إستخدمت الدول والمنظمات الموقِّعة مع لبنان حيلة فتح أبواب البلد لاستيراد منتجات صناعية وزراعية وغذائية مدعوم إنتاجها أو مدعوم تصديرها أو الإثنين معاً، في الوقت الذي كانت مُتيقّنة من عجز لبنان عن دعم إنتاجه أو دعم صادراته. وكانت على يقين كذلك أنّ المسؤولين فيه، من رؤساء وزارات ووزراء اقتصاد ومالية وهيئات اقتصادية ونوّاب وكبار الموظفين، هم إمّا جَهَلة أو مستفيدون من سياسة الإنفتاح بأشكال عديدة.
وبالنسبة لسياسات الدعم المعتمدة في الدول المصدِّرة إلى لبنان، هنالك دعم الولايات المتحدة لإنتاج المحاصيل الزراعية بمبلغ يفوق الـ 110 مليارات دولار سنوياً، ويشمل إنتاج القمح والذرة وفول الصويا والشعير والسورغوم وغيرها. وفي الإتحاد الأوروبي هنالك دعم للإنتاج الزراعي وصل الآن الى 68 مليار يورو سنوياً، ويشمل إنتاج القمح والحليب وزيت الزيتون وغيرها. أمّا في السعودية فهنالك دعم مباشر للأعلاف المستوردة تصل إلى 50% من قيمتها، تشجيعاً للإنتاج الحيواني على اختلافه. أمّا سياسة دعم التصدير فهي معتمدة في الصين وتركيا بواقع 15% وفي مصر بواقع 7%.
مشكلة الدعم هذه لا تقف عند حدّ حجم الإستهلاك المحليّ للدول الداعمة بل تتعداه لتشمل المُصدَّر منه، بحيث يصل الى الدول المستورِدة رخيص الثمن مُقارنة مع كلفة إنتاجه، وبالتالي يجعل الدول المستورِدة عاجزة عن منافسة هكذا منتجات.
قد يكون سبب الدعم في الدول الصناعية وتلك الغنية بالموارد الطبيعية مبرّراً لتشجيع الزراعة أو الصناعة وتوفير المواد المدعومة رخيصة الثمن لمواطنيها، ناهيك عن حجّة الاشراف على مراحل الإنتاج والتأكد من سلامته. لكن أن تشجّع زيادة حجم الإنتاج المدعوم لتصديره، فهذه سياسة استعمارية بامتياز لأنها تغزو الدول غير القادرة على الدعم وتجعلها رهينة لإملاءاتها السياسية والأمنية، خاصة بعد تمكّنها من منعها من الإنتاج الغذائي والدوائي بشكل رئيس.