في 22 نيسان 2024، تلقّت الأمانة العامة لمجلس النواب اقتراح قانون يرمي إلى «تأمين تغطية صحية واستشفائية فعلية للأجراء عبر إتاحة خيار التأمين الخاص»، أي إنه يهدف عملياً إلى إلغاء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، واستبداله بشركات تأمين خاصة. اقتراح القانون موقّع من مجموعة من النواب يقوده على ما يبدو فؤاد مخزومي، وفيها نعمة افرام، ميشال ضاهر، جورج بوشكيان، زياد الحواط، فريد البستاني، محمد سليمان، فريد الخازن، وغيرهم من النواب الذين يمثّلون أصحاب العمل والرساميل في المجلس، بدلاً من تمثيل العموم. وهؤلاء النواب آثروا التحرّك نحو إلغاء الضمان بعد تحرّك مماثل لمجموعة أخرى من هيئات أصحاب الرساميل والعمل لديها تمثيل في لجنة المؤشّر المعنية بتحديد ودراسة سياسات العمل والأجور والأسعار، التي يتمثّل فيها رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت محمد شقير، رئيس جمعية أصحاب السوبرماركت نبيل فهد، نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش، رئيس جمعية تجار بيروت – المصرفي المعروف بـ«أبو رخوصة» نقولا الشماس. في الجلسات الأخيرة للجنة، شنّ هؤلاء هجوماً على الضمان الاجتماعي معتبرين أنه لا قيمة فعلية له طالما أن الأجراء لا يستفيدون منه وأن أصحاب العمل مضطرون أن يشتروا بوالص تأمين للعمال لأن الضمان لا يقوم بوظيفته في التغطية الصحية التي يشترك فيها أصحاب العمل والعمال مقابل اشتراكات مالية.
حصل نقاش واسع في هذه المسألة تحديداً، لكن لم يتبيّن أن اصحاب العمل منتبهون إلى أنهم الجهة التي تعمل من أجل تدمير الصندوق، إذ إن رفض زيادة الأجور وتعديلها بما يتناسب مع تضخّم الأسعار يمنع عن صندوق الضمان إيرادات مالية يفترض أن تُعيد إليه القدرة على التغطية الصحية. وفي الجانب الذي لم يناقشه أصحاب العمل «المتآمرون» على صندوق الضمان، هو أن إدارة الضمان المحسوبة على جهة سياسية هم يحجّون إليها يومياً، لا زالت تمارس دور المتفرّج في الضمان منذ خمس سنوات إلى اليوم. إذ لم تقترح أي تعديل جوهري يكون له صلة في إعادة التقديمات، بل كانت تنتظر تعديلات الأجور لتقول أن الإيرادات الإضافية المتحقّقة ستستخدم في زيادة تعريفات علاج السرطان أو غسيل الكلى أو سواهما. وهذا الأمر أطلق نقاشاً واسعاً في مجلس إدارة الضمان عن مدى شمول التغطية لكل المضمونين والمستفيدين على عاتقهم بدلاً من أن يشمل فقط فئات محدّدة عددها قليل. فمن اللافت أن الاهتمام يجب أن يكون شاملاً وليس فئوياً، ولا يلغي وجود أولويات لفئات على أخرى.
في هذا السياق، لا بدّ من الإشارة إلى أن ما يطلبه أصحاب العمل بات متوافراً مع إنجاز اللجنة الفنية في الضمان دراسة عن إعادة التغطية الدوائية إلى ما كانت عليه سابقاً بكلفة 73 مليون دولار فقط متوافرة لدى الضمان بشكل كامل. كل ما يتطلّبه الأمر هو اتخاذ قرار في إدارة الضمان ومجلس إدارته باعتماد «أسعار الأدوية الأقلّ كلفة في كل تركيبة عملية». وتنفيذ القرار ليس مسألة صعبة، إذ تقول مصادر مطلعة إنه خلال أسبوعين أو ثلاثة يمكن إعادة تسعير لوائح الأدوية في الضمان وفقاً للتصنيف الجديد واتخاذ مجلس الإدارة قراراً باعتمادها مع تخصيص المبالغ المطلوبة للضمان.