قرر المجلس الدستوري بالاكثرية، إبطال بعض المواد في قانون الموازنة العامة للعام 2022. والمواد المبطلة هي 16 و21 و32 و89 و119 لعدم دستوريتها. وإبطال عبارة «الفئات المعفاة منه» الواردة في المادتين 53 و54. ورد المجلس طلب إبطال القانون المطعون فيه لمخالفته المواد 32 و83 و84 و87 من الدستور. وعن أبرز المواد المبطلة جاء ما يلي:
رفض إجراء تسوية على ضرائب غير مسددة
مخالفة المادة 21 من القانون المطعون فيه مبدأي المساواة والعدالة الاجتماعية، ومخالفتها قوة القضية المحكمة لقرارات المجلس الدستوري والزاميتها، وانتهاكها لمبدأي استقلالية القضاء والفصل بين السلطات، فضلاً عن مخالفتها لأحكام المادة 83 من الدستور كونها من فرسان الموازنة:
حيث ان المادة 21 من القانون المطعون فيه تنص على اجراء تسوية على التكاليف غير المسددة المتعلقة بضريبة الدخل وبالضريبة على القيمة المضافة عن أعمال العام 2020 وما قبل، المعترض عليها أمام لجان الاعتراضات والتي لم يتم البت بها لغاية 31/3/2022، بحيث تحدد قيمة التسوية بخمسين بالمئة من قيمة الضرائب المعترض عليها فقط دون غرامات التحقق والتحصيل التي كانت متوجبة أو إذا كان قد تم تقسيط هذه الضريبة، فيحسم الجزء المسدد منها سابقاً،
وحيث ان التسوية الضريبية المنصوص عليها في المادة 21 المذكورة أعلاه، أعفت مكلفين تخلفوا عن القيام بواجبهم بتسديد الضرائب المفروضة عليهم بموجب القانون، من جزء من هذه الضرائب، بينما سدد المكلفون الذين هم في موقع قانوني مماثل لهم الضرائب المتوجبة عليهم بكاملها التزاماً منهم بتنفيذ القانون،
وحيث انه ينبغي التقيد بمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين بدون تمييز او تفضيل وفق ما جاء في الفقرة (ج) من مقدمة الدستور، ووفق ما نصت عليه المادة السابعة من الدستور التي جاء فيها «ان كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم»،
وحيث ان الدستور، في الفقرة (ج) من مقدمته، جعل العدالة الاجتماعية والمساواة ركنين من أركان الجمهورية الديمقراطية البرلمانية اللبنانية،
وحيث ان نص المادة 21 من القانون المطعون فيه، لم يميز بين اللبنانيين وحسب، انما ميّز بينهم لصالح متخلفين عن القيام بواجبهم بتسديد الضرائب المتوجبة عليهم بموجب القانون، وأعفاهم من جزء منها، بينما التزم مواطنون، في موقع قانوني مماثل لهم، بتسديد ما عليهم ضمن المهل المحددة،
وحيث ان التسوية الضريبية المنصوص عليها في القانون المطعون فيه تتعارض مع مفهوم العدالة الاجتماعية لانها لم تساوِ بين المواطنين في استيفاء الضرائب والرسوم، وانتهكت بالتالي مبدأ العدالة الاجتماعية،
وحيث ان التسوية الضريبية، كما وردت في المادة 21 من القانون المطعون فيه من شأنها تشجيع المواطنين على التخلف عن تسديد الضرائب المتوجبة عليهم، وحمل الذين دأبوا على الالتزام بتأدية واجبهم الضريبي، على التهرب من تسديد الضرائب المتوجبة عليهم، أملاً بصدور قوانين اعفاء ضريبي لاحقاً،
وحيث ان قانون التسوية الضريبية فضلاً عن انه يتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين ومبدأ العدالة الضريبية، فانه يؤدي الى التفريط بالمال العام، وبالتالي زيادة العجز في الموازنة العامة، في وقت تزاد فيه الضرائب والرسوم على سائر المواطنين من أجل تغذية الموازنة وتخفيض العجز المتنامي فيها،
وحيث فضلاً عما تقدّم ان ما تضمنته المادة 21 من قانون الموازنة العامة لا علاقة له بالموازنة، لا لجهة تقدير النفقات والواردات، ولا لجهة تنفيذ الموازنة، ولا لجهة مبدأ سنوية الموازنة، وتعتبر بالتالي من فرسان الموازنة،
وحيث ان الجهة المستدعية تدلي أيضاً، ان أحكام المادة 21 المذكورة تمثل استباقاً لقرارات لجان الاعتراضات على الضرائب وتسوية لنزاعات عالقة أمامها قبل البت بها،
وحيث ان لجان الاعتراضات على الضرائب هي لجان ذات صفة قضائية وفق ما يستفاد من أحكام المادة 100 وما يليها من قانون الإجراءات الضريبية رقم 44 تاريخ 11/11/2008 وتعديلاته،
وحيث ان المجلس الدستوري أخضع اللجان ذات الصفة القضائية بتشكيلها وأعمالها وقراراتها للضمانات المنصوص عليها في المادة 20 من الدستور فارضاً استقلاليتها عملاً بمبدأ الفصل بين السلطات المكرس دستوراً، وفق ما قضى به في القرارين رقم 6/2014، تاريخ 6/8/2014 ورقم 3/2017 تاريخ 30/3/2017،
وحيث ان المجلس الدستوري قضى في قراره رقم 2/2012 تاريخ 17/12/2012، بأنه لا يجوز للسلطة الاشتراعية ان تستبق قرار القضاء بشأن نزاع معروض عليه، ووضع قانون يتناول هذا النزاع، والا كان مخالفاً لمبدأ استقلالية السلطة القضائية ولمبدأ الفصل بين السلطتين الاشتراعية والقضائية،
وحيث ان المادة 21 من القانون المطعون فيه استبقت قرارات هذه اللجان وفرضت تسوية على نزاعات عالقة أمامها، قبل البت بها، مخالفة مبدأي استقلالية القضاء وفصل السلطات المرعيين باحكام المادة 20 من الدستور والفقرة (ه) من مقدمته.
وحيث انه لكل هذه الأسباب تكون المادة 21 مستوجبة الابطال.
تعديل قانون الشراء العام… من فرسان الموازنة
المادة 119 من القانون المطعون فيه أحكام المادة 83 من الدستور كونها من فرسان الموازنة ولا تراعي مبدأ سنويتها:
حيث ان المادة 119 من القانون المطعون فيه نصت على تعديل المواد 46 و101 و60 من قانون الشراء العام،
وحيث ان هذه المواد تتعلق حصراً بقانون الشراء العام وبأمور تنظيمية وإدارية لا علاقة لها بقانون الموازنة،
وحيث ان النصوص التي تعدل قانوناً سبق إقراره، ينبغي أن تنضوي في صلب القانون المعدل كي يسهل الاطلاع عليها، ولا يجوز ان تدس في قانون الموازنة العامة،
وحيث ان قانون الموازنة العامة يختلف بطبيعته عن القوانين العادية، ولا يجوز بالتالي ان تعدل هذه القوانين من ضمنه، لان في ذلك خروجاً على أصول التشريع،
لذلك يقتضي ابطال المادة 119 من القانون المطعون فيه لمخالفتها نص المادة 83 من الدستور، كونها تعتبر من فرسان الموازنة Cavalier budgétaire، ولا تراعي مبدأ سنويتها.
منع وزراء المالية والأشغال من استثناءات اعفاءات
حيث إن المادة 53 من القانون المطعون فيه تترك لوزيري المالية والأشغال العامة والنقل أمر تحديد أصول وطرق وكيفية استيفاء رسم الخروج والفئات المعفاة منه، كما وان المادة 54 من القانون ذاته تترك لوزيري المالية والداخلية والبلديات، بقرار مشترك يصدر عنهما أمر تحديد أصول وطرق وكيفية استيفاء رسم الدخول عن طريق البر، والفئات المعفاة منه،
وحيث ان الاعفاء من الخضوع للضرائب والرسوم يدخل ضمن الميدان المحجوز لدائرة القانون، كما ان تحديد الفئات المعفاة من الرسوم يدخل ضمن اختصاص السلطة المشترعة حصراً بمقتضى المادتين 81 و82، ولا يجوز تفويضه لأية سلطة أخرى أو لأي من الوزراء كما حصل في المادتين 53 و54 المطعون فيهما،
وحيث إنه يقتضي تبعاً لذلك، ابطال وحذف عبارة «والفئات المعفاة منه» الواردة في المادتين 53 و54 من القانون المطعون فيه،
وحيث إن الاعفاء من الخضوع للضرائب والرسوم يدخل ضمن الميدان المحجوز لدائرة القانون، كما ان تحديد الفئات المعفاة من الرسوم يدخل ضمن اختصاص السلطة المشترعة حصراً بمقتضى المادتين 81 و82، ولا يجوز تفويضه لأية سلطة أخرى أو لأي من الوزراء كما حصل في المادتين 53 و54 المطعون فيهما،
وحيث إنه يقتضي تبعاً لذلك، إبطال وحذف عبارة «والفئات المعفاة منه» الواردة في المادتين 53 و54 من القانون المطعون فيه.