين باتوا يستشعرون الظلم الواقع على المودعين. فأحكام من هذا النوع ستضع المصارف امام مسؤولياتها تجاه المودعين.

يناضل المحامي حنا البيطار يومياً ليبقي قضية المودعين حاضرة، متعهداً انّ جنى أعمارهم وتعبهم لن تذهب هدراً في المصارف الاوروبية وفي جيوب اصحاب المصارف، مؤكّداً انّ العدالة انتصرت في 9 أيار 2024 (اي تاريخ صدور الحكم) ولن تُهزم بعد اليوم ابداً.

يعرف حنا البيطار قصة المودع، من فنى عمره في الخارج ليجمع امواله ويعيش حياة كريمة، هو يرى المودعين كل يوم، من فَتَك به المرض وهو غير قادر على تأمين العلاج، من فَقَد القدرة على تعليم اولاده، من يشحد مبلغ الـ400 دولار من المصرف، وهي لا تكفيه ليؤمّن حياة كريمة، كل هؤلاء لن ينسوا مصائبهم، باتت القضية أبعد من مجرد وديعة في المصرف، باتت قضية كرامة وظلم، حتى بات كل مودع يحمل في قلبه رغبة بالثأر ممن سبّبوا مصائبه وآلامه، وكما يصفها البيطار «الدفاع المشروع عن النفس» (المادة 184 من قانون العقوبات).

لن ينسى هؤلاء ما مرّوا فيه، لن ينسى الابن انّ والده لم يتمكن من المعالجة الطبية لأنّ المصرف بحجزه للوديعة أفقده فرصة الحياة، هؤلاء لن يتركوا حقهم القانوني والمعنوي. وبالتالي، على المصارف ان تدرك انّ بتجاهلها حقوق المودعين تؤسس لغضب عارم، ستبقى تبعاته تلاحقهم الى اولاد اولادهم، وستبقى الكوارث التي تسبّبوا بها تؤرقهم يوماً بعد يوم.

على المصارف اليوم ان تسمع من حنا البيطار، وان تتعاون معه بطريقة شفافة وكاملة تحت شعار «إنصاف المودعين»، والتعاون يكون عبر كشف كل الاوراق لكل مصرف على حدة، وإعادة ما تبقّى لكل مودع والتعاون عبر تشكيل فريق قانوني يقاضي الدولة في ما اهدرته وهي مسؤولة عنه.

لم يعد مقبولاً من المصارف التصرّف بسلبية تجاه المودعين.. لا تورثوا أولادكم صيت المال المنهوب، فالأعمال السيئة تلاحق أصحابها، والناس ذاكرتها حيّة، خصوصاً من خسر جنى عمره ومستقبل اولاده، ومن جاع وتّم إذلاله بسبب أفعالكم.

ستلاحقكم عدالة الارض، اما عدالة السماء فهي شيء آخر.

ونعيد على مسامعكم قصة إبريق الزيت، اي اهمية إقرار قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة لكي لا تتكرّر هذه المآسي.

 

مصدرالجمهورية - فادي عبود
المادة السابقةالحجوزات تجاوزت المتوقّع
المقالة القادمةلا إصلاحات ولا مصلحين: خلاصة زيارة وفد صندوق النقد